محمد الغفري لـ”أفريقيا برس”: التطبيع تحول إلى تحالف عسكري واختراق لقطاعات الدولة ولا بد من مواجهته

115
محمد الغفري لـ
محمد الغفري لـ"أفريقيا برس": التطبيع تحول إلى تحالف عسكري واختراق لقطاعات الدولة ولا بد من مواجهته

أفريقيا برس – المغرب. أكد منسق “الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع”، محمد الغفري، أن النظام المغربي مصمم على تطوير علاقاته مع الكيان الصهيوني، مشددًا على أن الأمر تجاوز مجرد التطبيع ليصبح تحالفًا عسكريًا. وقال الغفري في حوار مع “أفريقيا برس”؛ إن اختراق الكيان لجميع القطاعات المغربية يتطلب مقاومة فعالة، مضيفًا أن حملات المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية لها تأثير ملحوظ رغم عدم كفايتها. وأوضح أن الشعب المغربي لا يقبل بمجرمين صهاينة يدعون انتماءهم للمغرب، مشددًا على أهمية تعزيز الاحتجاجات الشعبية كوسيلة للإطاحة بالتطبيع، رغم استمرار العلاقات الرسمية.

في الحوار التالي مع “الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع”، يشرح منسقها المناضل محمد الغفري لقراء “أفريقيا برس” حيثيات ومآلات تطبيع الدولة المغربية مع الكيان الإسرائيلي.

وتأسست “الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع”، في مارس 2021، من طرف خمس عشرة هيئة مغربية سياسية ونقابية وحقوقية وشبابية ونسائية وجمعوية، رافضة للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي. من أهمها: الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، والائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، إلى جانب الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب، وجماعة العدل والإحسان، والهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة.

في بلاغكم الصادر بتاريخ 12 أكتوبر، قمتم بشن هجوم عنيف على النظام المغربي، بالقول: “لا زال النظام المخزني مصرا على تطوير علاقاته بالكيان الصهيوني، التي تحولت إلى حماية صهيونية أو استعمار جديد”.. ماذا تقصدون بهذا الكلام؟

نعم، وردت هذه الإشارة في البيان والسبب، أولا، أن الأمر تجاوز حدود التطبيع ليصبح تحالفا عسكريا مع الكيان الصهيوني. ثم ثانيا، أن الكيان الصهيوني تمكن من اختراق جميع القطاعات وكل الوزارات تحابي الصهاينة وتسعى إلى توطيد العلاقة مع الكيان الصهيوني، بمختلف الأشكال وفي شتى المجالات.

في شق مناهضة التطبيع العلمي والأكاديمي، لمع اسم جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بمدينة ابن كَرير، التي تعتبر جامعة أبناء النخبة المغربية.. كيف تقرأون هذا التطور المثير؟

أولا، تحية لطلبة جامعة محمد السادس. وأيضا تحية للجان الوظيفية للجامعة، بمن فيهم “لجنة مناهضة التطبيع التربوي” التي تقوم بعمل تأطيري مهم. أما بخصوص موقف طلبة جامعة محمد السادس فهو نفس موقف أغلب الطلبة المغاربة، الذي لا يختلف عن باقي طلبة العالم، بحيث لا أعتبره تحولا مثيرا. فمن الطبيعي أن أحرار العالم سواء كانوا طلبة أو عمالا، يناهضون الصهيونية ويدينون الجرائم التي يقترفها الكيان الصهيوني. وهذا موقف لا يقبل التمييز بين نخبة أو عامة. فالإنسانية هي الإنسانية بغض النظر عن الانتماء الجغرافي أو الديني أو الطبقي…

هل تنجح حملات المقاطعة التجارية للمنتجات الإسرائيلية في المغرب، كما يحصل في جهات عديدة عبر العالم؟

المقاطعة أمر حاصل في المغرب. طبعا ليست شاملة وليست بالقوة التي نتمنى، ولكن كيف ما كان الحال فإن جميع المنتجات الإسرائيلية التي فضحناها وعرَّفنا بها، سواء في إطار الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع أو في إطار حركة BDS [حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها] أو باقي الهيئات الأخرى المناهضة للصهيونية، قد عرفت تأثرا بالغا في السوق المغربية. وبالتالي، فإن مقاطعة المغاربة للمنتجات الصهيونية هي حقيقة قائمة. ليس بالقوة التي نأملها لكن أثرها محسوس على الشركات التي تنتجها وتسوقها، وهذا هو المهم.

يجري الحديث كثيرا عن الإسرائيليين من أصول مغربية لتبرير التطبيع مع الكيان.. هل حقا يمكن أن يستفيد المغرب شيئا من مزدوجي الجنسية والولاء لهؤلاء؟

لا يمكن للمغرب أن يستفيد ممن كانوا يحملون الجنسية المغربية وأصبحوا اليوم صهاينة. لأنه بكل بساطة لا يمكن أن تستفيد من المجرمين والقتلة والإرهابيين. ما وقع لهؤلاء الذين اكتشفوا اليوم بأنهم “مغاربة”، ويلتفتون نحو المغرب ويقولون عن أنفسهم بأنهم مغاربة، هو أنهم أدركوا بأن أيام الكيان الصهيوني باتت معدودة وهو إلى زوال، لأن القضايا العادلة تنتصر دائما، ولذلك يزعمون بأنهم “مغاربة” حتى يجدوا ملاذا آمنا في المغرب يلجئون إليه. وطبعا الشعب المغربي يرفض أن ينتمي إليه مجرمون وقتلة وإرهابيون صهاينة يدعون أنهم مغاربة.

في ارتباط بالسؤال السابق، تروج حاليا على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لرجال دين صهاينة، يدعون اليهود من العالم أجمع للهجرة إلى المغرب لتأسيس “مجتمع التوراة”، في حال خسرت إسرائيل الحرب الحالية.. في سياق ذلك، تروج دعوات مشبوهة داخل المغرب إلى السلطات، لكي تمنح الجنسية المغربية لجميع اليهود ذوي الأصول المغربية، بمن فيهم الذين سبق لهم أن تخلوا عنها وكذلك الأجيال الجديدة من اليهود من خارج المغرب.. كيف تنظرون إلى هذه التطورات؟

لنميز أولا بين المغاربة اليهود الذي عاشوا في المغرب وظلوا ويعيشون فيه حتى اليوم. هم في بلادهم معززين مكرمين تماما مثل المغاربة المسلمين، لا فرق بين مغربي مسلم وآخر يهودي يعيش في المغرب. لكن الصهاينة الذين يدعون الآن انتماءهم إلى المغرب ويريدون العودة للعيش فيه، نرفض تواجدهم بيننا لأن مكانهم بكل بساطة ─في أي دولة في العالم─ هو السجن عقابا لهم على ما اقترفت أيديهم من جرائم بشعة في حق الفلسطينيين، وليس الحصول على المواطَنة المغربية الكاملة.

أما بخصوص منح الجنسية المغربية لهؤلاء، فهي لا تعدو أن تكون فقاعة سياسية أكثر مما هي مطلب واقعي. لماذا؟ لأنه للأسف، المكتب المغربي في القدس هذه هي مهمته حيث يسلم بطاقة التعريف الوطنية المغربية. وبالتالي فإنهم ليسوا في حاجة إلى مشروع قانون يمنح لأي مواطن مغربي أو لابنه أو حفيده الجنسية المغربية مباشرة. وهذا ما نخشى أنه سوف يحصل ─وهو ما لا نتمناه─ حيث يجب احترام قانون الجنسية المغربي، الذي ينص على أن كل من خدم دولة أخرى وحمل السلاح في جيشها، تسقط عنه الجنسية المغربية ولا يمكن له أن يصبح مواطنا مغربيا.

كشفت معركة “طوفان الأقصى”، ربما لأول مرة، عن وجود مغاربة مساندين لـ”اسرائيل” داخل المغرب، تحت عناوين وشعارات شتى، ويعربون عن موقفهم بصوت عال لأول مرة…

موضوع المغاربة المساندين لإسرائيل، هذا كلام فارق. هم حفنة من المرتزقة من المنتسبين لجمعيات “مُتأمزغة” حتى لا أقول أمازيغية، لأن الأمازيغ المغاربة من أشد المناصرين للقضية الفلسطينية. لكن بعض المسترزقين بهذا الانتماء الأمازيغي استغلهم الكيان الصهيوني، وجندهم لهذه المهمة ولسوء حظهم أنهم فشلوا في استقطاب المغاربة لفائدة الأطروحة الصهيونية، التي سقطت مباشرة بعد 7 أكتوبر 2023 في جميع أنحاء العالم.. بل أول من تصدى لها هم اليهود في نيويورك وواشنطن.

قبل الحرب على غزة، قطع المغرب والكيان الإسرائيلي منذ أواخر 2020 خطوات كبرى وسريعة على درب تطبيع العلاقات.. وحاليا تقوم بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية بتقييم من تضامن معهم ومن خذلهم ومن خانهم، وتتوعد بأن وقت الحساب لم يحن بعد.. برأيك، عندما تضع الحرب أوزارها، ما الذي تتوقع أن يتغير على المستوى الرسمي والشعبي هنا وهناك؟

بعد أن تضع الحرب أوزارها، على المستوى الشعبي لا شيء سوف يتغير. فالشعب المغربي كان وسوف يبقى مساندا للشعب الفلسطيني، ولا يطلب سوى زوال الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية في حدودها الكاملة من النهر إلى البحر. أما على المستوى الرسمي، فإن القرار خاضع دائما لموازين القوى. فقد سبق للمغرب أن سمح بفتح مكتب صهيوني في الرباط [مكتب الاتصال الإسرائيلي الذي يقوم مقام سفارة]، ثم عندما تغيرت موازين القوى أمر بإغلاقه. واليوم إذا كان مفتوحا، فإنهم سوف يضطرون إلى إغلاقه غدا عندما تتغير موازين القوى.

الملاحظ أنه على الرغم من توالي الاحتجاجات والتظاهرات بقوة منذ بداية الحرب على غزة، إلا أن المغرب الرسمي لم يقطع علاقاته بإسرائيل.. لماذا؟

صحيح. رغم توالي الاحتجاجات إلا أن النظام المغربي لم يقطع حتى الآن علاقاته مع الصهاينة، وبالتالي لا زال مسلسل التطبيع مستمرا. ونعتقد بأنه سوف يبقى مستمرا في ظل الزخم الاحتجاجي الحالي الذي نعتبره غير كاف. نحن في حاجة إلى مستوى أعلى من الاحتجاجات وعلى جميع المستويات، حتى نستطيع أن نسقط التطبيع.

كسؤال أخير.. هل يمكن أن تُسقط احتجاجات الشارع التطبيع مع الكيان؟

نعم، من الممكن أن يسقط التطبيع مع الاحتجاج وبالاحتجاج، من خلال الرفع من زخم الاحتجاجات وأيضا من خلال شن إضرابات. فالمعروف أنه في جميع دول العالم، الإضرابات العمالية القوية هي التي تغير القرارات الكبر للأنظمة في بلدانها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس