أفريقيا برس – المغرب. أين وصل مسار أسطول الصمود العالمي، وكم من الوقت ما زال يفصلكم عن بلوغ غزة؟
الآن جل السفن على مقربة من السواحل اليونانية في اتجاه قبرص التركية، بعض السفن متواجدة بميناء بورتو في إيطاليا تأخرت لعاملين أساسيين، العامل الأول هو أشغال الصيانة والإصلاحات، والعامل الثاني هو سوء الأحوال الجوية. هناك ستة سفن من المفروض أن تتحرك اليوم من ميناء بورتو للاتحاق بالسفن المتواجدة بالسواحل اليونانية. أما بالنسبة للمدة الفاصلة التي تفصلنا من السواحل اليونانية إلى غزة نقدرها في الوضع الطبيعي أي في أحوال جوية عادية بحوالي خمسة أيام إذا ساءت الأحوال الجوية، يمكن أن تزداد هذه المدة بيوم أو يومين تقريبا.
كيف تفاعلتم مع الهجمات التي قامت بها مسيرات إسرائيلية ليلة أمس؟
نحن نتوقع مثل هذه الهجمات وقد بدأت منذ أن كنا في ميناء سيدي بوسعيد في تونس وكذا في ميناء بنزرت. ولكن هذه الليلة شهدنا زيادة في عدد المسيرات واختلافا في طريقة الهجمات وفي نوع القنابل التي تم إلقائها على السفن، الحمد لله لم نسجل أي أضرار أو خسائر. كان هناك تركيز خلال هذه الهجمات على التشويش على الاتصال بين السفن.
الأسطول قيم هذه الهجمات وأعاد ترتيب خطة الإبحار من جديد، بالنسبة للمشاركين المعنويات مرتفعة جدا لأن هذه السيناريوهات بالنسبة لنا مطروحة منذ البداية. نعلم أن الكيان سيعتدي وسيعرقل مسار أسطول الصمود العالمي، ولكن هدف الأسطول مرسوم وواضح ومؤطر بقواعد القانون الدولي. الكيان الصهيوني هو من يخرق هذه القواعد وليس أسطول الصمود العالمي. هناك إصرار وعزيمة وتصميم على المضي قدما حتى يكسر هذا الحصار ويفتح ممر إنساني بحري يوصل المساعدات إلى قطاع غزة.
كيف تنظرون للتهديدات الإسرائيلية بالتخل لمنعكم من الوصول إلى غرة؟
بالنسبة لنظرتنا للتهديد الإسرائيلي الذي يلوح بعدم السماح لأسطول الصمود العالمي بالوصول إلى قطاع غزة المحاصر، واعتباره منطقة قتالية يحظر الاقتراب منها، كما جاء في بيان وزارة الخارجية الإسرائيلية، فإننا لا نشعر بالدهشة من هذا السلوك. فهذا التصرف يعتبر عاديا بالنسبة لكيان الاحتلال الصهيوني، خصوصا بالنظر إلى حجم الأسطول وعدد السفن والمشاركين فيه وتعدد جنسياتهم، إضافة إلى حضور شخصيات بارزة، ما يشكل مصدر إزعاج للكيان الصهيوني في سياق الحرب التي يمارسها منذ حوالي سنتين ضد غزة، والتي تتضمن حصارا وتجويعا وانتهاكات جسيمة. لذلك، من الطبيعي أن تصدر عنه مثل هذه التهديدات، خاصة وأنه طوال العامين الماضيين لم يكترث لمناشدات المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية.
أما فيما يتعلق بالخطة البديلة في حال الاعتراض، فقد تم منذ انطلاق الأسطول من موانئ برشلونة وتونس وإيطاليا، تقييم المعطيات، والاستفادة من التجارب السابقة، ووضع ترتيبات لتفادي أي تشويش أو اعتداءات أو انقطاع في الاتصالات بين السفن، بهدف الحفاظ على تجمعها والإبحار بشكل جماعي مع استمرار الاتصال بينها، لضمان إيصال الرسالة وتحقيق الهدف. وبالنسبة لنا، فإن الجانب القانوني والسلمي مؤثر وفعال، إذ أن جميع خطوات أسطول الصمود العالمي تتسم بطابع سلمي وتلتزم بالقانون الدولي. كما يتم تحديث المعطيات بشكل مستمر بما يخدم تحقيق الهدف الرئيس، وهو كسر الحصار وإيصال المساعدات وفتح ممر بحري إنساني.
كيف تقضون يومكم على متن سفن الاسطول؟
بالنسبة لبرنامجنا على متن السفن، فلا يمكن اعتباره برنامجا عاديا أو حياة يومية اعتيادية. فالحياة على متن الأسطول استثنائية نظرا لظروف الزمان والمكان، واختلاف الجنسيات على كل سفينة، وكذلك العادات والمعتقدات والتقاليد المختلفة. لذلك، تم وضع برنامج يتناسب مع الوضع الخاص لكل سفينة.
الحمد لله، ما يميز هذه الحياة هو العلاقات الإنسانية، التواصل، التعارف، والاحترام المتبادل بين المشاركين، الذين يجمعهم هدف واحد وهو كسر الحصار. وبالرغم من التفاصيل اليومية للحياة على متن السفن، فإنها تبقى ثانوية مقارنة بالهدف الرئيسي.
استغرق الأسطول منذ وصولنا إلى تونس حوالي 23 يومًا، ومنذ الإبحار نحن في اليوم الثامن تقريبًا. وخلال هذه الفترة، هناك برنامج يومي يتضمن القيام بالأعمال المعتادة على متن السفينة وتوفير مختلف المستلزمات الضرورية. ويتم تنظيم هذه الأعمال بين طاقم السفينة والمشاركين بشكل طبيعي، مع منح كل فرد مساحة للقيام ببرنامجه الخاص، مثل مطالعة الكتب أو ممارسة أنشطته اليومية.
في نظركم ما هو الأثر الذي ستتركه هذه التجربة الإنسانية الفريدة من نوعها؟
بطبيعة الحال، الأثر الذي سيتركه أسطول الصمود العالمي على العالم سيكون كبيرا وعميقا للغاية. فهذه مبادرة إنسانية ضخمة لم يشهد لها العصر الحالي مثيلا، سواء من حيث حجمها، أو عدد المشاركين، أو توقيتها.
من المؤكد أن الأسطول سيعزز النضال الإنساني العالمي، حيث بدأت نواته الآن من خلال هذه المبادرة. وتأثيره ليس محصورا بالقضية الفلسطينية فقط، التي تبقى أولى الأولويات نظرا للفظائع المرتكبة هناك وتواطؤ بعض الدول الكبرى، بل سيمتد أيضا ليشمل قضايا إنسانية أخرى، مساهما في تعزيز لغة الحوار والسلام والتواصل والأمن، وحل العديد من القضايا والإشكالات خاصة على مستوى الشعوب.
وبالتأكيد، سيكون لهذا الأسطول تأثير على صانعي القرار في الدول المختلفة، مما يمنحه أثرا عميقا وواسعا على المستوى العالمي. هذه المبادرة الإنسانية ستؤدي إلى نتائج مهمة، بعضها قد يظهر قريبا، بينما سيترسخ أثرها على المدى البعيد في تعزيز روح التواصل والتراحم ومواجهة الظلم والاستكبار وكل أشكال التعسف في أي مكان بالعالم.
ماذا يعني لك شخصيا الوصول إلى غزة؟
شخصيا، يمثل الوصول إلى قطاع غزة حلما كبيرا طال انتظاره. ففلسطين وغزة والمسجد الأقصى جزء من روحي، من دمي ولحمي، ومن عقيدتي. لذا، وجودي على متن أسطول الصمود العالمي يعني التوجه إلى مكان وزمان وأجواء وأناس أشعر أنهم جزء أصيل مني، وهذا أمر في غاية الأهمية.
كما أن العجز والتخاذل وصمت العالم المروع الذي لاحظناه ترك أثرا كبيرا فينا، إذ كنا عاجزين عن تقديم أي شيء لغزة. والآن، هناك فعل حقيقي يمكن أن نقول إنه بمثابة تقديم شيء ولو قليل لغزة وفلسطين، رغم تأخر هذه المبادرة وعدم وضوح نتائجها بعد.
وعلاوة على ذلك، ستتبع هذه المبادرة مبادرات أخرى ربما تكون أكثر جرأة، وأكثر تأثيرا وحجما. أشعر الآن أن هذا النضال الإنساني، وأن أحرار وشرفاء العالم، يشكلون جبهة متسعة وفعالة. وبذلك، أشعر أنني أساهم في هذا الجهد والفعل الإنساني الذي لا محالة سيكسر الحصار، ويوقف الاستكبار والتغول الصهيوني في المنطقة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس