يتوقّف العديد من الباحثين عند مساهمات الفيلسوف الأندلسي ابن باجة (1095 – 1138) في ظهور ما يسمى طرب الآلة سواء من خلال عزفه على العود أو في تنظيره حول خصوصية هذا الفن في مؤلّفاته، والتي كانت حاضرة عند انتقاله إلى المغرب العربي بعد حوالي قرن.
تحتضن المدن المغربية العديد من التظاهرات التي تعنى بالموسيقى الأندلسية، والتي تبدو بعضها مجرد استعراض فولكلوري بينما يسعى بعضها الآخر إلى الجمع بين العروض الموسيقية واللقاءات الفكرية، ومنها “مهرجان الطرب الغرناطي” الذي تنطلق فعاليات دورته السادسة والعشرين عند السابعة من مساء السبت المقبل، الرابع والعشرين من الشهر الجاري، في مدينة وجدة لتتواصل ثلاثة أيام.
تهتم الدورة الحالية على مدارس الطرب الأندلسي في المنطقة الشرقية في المغرب، كما أنها تستضيف للمرة الأولى فرق من الجزائر وتونس، حيث ستتوزّع العروض على عدة فضاءات في المدينة، وهي “المعهد الجهوي للموسيقى والرقص”، و”خزانة الشريف الإدريسي”، و”مسرح محمد السادس”، و”المركز الثقافي باستو”.
وتعرف بلدان المغرب ِأنواعاً مختلفة من فن الآلة، وأسماء وأشكالاً متنوعة للمقدمات الموسيقية منها المشالية والبغية والتواشي وغيرها والتي ستكون محور عدة ندوات بالمهرجان لنقاش تحديات هذا الشكل الموسيقي اليوم، كما تقام معارض وورشات تدريبية ومسابقة “عزف وإنشاد الطرب الغرناطي” التي تُعلن نتائجها في الختام.
هذا وتُفتتح العروض بمعزوفات لفرقة “الجمعية الأندلسية للطرب والمسرح والآداب” في وجدة، يليها حفل لفرقة “دار الغرناطية” من الجزائر، والتي تأسّست في مدينة القليعة عام 1972، وتعدّ من أوّل المدن الجزائرية التي أسّسها الأندلسيون عام 1550، وتقدّم الأندلسيات إضافة إلى مقطوعات تنتمي إلى مدارس مختلفة في التراث المغاربي، ثم تؤدي فرقة “الجمعية الموصلية للطرب الغرناطي” من وجدة عدّة أدوار وموشحات.
وتشارك في هذا المهرجان أيضاً فرقة “معهد صفاقس الموسيقي” من تونس، وفرق “جمعية وجدة الألفية” و”جمعية أحباب الشيخ صالح للطرب الغرناطي” و”جمعية السلام لقدماء الطرب الغرناطي” و”جمعية أمجاد للموسيقى والفن” و”أجيال” و”رياض غرناطة للطرب الأصيل” و”الكندي”، و”أحباب الشيخ صالح”، و”الشيخ العبدلاوي مولاي عبد العزيز للملحون” من المغرب.