عن التجنيد الاجباري في المغرب…

23

صادق البرلمان المغربي، أخيرا، على قانونٍ يتعلق بالخدمة العسكرية الإجبارية، بعدما أوقف العمل بالمرسوم الملكي لعام 1966؛ المتعلق بإحداث هذه الخدمة وتنظيمها، في أوت 2006. ويقر القانون الجديد مبدأ إخضاع المغاربة ذكورا وإناثا؛ بلا أي تمييز على عكس القانون السابق، ممن أعمارهم ما بين 19 و25 سنة للخدمة العسكرية، خلال مدة محددة في سنة كاملة، مع إمكانية المناداة على البالغين أكثر من 25 سنة، ممن استفادوا من الإعفاء لأداء الخدمة إلى حين بلوغهم الأربعين.
ويأتي القانون؛ وفق ما جاء في مذكرة التقديم، انسجاما مع مضمون الفصل 38 من الدستور الذي ينص على وجوب مساهمة المواطنات والمواطنين في الدفاع عن الوطن ووحدته الترابية تجاه أي عدوان أو تهديد. ورغبة في إذكاء روح الانتماء للوطن، وتعزيز معاني التضحية ونكران الذات. ويظل هذا الكلام وغيره مما قيل في معرض الدفاع عن خيار الخدمة العسكرية للاستهلاك الإعلامي، ففي الكواليس أكثر من رواية بشأن عودة التجنيد الإجباري، بشكل غريب ومفاجئ من الناحية الزمنية والمسطرية معا.

وتجدر الإشارة الى أن مسار هذا القانون في مجلسي البرلمان يطرح أكثر من استفسار، فالمفروض أن يُحال مشروع القانون، بحكم الاختصاص، على لجنة الخارجية والدفاع الوطني، لكن مكتب مجلس النواب فضل إحالته على لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، بدعوى الارتباط القوي لمضامين النص بحقوق الإنسان، بيد أن التبرير نفسه رفضه مكتب المجلس، حين قرّرت اللجنة إحالة المشروع على المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، لتقديم الرأي، وتعميق النقاش العمومي بشأنه.
وقد استدعى هذا الأمر نهج خيار الإلزامية، حتى تتمكّن المؤسسة العسكرية من اختيار أفضل العناصر لتعزيز صفوفها، قصد بلوغ الاحترافية المنشودة. وبالموازاة مع ذلك، توفير خزان من الموارد البشرية المؤهلة لباقي الأجهزة الأمنية (الشرطة، الدرك، القوات المساعدة، إدارة السجون…) التي تشكل العمود الفقري للدولة/ السلطة. وقد يتعدى الأمر دائرة الأمن؛ استنادا للقانون نفسه، لكي يمتد إلى باقي القطاعات، حيث سيتيح التجنيد الإجباري للدولة إمكانية التدخل في كل المجالات، بإعادة تدوير المجندين ممن لهم خبرات ومؤهلات مهنية أو تقنية في أماكن الخصاص، وهو ما يعرف في السابق بالخدمة المدنية.