فنانة تطلق نداء استغاثة بسبب تعاطي المخدرات بطنجة

2
فنانة تطلق نداء استغاثة بسبب تعاطي المخدرات بطنجة
فنانة تطلق نداء استغاثة بسبب تعاطي المخدرات بطنجة

أفريقيا برس – المغرب. في قلب مدينة طنجة، وبالضبط في فيلاسكيز، أحد الشوارع المعروفة وسط المدينة، تعيش فنانة تشكيلية تدعى سناء العلمي، منذ نحو خمسة أشهر، إلى جانب جيرانها كابوسا يوميا، فالحيّ الذي اختارته لتعيش فيه بسلام تحول إلى نقطة تجمع مفتوحة لمتعاطي المخدرات القوية، لتجد نفسها شاهدة يومية على مشاهد صادمة من نافذة منزلها المطل على الشارع.

من حيّ هادئ إلى بؤرة لتعاطي المخدرات

وتحكي سناء خلال حديثها مع يابلادي، بأسف واضح “أصبحنا كل يوم نرى وجوها جديدة، ومن مختلف الفئات العمرية، تتراوح بين 16 سنة فما فوق، بينهم فتيات ونساء”.

“الفظيع أن بعضهن يمارسن الدعارة قرب الحديقة بجانبنا، من أجل الحصول على المال وشراء المخدر. هناك أيضا نساء حوامل، وأخريات يتعاطين المخدر أمام أطفالهن، كل هذا أشاهده بشكل يومي وقلبي يحترق”.

سناء العلمي وبحسب الفنانة التشكيلية، فإن بعض هؤلاء المتعاطين من طنجة، لكن “الأغلبية يأتون من مدن أخرى”، ما جعل المكان قبلة مفتوحة لكل من يبحث عن جرعة “البوفا”.

من شرفة منزلها في الحي، ترى سناء كل شيء بوضوح، وتروي أن البائع يأتي كل ليلة على متن دراجته النارية ليزودهم بمخدر “البوفا”، وأضافت “سمعنا أنه يمنحهم في البداية جرعات مجانية مقابل استقطاب زبائن جدد”.

وأكدت أنها تشاهد بعينها كيف يتم تعاطي هذا المخدر؛ إذ “يُسخن في ملاعق تحت النار أو فوق ورق الألمنيوم، باستعمال أقلام وأدوات غريبة”. هذه الممارسات تجري يوميا على بعد أمتار قليلة من منزلها، وأحيانا عند خروجها من منزلها يتسول منها هؤلاء المال لشراء المخدر عندما تصادفهم في طريقها. وتضيف أن المشهد لا يقتصر على التعاطي فقط، بل يخلف وراءه كميات من النفايات وبقايا الأدوات المستعملة، مما جعل الحي يتحول إلى فضاء ملوث وغير آمن.

شكايات وعرائض دون جدوى

أمام هذا الواقع، لجأت سناء العلمي إلى حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي لإطلاق نداءات متكررة تستنجد فيها بالسلطات. وأصبحت تنشر صورا بشكل شبه يومي توثق تلك السلوكيات، في محاولة منها لجذب الانتباه إلى حجم المعاناة التي يعيشها السكان. لكنها لم تكتف بذلك، إذ انخرطت مع جيرانها والتجار في تحرك جماعي، حيث وقعوا عريضة مدعومة بالصور وأودعوها رفقة شكاية لدى وكيل الملك. وتقول إن الوضع تحسن ليومين فقط قبل أن يعود كل شيء إلى سابق عهده.

في أحد الأيام، نشرت الفنانة التشكيلية صورة توثق ما يحدث تحت منزلها على مواقع التواصل الاجتماعي، لتُفاجأ بعد ذلك باتصال يخبرها أن إحدى الفتيات الظاهرات في الصورة تنتمي إلى عائلة معروفة، وكانت تدرس علوم الرياضيات قبل أن تقع في فخ الإدمان. تلك الصدمة، كما تقول، جعلتها تدرك مدى اتساع الكارثة الاجتماعية التي تعيشها مدينتها بصمت.

“بكل صراحة، فقدت القدرة على النوم، وأستيقظ مرارا خلال الليل لأجد المشهد نفسه يتكرر أمام نافذتي، ومع مرور الأيام تتضاعف الأعداد وتزداد المجموعات التي تتردد على المكان” سناء العلمي

كما التقت سناء مؤخرا بـ “القايد” وناشدته لإيجاد حل، وطلبت منه تعزيز التواجد الأمني في المنطقة بعد أن امتدت الظاهرة إلى أحياء مجاورة. كما حاولت التواصل مع إحدى الجمعيات، “”أخبروني أنهم لا يستطيعون مساعدتي في هذه الحالة، وأنهم يقتصرون على نظافة المتشردين.”

وأصرت سناء خلال حديثها قائلة “أنا لا أحتقر المدمنين” لكنها لم تعد قادرة على تقبّل هذا الواقع القاسي الذي حول حياتها اليومية إلى مصدر توتر دائم. فقد كانت تمارس الجري صباحا قبل أن تضطر إلى التوقف خوفا من التعرض لأي خطر. وتشير إلى أنها أصبحت تعاني من اضطرابات نفسية بسبب ما تراه كل يوم، وأضافت بنبرة حزن “أصبحت أراهم في منامي”.

وتعتزم الفنانة التشكيلية، رفقة بعض الجمعيات تنظيم مائدة مستديرة الشهر المقبل لمناقشة سبل مواجهة هذه الظاهرة التي لم تعد تقتصر على حي واحد. وطالبت السلطات لتعزيز الأمن في المنطقة لأن “الأمر أصبح لا يطاق” وبالنسبة إليها، الحل لا يمكن أن يكون أمنيا فقط، بل يتطلب إنشاء مراكز لعلاج المدمنين وإطلاق مقاربة إنسانية تحمي في الوقت نفسه الساكنة من هذا الخطر المتزايد.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس