آمنة جبران
أفريقيا برس – المغرب. قيم سعد عبيل، النقابي والحقوقي المغربي وأحد المشاركين في حراك جيل زد، في حواره مع “أفريقيا برس” مسار الاحتجاجات في المغرب ودوافعها ودور النقابات في التعاطي معها.
واعتبر أن “كل حركة احتجاجية هي شريكة في معركة التحرر والتغيير، حيث إن آلام جيل زد ومطالبه في توفير الصحة والتعليم تعبر عن وجع جماعي، وقد نزل بدوره إلى الشارع احتجاجا على تردي الأوضاع، إيمانا بأن النضال مسار مستمر وليس وليد لحظة”.
وبرأيه “لا يمكن التنبؤ بمستقبل الحركة، لكنها قادرة على انتزاع مكاسب اجتماعية إذا حافظت على نفس الزخم والوعي. أما تحولها إلى قوة سياسية منظمة فسيظل رهينا بتحديد موقف واضح من طبيعة النظام السياسي القائم”.
ولفت إلى أن “أغلب المركزيات النقابية تعيش حالة جمود واستسلام أمام السياسات التخريبية التي تستهدف الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وقد بقيت خارج حراك جيل زد، في حين اختار الحراك أن يكون بعيدا عن الوساطة النقابية والحزبية التقليدية وممارسة السياسة من الشارع”.
وسعد عبيل هو مناضل سياسي وحقوقي ونقابي مغربي، وهو متابع على خلفية احتجاجات شباب جيل زد.
كيف تقيم دور النقابات المغربية في التعاطي مع الاحتجاجات الاجتماعية التي اندلعت مؤخرا؟
كما يعلم كل متتبع للشأن النقابي بالمغرب، تعيش أغلب المركزيات النقابية حالة جمود واستسلام أمام السياسات التخريبية التي تستهدف الحقوق الاجتماعية والاقتصادية. في ظل هذا السياق لم يكن مفاجئا أن تظل هذه المركزيات، أو حتى النقابات القطاعية، خارج الاحتجاجات التي قادها شباب جيل Z، باستثناء الجامعة الوطنية للتعليم FNE – التوجه الديمقراطي، وقطاعها الشبيبي اتحاد شباب التعليم بالمغرب JEM، اللذين عبرا بوضوح عن دعمهما لهذه الحركة، ودعوا مناضلاتهما ومناضليهما الشباب إلى الانخراط فيها. وقد تمت متابعة ومحاكمة عدد من هؤلاء الشباب بسبب مشاركتهم في هذه الاحتجاجات.
كيف تفسرون بروز حركة “جيل زد 212” بهذه القوة المفاجئة في المشهد الاحتجاجي المغربي؟
تفاقم البطالة، وانهيار الخدمات الصحية، وتراجع جودة التعليم العمومي وغيابه في بعض المناطق، كلها عوامل فجرت هذا الحراك الشبابي، إلى جانب استعمال منصة “ديسكورد” الرقمية التي شكلت فضاء لتنظيم النقاشات وتحديد خطوات الفعل الميداني.
ما الذي يميز احتجاجات جيل Z عن الحركات الاجتماعية السابقة في المغرب؟
تتميز حركة شباب زد عن سابقاتها بـغياب القيادة السياسية التقليدية، واعتماد تنظيم رقمي لا مركزي. ومن أشكال الاحتجاج المبتكرة: عدم ترديد الشعارات أحيانا، والتحرك بأسلوب “خلايا النحل”، وتعدد نقاط الاحتجاج داخل المدينة الواحدة.
هل ترى مطالب المحتجين في الصحة والتعليم والبطالة واقعية وقابلة للتنفيذ؟
رغم الثروات الطبيعية التي يزخر بها المغرب، من الممكن جدا تخصيص موارد كافية لضمان تعليم عمومي جيد وبنية صحية قوية وتوظيف وتكوين للأطر اللازمة. لكن التبعية للمؤسسات المالية الدولية واستمرار الفساد ونهب المال العام تحول دون ذلك، ما يجعل الاستجابة لمطالب الشباب، التي هي في الأصل مطالب كل الشعب، أمرا صعبا داخل هذا المسار السياسي.
هل ترى أن جيل Z يرفض الوساطات الحزبية التقليدية؟ وما البديل الذي يطرحه؟
اختار جيل زد رفض الوساطة الحزبية التقليدية وممارسة السياسة من الشارع، وكلما اتسع حجم الاحتجاج كان أثره أقوى. ورغم وجود محاولات تواصل مع النقابات، يبقى أغلب المحتجين خارج أي تنظيم نقابي لأنهم تلاميذ وطلبة ومعطلون، في ظل غياب نقابة للطلاب أو للتلاميذ أو للمعطلين. بالمقابل، تلعب الجمعيات الحقوقية، وعلى رأسها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (AMDH)، دورا مهما في الدعم الحقوقي والنفسي والمادي للمعتقلين وللمتابعين في حالة سراح وعائلاتهم.
ما السيناريوهات المحتملة إذا استمرت الاحتجاجات بنفس الزخم؟ وهل تتوقعون تحولها إلى حركة سياسية منظمة؟
لا يمكن التنبؤ بمستقبل الحركة، لكنها قادرة على انتزاع مكاسب اجتماعية إذا حافظت على الزخم والوعي. أما تحولها إلى قوة سياسية منظمة فسيظل رهينا بتحديد موقف واضح من طبيعة النظام السياسي ومن الملكية، وهو أمر قد يصعب الإجماع حوله داخل صفوف الشباب، وهو سابق لأوانه.
ما الرسالة التي توجهونها لجيل Z من موقعكم كنقابي مغربي؟ وهل ترون فيهم شركاء أم خصوما في معركة التغيير؟
رسالة إلى شباب جيل زد: لست من جيل Z، لكن قضاياكم قضاياي. الصحة والتعليم والشغل والسكن وغلاء الأسعار ليست آلام جيل واحد، بل وجع جماعي. نزلت إلى الشارع احتجاجا على هذه الأوضاع قبل خروجكم، وما زلت أؤمن أن النضال مسار مستمر لا لحظة عابرة. لا أحمل المسؤولية لرئيس الحكومة ولا لحكومات تتعاقب داخل المنطق نفسه، لأن أصل الأزمة يكمن في طبيعة النظام المخزني الذي يحافظ على مصالح الكتلة الطبقية السائدة بدعم خارجي. لا تضيعوا طاقتكم في مطالب جزئية لا تمس جوهر معاناتكم. آمنوا بالتغيير الجذري، واعملوا على وعي سياسي وتنظيم صلب وإرادة لا تلين. أخيرا: كل حركة احتجاجية شريكة في معركة التحرر والتغيير.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس





