
أفريقيا برس – المغرب. على الرغم من الحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة بشأن الدعوى القضائية التي رفعتها جنوب أفريقيا على “إسرائيل” وتتهمها فيها بارتكاب “إبادة جماعية” في قطاع غزة، ما زالت قوات الكيان الصهيوني ترتكب مجازر وحشية ولا إنسانية في حق الأهالي في غزة.
وقال القضاة خلال نطق الحكم إنه يتعين على إسرائيل اتخاذ جميع الإجراءات لمنع قواتها من ارتكاب أعمال إبادة جماعية ومعاقبتها على ذلك، بالإضافة إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لتحسين الوضع الإنساني في غزة. وهي الأمور التي لم تلتزم “إسرائيل” بأي منها، بل يرى مراقبون أن الوضع ازداد سوءاً وبات الأطفال والشيوخ يموتون جوعاً بسبب الحصار المضروب والحرمان من الأكل والشرب ومنع دخول المساعدات الإنسانية.
“منظمة “هيومن رايتس ووتش”،أصدرت تقريرا قالت فيه إن “الحكومة الإسرائيلية لم تمتثل لإجراء واحد على الأقل في الأمر الملزم قانوناً الصادر عن محكمة العدل الدولية”.
وأوضحت أنه حتى بعد مرور شهر على الحكم، “لا تزال إسرائيل تواصل عرقلة توفير الخدمات الأساسية ودخول وتوزيع الوقود والمساعدات المنقذة للحياة داخل غزة”.
وأكدت أن ما يجري في غزة هو “أعمال عقاب جماعي ترقى إلى مستوى جرائم حرب، وتشمل استخدام تجويع المدنيين كسلاح من أسلحة الحرب”. مطالبة باقي الدول باستخدام جميع أشكال النُّفوذ، بما في ذلك العقوبات والحظر، للضَّغط على “إسرائيل” للامتثال لأوامر المحكمة الملزمة في قضية الإبادة جماعية.
إيقاظ ضمير العالم عدم التزام “إسرائيل” بالحكم القضائي الصادر عن محكمة العدل الدولية، دفع متابعين إلى التساؤل حول نجاعة مثل هذه التحركات العالمية من أجل متابعة الكيان الصهيوني أمام هيئات أممية.
ما أجاب عنه عبد الفتاح البلعمشي أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة “القاضي عياض” في مراكش، بكون اللجوء إلى العدالة الجنائية الدولية وفق ما يُتيحه القانون الدولي، يبقى أحد الخيارات الضرورية أمام جرائم الحرب الإسرائيلية، خصوصاً في ظل انحباس الأفق السياسي وعجز الدبلوماسية العالمية عن إيجاد مخرج لأكبر عدوان على الشعب الفلسطيني والأكثر دموية مستمر منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وقال متحدثاً لـ “القدس العربي”، إن الخطوات التي تبنَّتها مجموعة من الدول لإدانة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية ينطوي على بعد أخلاقي في إيقاظ الضمير العالمي أكثر منه الوصول إلى نتائج عملية ومباشرة على اعتبار أن قوة الاحتلال لم تلتزم يوماً بتنفيذ أي قرار من قرارات القضاء الدولي أو مجلس الأمن في تحد سافر للمجموعة الدولية وللقانون والقانون الدولي الإنساني، ساعدها في ذلك عدم التوازن الدولي الحاصل الذي يجعل من الإدارة الأمريكية راعية للسياسة الإسرائيلية بلا قيد ولا شرط رغم كل العدوان الحاصل.
وأبرز رئيس “المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات”، أن صدور توصيات من قبل المؤسسات الدولية القضائية منها والحقوقية مثل مجلس حقوق الإنسان، يبقى مسألة ضرورية لفضح هذه الجرائم من جهة، وفي إعطاء معنى لما تراكم من قواعد قانونية لدى الجماعة الدولية ومؤسساتها حفظاً للمبادئ التي تأسست عليها هذه القواعد.
اعتبر المحامي في هيئة الرباط عمر بنجلون أن كل المبادرات الداعمة لفلسطين تحوِّل ميزان القوى لفائدتها، مبرزا أنه لأول المرة يعترف المُنتظم الدولي بجرائم ضد الإنسانية منسوبة للكيان الصهيوني منها الإبادة الجماعية، وذلك من خلال محكمة العدل الدولية التي قالت قولها في ذلك بمبادرة من دولة جنوب إفريقيا.
وحول الخطوات التي يتخذها محامون مغاربة لمتابعة الكيان الصهيوني وإدانته، أفاد المحامي المغربي ضمن تصريح لـ “القدس العربي”، أن مبادرات المحامين المغاربة كثيرة سواء عبر تنظيم الندوات وتقديم شكايات مختلفة ضد التطبيع أو جرائم الحرب حتى قبل “طوفان الأقصى”، لعل آخرها قبول شكاية “اتحاد المحامين العرب” بالمحكمة الجنائية الدولية.
وخلص إلى أن كل “المبادرات مشروعة ومفيدة لاستقلال وحرية الشعب الفلسطيني وفلسطين من الدعاء إلى الاستشهاد”، وفق تعبيره. إلى ذلك، أطلق نشطاء مغاربة حملة عبر منصة “أفاز” لمطالبة السلطات المغربية بإنهاء التطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، لأجل وقف عدوانه المتواصل على قطاع غزة والضفة الغربية، والذي أودى حتى الآن بحياة ما يقرب من 31.000 شهيدة وشهيد.
وقالت العريضة المعنونة بـ “لا للتجارة مع الاحتلال”، الموجهة للسلطات المغربية: “نعلن نحن مواطنين ومواطنات من مختلف أنحاء المغرب، عن تضامننا التام مع الشعب الفلسطيني ورفضنا لاستمرار العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع دولة احتلال تمارس كافة أشكال الفصل العنصري والتمييز بحق الفلسطينيين وتعمل على قتلهم وتهجيرهم وسرقة أراضيهم”.
وأفادت العريضة: “نسألكم اتخاذ موقف بطولي يسجله التاريخ لكم ويتمثل في تجميد جميع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع إسرائيل إلى أن توافق الأخيرة على وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات إلى أهلنا في غزة”.
وقال الموقعون على العريضة الموجهة للعاهل المغربي محمد السادس ورئيس الحكومة عزيز أخنوش، إن “قيام دولة مؤثرة واحدة مثل المغرب باتخاذ خطوة تاريخية مثل تجميد جميع العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، سيساهم في دفع دول أخرى في المنطقة نحو اتخاذ مثل هذا الموقف البطولي، ما سيضع إسرائيل تحت ضغط حقيقي لأول مرة منذ بدء الحرب قبل خمسة أشهر تقريباً”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس