أفريقيا برس – المغرب. أثار قانون جديد صادق عليه مجلس النواب يوم 13 ماي الماضي، « يسحب » صلاحيات من الخزينة العامة للمملكة التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية ويمنحها إلى المديرية العامة للضرائب، جدلاً بشأن مصير 6000 موظف تابعين للخزينة، بعد نزع نحو 70 إلى 80 في المائة من اختصاصاتها.
يتعلق الأمر بمشروع القانون المتعلق بجبايات الجماعات الترابية، تقدم به وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، وصودق عليه في غرفتي البرلمان، ولم يُنشر بعد في الجريدة الرسمية، وسط أنباء عن رفض نور الدين بنسودة، الخازن العام للمملكة، الاستغناء عن موظفيه بعد « سحب » اختصاصات عديدة من الخزينة العامة.
وأفادت مصادر « اليوم 24 » أن اجتماعاً تقنياً « ماراطونياً » عقدته وزارة الاقتصاد والمالية الأسبوع الماضي على ثلاث مراحل، استبَق نشر القانون الجديد في الجريدة الرسمية، بحضور مسؤولين عن الخزينة العامة والمديرية العامة للضرائب ومديرية الشؤون الإدارية والعامة، وناقش « عملية نقل اختصاصات الخزينة العامة إلى المديرية العامة للضرائب ».
ووفق المعطيات المتوفرة، ترفض الخزينة العامة للمملكة، التي يرأسها نور الدين بنسودة، تفويت موظفيها لصالح المديرية العامة للضرائب، بينما تقول الأخيرة إنها « غير مستعدة حالياً لتسلُّم الاختصاصات الجديدة، بسبب قلة الموارد البشرية ».
والتمست المديرية العامة للضرائب « المزيد من الوقت والتريث في نشر القانون في الجريدة الرسمية، في انتظار إنشاء تنظيم جديد للمديرية قادر على استيعاب الاختصاصات الجديدة »، وفقاً لمنشور يتضمّن خلاصات الاجتماع التقني الذي احتضنته وزارة الاقتصاد والمالية الأسبوع الماضي، اطلع عليه « اليوم 24 ».
ويتضمن مشروع القانون الجديد، الذي قدمه وواكب المصادقة عليه وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، مقتضيات تهم الإدارة التي تتولى تدبير الرسم المهني ورسم السكن ورسم الخدمات الجماعية، وفق مبدأ « من يصدر الجباية هو من يتولى تحصيلها ». ويرى لفتيت أنه « بناء على تقييم المرحلة الممتدة من سنة 2021 إلى الآن، تم اقتراح إسناد إصدار وتحصيل رسم السكن ورسم الخدمات الجماعية إلى نفس الإدارة التي تتولى تدبير الرسم المهني، والمتمثلة في المصالح التابعة لإدارة الضرائب »، ما يعني نزع اختصاصات مهمة من الخزينة العامة للمملكة.
واستغرب البعض موقف الوزراء المسؤولين عن قطاع الاقتصاد والمالية، حيث لم يتدخلوا حتى الآن لوضع حد للإشكالات التي تعيق بدء تنفيذ القانون بصيغته الجديدة، في حال نشره في الجريدة الرسمية ودخوله حيّز التنفيذ.
ويبدو أن الخازن العام للمملكة مصرّ على عدم التخلي عن موظفيه، الذين يُقدّر عددهم بنحو 6000 موظف، عقب نزع القانون الجديد لما بين 70 إلى 80 في المائة من اختصاصات الخزينة العامة، بينما احتفظت بنفس الموارد البشرية. ويضيف المصدر أن « تمسك الخزينة العامة بكل موظفيها لإنجاز ما بين 20 إلى 30 في المائة من الاختصاصات المتبقية، يوحي وكأن مهمتي إصدار وتحصيل رسمي السكن والخدمات الجماعية كانتا هامشيتين داخل اختصاصات الخزينة العامة ».
في المقابل، صدرت أوامر إلى الخزنة الجهويين بمباشرة حركة انتقالية للأطر العاملة من القباضات إلى الوكالات البنكية ومصالح النفقات بالخزائن الإقليمية، وهو ما وصفه مصدر تحدث إلى « اليوم 24 » بـ »تهريب الموظفين »، دون « حاجة ملحة لإحداث هذه المرافق الإدارية الجديدة، خاصة في عصر الرقمنة وتبادل الوثائق إلكترونياً ».
كما تخطط الخزينة العامة للمملكة لإنشاء سبع خزائن إقليمية جديدة خلال الأسابيع المقبلة، وأبدى مسؤولو الخزينة مرونة في الاجتماع التقني المشار إليه بشأن التخلي عن موظفين ملحقين من الجماعات الترابية يُقدَّر عددهم بنحو 2700 موظف. غير أن مصدراً للموقع أكد أن « الخزينة ليست بيدها التنازل عن شيء لا تملكه، إذ إن استرجاع موظفي الجماعات الملحقين بالخزينة العامة للمملكة هو من اختصاص الجماعات الترابية المعنية ».
يُذكر أن نور الدين بنسودة كان على رأس إدارة الضرائب ما بين سنتي 1999 و2010، وهي الفترة التي شهدت نقل أكبر عدد من اختصاصات تحصيل رسوم وضرائب الدولة (TVA، IS، IR…) من الخزينة العامة إلى المديرية العامة للضرائب.
وحاول « اليوم 24 » أخذ وجهة نظر الخازن العام للمملكة حول الموضوع، فاتصل الموقع صباح اليوم هاتفياً بنور الدين بنسودة، الذي لم يجب في البداية على المكالمة الهاتفية، قبل أن يعاود الاتصال، وبعد التعرف على الطرف المتصل والهدف من الاتصال، قال بنسودة: « ما الموضوع بالضبط؟ »، وحين أُخبر بالموضوع والأسئلة المطروحة، أجاب قائلاً: « أنا خارج المغرب، أنا خارج المغرب، يمكنكم التواصل مع مسؤولي وزارة المالية »، ثم انقطع الاتصال.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس