صرخة من أطراف المغرب ضد التهميش والإقصاء

0
صرخة من أطراف المغرب ضد التهميش والإقصاء
صرخة من أطراف المغرب ضد التهميش والإقصاء

أفريقيا برس – المغرب. في الوقت الذي كان فيه رئيس الحكومة المغربية يستعرض الإنجازات المحققة في قطاع الصحة بالمغرب خلال جلسة عمومية بالبرلمان المغربي، كان سكان وأهالي جبال الأطلس يعدّون العدة لمسيرة حاشدة من أبرز مطالبها توفير طبيب رئيسي في المركز الصحي، وتجهيز هذا الأخير بالمعدات والتجهيزات والأدوية اللازمة، وتحسين الولوج للخدمات الصحية وتقريبها إلى السكان وتوفير سيارة إسعاف.

وخرج العشرات من المواطنين القاطنين بقرى منطقة “آيت بوكماز” بإقليم أزيلال، في مسيرة احتجاجية حاشدة سيراً على الأقدام متجهين نحو مقر ولاية محافظة “بني ملال – خنيفرة”، احتجاجاً على ما وصفوه بـ”الإقصاء والتهميش” الذي تعاني منه المنطقة منذ سنوات، مطالبين بفك العزلة وتحقيق العدالة المجالية وتحسين البنية التحتية والخدمات الصحية والتعليمية.

ومنذ الأربعاء، بدأ المحتجون في المسير، مطلقين على مسيرتهم “طريق المعاناة نحو الكرامة”، حيث قطعوا عشرات الكيلومترات بين تضاريس جبلية وعرة وممرات ضيقة وفي درجات حرارة مرتفعة.

ويطالب المحتجون بمطالب أساسية تتمثل في إصلاح وتهيئة الطريق الجهوية 302 (تيزي نترغيست) والطريق 317 (آيت عباس) وتوفير وسائل المواصلات العامة كمطلب أساسي لفك العزلة على المواطنين والمرضى والنساء الحوامل وتوفير النقل المدرسي لمحاربة انقطاع الأطفال عن التعليم، إلى جانب توفير طبيب قار في المركز الصحي المحلي وتحسين الولوج للخدمات الصحية وتقريبها إلى الساكنة وتوفير سيارة إسعاف.

المحتجون الذي قضوا ليلتهم الأولى في العراء، قبل أن يستأنفوا من جديد مسيرتهم صباح أمس الخميس يدعون إلى توفير تغطية شاملة لشبكة الهاتف والإنترنت، وإحداث ملاعب القرب وفضاءات خاصة بالشباب. كما يطالبون بفتح مركز تدريب في المهن الجبلية، بما يتماشى مع خصوصيات المنطقة ويوفر فرص عمل محلية، وبناء مدرسة بلدية للتشجيع على الدراسة خاصة في وسط الفتيات، وبناء سدود تلية لحماية الهضبة من الفيضانات، وربط القرى بشبكة الماء الصالح للشرب.

المسيرة الاحتجاجية التي تمت محاصرتها من طرف السلطات الأمنية خلال يومها الأول، قبل أن يصدح المحتجون بشعارات “سلمية سلمية”، لاقت تفاعلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، وأعرب عدد من النشطاء والجمعويين والمواطنين عن تضامنهم مع مطالب الساكنة، داعين إلى الاستجابة لها باعتبارها تصب في أبسط حقوق المواطنين.

وأفادت مصادر إعلامية محلية أن خالد تيوكين، رئيس المجلس الريفي لقرية أيت بوكماز، قاد بنفسه المسيرة الاحتجاجية مشيًا على الأقدام رفقة الساكنة نحو مقر جهة بني ملال خنيفرة، للمطالبة بالعدالة المجالية وإنصاف المناطق الجبلية، ووصفت المصادر الخطوة بكونها “نادرة وجريئة وتترجم تلاحم المسؤول مع هموم المواطنين، وتبعث برسالة قوية ضد التهميش والإقصاء”.

وفي بيان لها، عبرت “فدرالية اليسار الديمقراطي – فرع أزيلال” عن تضامنها المبدئي واللامشروط مع ساكنة أيت بوكماز، مؤكدة أن هذه الخطوة النضالية تعكس عمق المعاناة اليومية للسكان، وتعد امتدادا طبيعيا لحركة اجتماعية تطالب بحقوق أساسية من قبيل الربط الطرقي، والخدمات الصحية، والبنية التحتية الرقمية، وفرص العمل والتدريب.

وأشار البيان إلى أن المنطقة تحولت إلى مرآة تعكس فشل النموذج التنموي المفروض من فوق، والذي ـ بحسب وصف الفدرالية ـ “يجهز على الحقوق الأساسية ويعمق الفوارق، من خلال تهميش البنية التحتية وحرمان شباب المنطقة من الفضاءات الضرورية للحياة الكريمة”.

وانتقدت الهيئة السياسية ما وصفته بـ”منطق التسويف والمماطلة” الذي واجهت به السلطات الملف المطلبي للساكنة، رغم جولات الحوار السابقة، محملة المسؤولية للسلطات الإقليمية والجهوية، وكذا للأحزاب التي تعاقبت على تسيير المجالس المحلية، معتبرة أن “غياب الإرادة السياسية هو ما دفع الساكنة إلى الشارع”.

ودعت الفدرالية إلى الاستجابة الفورية للمطالب الحيوية، وعلى رأسها إصلاح وتعبيد الطريقين الجهويتين 302 و317، وتوفير طبيب قار للمركز الصحي وتجهيزه، وتعميم التغطية الهاتفية والرقمية، إلى جانب إحداث مشاريع مهيكلة تستهدف إدماج شباب المنطقة، عبر خلق مركز للتكوين، وبناء المدرسة البلدية، وتشييد فضاءات رياضية وشبابية، وإنشاء سدود تلية لحماية الأراضي.

من جهتها، سجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تضامنها المطلق واللامشروط مع مطالب الساكنة، مطالبة السلطات بفتح حوار جدي يفضي إلى تحقيق جميع المطالب الاجتماعية دون قيد أو شرط.

وطالبت الجمعية الحقوقية، عامل (محافظ) إقليم أزيلال بالجلوس الفوري لطاولة الحوار مع كل المتضررين من أجل رفع العزلة والتهميش والإقصاء، خاصة المناطق التي تعاني من الحرمان من أبسط حقوق العيش الكريم. كما حمل البلاغ المسؤولية للسلطات في حال تم اعتماد المقاربة الأمنية ضد المحتجين عوض تحقيق مطالبهم الاجتماعية والنهوض بأوضاع إقليم أزيلال على جميع المستويات.

إلى ذلك، أعلن حزب “النهج الديمقراطي العمالي” في محافظة بني ملال خنيفرة، عن تضامنه الكامل مع ساكنة آيت بوكماز، وعبَّر عن اعتزازه بتلاحم الجماهير الشعبية حول مطالبها، وبديناميتها النضالية التي تعكس وعيها المتزايد بحقها في العيش الكريم وفك العزلة عن منطقتها.

وأدان “النهج الديمقراطي العمالي” ما وصفه بـ”محاصرة الدولة عبر سلطاتها بإقليم أزيلال للمحتجين”، في محاولة لمنعهم من مواصلة مسيرتهم، معتبراً أن هذه الممارسات تتنافى مع الحق الدستوري في الاحتجاج والتعبير السلمي. وطالب الحزب في بيانه بالاستجابة الفورية لمطالب الساكنة، داعيا في الوقت ذاته إلى مواصلة التعبئة والوحدة والنضال من أجل نيل حقوقهم الأساسية في البنية التحتية والصحة والتعليم والعيش الكريم.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس