عندما تصل مقهى الحافة المنزوي في آخر زقاق يحمل الاسم نفسه بحي مرشان في مدينة طنجة شمالي المغرب؛ تجد الشاب إلياس بوتشضات منهمكا في ترتيب كؤوس الشاي لانه يعمل كنادل في هذا المقهى.
وما هي إلا لحظات حتى يحمل الكؤوس ويبدأ بتوزيعها على السياح من المغاربة والأجانب، ومعها ابتسامة عريضة تليق بالمكان الذي يعود تشييده إلى عام 1921، كما هو مدون على جدرانه. يقوم بهذا العمل منذ ست سنوات بنفس الانطلاق والسعادة حتى أنه لا يفكر في التخلي عنه.
وليس إلياس وحده من تحدوه الرغبة في الاستمرار للعمل هنا، فجلّ العاملين يعتقدون أنهم محظوظون بالعمل في قطعة من تاريخ طنجة.
وإذا كان المقهى قد بلغ من الشهرة ما بلغه حتى أصبح مزارا دائما لكبار المثقفين والأدباء في المغرب والعالم؛ فإن شهرته زادت هذه الأيام بعد إقدام السلطات على هدم بناء شيده المشرف على المقهى بدون الحصول على ترخيص.
خلال زيارتك تلاحظ أن المقهى يحتفظ بطابعه التقليدي منذ نشأته الأولى، رغم أن المشرف عليه اختار بناء مقهى ومطعم جديد بجواره، إلا أنه قرر الحفاظ على طابع الحافة القديم. الا انه ادخل عليه بعض التحسينات تتمثل فقط في إضافة بعض المدرجات وإزالة بعض النباتات كالصبار الذي كان يؤثث المكان، وتعويضها ببعض الأشجار المورقة التي توفر الظلال لرواده.
هذا ما يجعل المكان منفرد بطابعه التقليدي المميز اذ إن المقاهي المشيدة بطريقة حديثة منتشرة في المدينة، ولكن الذين يقصدون الحافة يجذبهم الطابع التقليدي للمكان إلى جانب رغبتهم في التمتع بلحظات من الصفاء قبالة البحر وجبال الجنوب الإسباني.
وليس هذا فحسب؛ بل إن المكان بقوة القانون محاط بمجموعة من القيود التي تمنع إدخال أي تغييرات جذرية عليه، دون الحصول على موافقة وزارة الثقافة لكونها المعنية بالحفاظ على الأماكن الأثرية.
وهذه البناية مصنفة ضمن لائحة الآثار، بقرار من وزير الثقافة صدر في الجريدة الرسمية بتاريخ 4 أفريل 2016، إلى جانب عقارات تاريخية أخرى. وبالتالي فإنه لا يمكن إحداث أي تغيير في المكان دون إخطار وزارة الثقافة قبل التاريخ المقرر للشروع في الأعمال بستة أشهر على الأقل.