وزير إسرائيلي ـ عربي في مهمة تجميلية… ورفض نسائي للمصافحة في القدس والمنامة!

5
وزير إسرائيلي ـ عربي في مهمة تجميلية… ورفض نسائي للمصافحة في القدس والمنامة!
وزير إسرائيلي ـ عربي في مهمة تجميلية… ورفض نسائي للمصافحة في القدس والمنامة!

أفريقيا برس – المغرب. طار وزير إسرائيلي إلى المغرب من أجل تجميل صورة الكيان الإسرائيلي. جاء ولسان حاله يردد: أنا وزير منكم، عربي، ومسلم، وفوق هذا وذاك، أجدادي يتحدرون من مدينة سلا المجاورة للعاصمة المغربية الرباط. فماذا تريدون أكثر؟

هو من عرب 48، بمعنى آخر، فلسطيني الجذور؛ ولكنه يتحدث بمنطق المحتل. إنه عيساوي فريج، وزير التعاون الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية الذي أجرت معه قناة “ميدي 1 تي في” حوارا تلفزيونيا منذ ثلاثة أيام، على هامش زيارته إلى المغرب.

“الوزير العربي المسلم”، كما قدّمه منشّط الحوار الإعلامي نوفل العواملة، و”الإسرائيلي وفق الهوية السياسية” كما أصر هو على تقديم نفسه؛ ردد منطق الاحتلال “هذه دولة قائمة الذات، أحببتم أم كرهتم.” واستدرك بالقول “نحن العرب نشكل نسبة 17 في المئة من هذه الدولة”.

لم يكتف بذلك، بل رسم صورة ناعمة عن وزير “الدفاع” في الكيان المحتل، بيني غانتس، بالقول إن له نوايا جيدة وخطوات مهمة. وكاد أن يصيح: صدّقوني يا ناس، هذا الرجل العسكري حمامة وديعة، وليس ثعلبا ماكرا!

اللوم كل اللوم، في نظره، موجه إلى الفلسطينيين والعرب عامة، ممن ما زالوا يرفضون التعامل مع إسرائيل ويعتبرونها عدوا ظالما وكيانا غاصبا: “هناك حقيقة وواقع، يجب أن ننظر إلى الواقع بأعين صادقة.” رسالة الوزير العربي المسلم في الكيان الصهيوني اختصرها في هذا الشعار الذي استمرأه: “عِش الواقع تُحقق أحلاما، عِش الأوهام تَجْنِ الخيبات”، وأخذته العزة بالإثم، فتابع كلامه “كفانا عيش الوهم، هناك واقع، هناك إسرائيل، دولة متقدمة.” ومضى مفسرا “على مدى عشر سنوات، لم يكن هناك أي حراك سلمي في المنطقة، ولكن في السنتين الأخيرتين جرى حراك سياسي مع الإمارات والبحرين والمغرب. وقد أتى بالأمل، وكان على الفلسطينيين أن يكونوا جزءا من هذا الحراك، ومحاولة استمالة الموجة لصالحهم.” واستنتج أن عدم مشاركتهم في هذا الحراك خطأ سياسي.

الخطأ إذن، كما يدعي، في الفلسطينيين، وليس في إسرائيل التي تواصل سياستها الاستيطانية وجرائمها في حق الشعب الفلسطيني، آخرها جريمة اغتيال إعلامية “الجزيرة” الشهيدة شيرين أبو عاقلة!

امرأتان ترفضان المصافحة!

خلال وقت متقارب، رفضت امرأتان مصافحة رجلين في مناسبتين عامتين وفي مكانين متباعدين، لكن لكل منهما أسبابهما الخاصة. الأولى مغنية يهودية في إسرائيل اسمها يوفال ديان، والثانية عربية مسلمة في البحرين اسمها الشيخة مي بنت محمد آل خليفة. الحدث الأول بدا عاديا ومستساغا، أما الثاني فكلّف صاحبته الإقالة من منصبها، دون أن يشفع لها انتماؤها إلى العائلة الحاكمة.

برنامج “فوق السلطة” على قناة “الجزيرة” أفرد جزءا من الحلقة الأخيرة للغوص في دلالات رفض المغنية اليهودية يوفال مصافحة الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال مراسم احتفالية بالمقر الرئاسي في القدس المحتلة، وتساءل: ماذا لو كانت اليد التي أحرجت يد الرئيس يد امرأة مسلمة؟

المغنية اليهودية استندت إلى خلفية دينية وإلى رغبتها في الحفاظ على نمط حياتها من اللمس والاحتكاك الجسدي، فتحاشت مد يدها للمصافحة وتركت يد بايدن ممدودة، غير مبالية بالإحراج الذي تسببت فيه لرئيس أقوى دولة عظمى تعيش إسرائيل على دعمها ومساعدتها.

لكن هذا الأخير أحنى كتفيه بكل احترام للمغنية اليهودية التي لم يتهمها الإعلام الإسرائيلي بالتطرف والإرهاب، بل احترمتها دولتها، وهي تعرف موقفها من المصافحة مسبقا، كما تفهّم العالم الحر وغير الحر حريتها في تطبيق تعاليمها الدينية، كما قال نزيه الأحدب مقدم برنامج “فوق السلطة”. غير أن المثير للانتباه أن إعلاميا في قناة تلفزيونية مصرية حين أراد أن ينتقدها، شبهها بموقف السلفيين والسلفيات في الإسلام!

وبعدما تساءل إعلامي “الجزيرة” الأحدب “ماذا لو فعلتها مسلمات مع بايدن؟” تذكر ما حصل مع سيدات مسلمات امتنعن عن مصافحة ولي العهد النرويجي منذ ثلاث سنوات، حيث أصبحن بحسب صحيفة عربية يمارسن إسلاما موصوما بعلاقة خفية مع الإرهاب، ويبددن فرص التعايش. لكن، لا حرفا في الصحيفة نفسها ينتقد اليوم تصرف المغنية اليهودية!

أين إبراهيم عيسى وإسلام بحيري اللذين يتدخلان في عبادة المسلمين من بدء صلاتهم إلى الصلاة عليهم؟ يتساءل مقدم برنامج “فوق السلطة”. في مقابل ذلك، أقيلت الوزيرة البحرينية الشيخة مي بنت محمد آل خليفة من منصبها رئيسةً لهيئة الثقافة والآثار، بسبب رفضها مصافحة السفير الإسرائيلي في المنامة، خلال مجلس عزاء والد السفير الأمريكي.

رفضت الوزيرة مدّ يدها لمجرد سفير فقط، فأقالها الملك، حتى لا تكون قدوة لرافضي التطبيع مع الكيان الصهيوني.

ماذا لو فعلت ذلك مع شخصية من حجم الرئيس الإسرائيلي أو الأمريكي؟! وبينما أقامت القناة الإسرائيلية “الزفة” لقرار طرد الشيخة مي، ارتأت بعض القنوات العربية، ومنها قناة “الحوار” التونسية” النبش في خلفيات هذا الطرد، استعانة بأحد المحللين البحرينيين الذي رأى في الموضوع بعدا آخر، يتجاوز قضية رفض المصافحة، مشيرا إلى وجود توجّه لدى مربع الحكم في البحرين نحو استبعاد شخصيات تنتمي إلى فخذ آخر من العائلة الحاكمة، لاسيما المقربين من الراحل خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة، رئيس الوزراء السابق الذي توفي أواخر عام 2020.

«شكرًا مي»

مهما يكن، فإن اليد التي رفضت مصافحة السفير الإسرائيلي، هي نفسها اليد التي احتضنت موظفات وموظفي هيئة الثقافة والآثار، حين اصطفوا لتوديع رئيستهم الشيخة مي، في مشهد مهيب، تكريما لمواقفها المشرفة المعارضة للتطبيع ولسجلها الثقافي الحافل. ولم يتمالك بعض الموظفين دموعهم وهم يودعون السيدة المقالة.

لم يترك الإعلامي التونسي صالح الأزرق هذا الحدث الفارق يمر دون أن يخصص له الحلقة الأخيرة من برنامجه “الرأي الحر” على قناة “الحر”، حيث تساءل “هل باتت مصافحة السفير الإسرائيلي والقبول بالتطبيع والانحناء شرطا للوظيفة؟”

وحرص على التذكير بمواقف سابقة للشيخة مي، من ذلك رفضها تهويد أحياء قديمة في العاصمة البحرينية، وكذا رفضها طلب مستثمرين يهود تشييد حي يهودي من باب البحرين حتى الكنيس اليهودي في المنامة؛ بالإضافة إلى استضافة “مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث” التي تديره الشخصية المذكورة، للمؤرخ والمفكر اليهودي إيلان بابي العام الماضي في ندوة طرح خلالها أن الحل المستقبلي المنشود للقضية الفلسطينية يتمثل في إلغاء الاستعمار الاستيطاني العنصري الصهيوني لفلسطين.

هكذا، نخلص إلى أن رفض مصافحة السفير الإسرائيلي في المنامة كان بمثابة “القشة التي قصمت ظهر البعير”، باعتبار أن الشيخة مي عوقبت على مواقفها السابقة التي لم تكن تنظر إليها إسرائيل بعين الرضى؛ في حين رفعها مغرّدون على شبكات التواصل الاجتماعي إلى مقام الأبطال، في وقت قلّت فيه البطولة بين رجال السياسة العرب، إذ رصّع المغردون على جبين الوزيرة المُقالة وسم “شكرًا مي”!

٭ كاتب من المغرب

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس