برزت في السنوات الأخيرة عدّة مشاريع ثقافية تُعنى بالسجون قدّمها مبدعون وناشطون ثقافيّون في عدّة بلدان عربية، مثل تونس ولبنان والأردن، من خلال تقديم عروض مسرحية وموسيقية في السجون، أو إشراك السجناء بعد تدريبهم على العزف أو التمثيل من أجل إعادة إدماجهم في المجتمعات بعد تسريحهم.
لم تأت كثير من هذه الفعاليات في سياق مراجعة المنظومة العقابية وتطويرها، لكنها هدفت إلى ترسيخ واقع أن السجين هو مواطن وله حقوق عدّة، في مقدّمتها حقّه في الاطلاع على أحدث المعارف ومختلف الإبداعات التي ربما كانت ستحول دون دخوله السجن لو اطلع عليها سابقاً.
حملة “أعط كتاباً.. تُحرّر سجيناً” إحدى المبادرات التي انطلقت في المغرب بداية العام الجاري، ويهدف منسّقها، الصحافي مصطفى الحسناوي، إلى إيصال الكتب الذي تتبرّع بها مكتبات وأفراد إلى جميع السجون في البلاد، والتي يخلو بعضها من كتاب واحد.
في هذا الاطار يصف الحسناوي هذه المبادرة بأنها “شبابية، ومستقلة لا تتبع لأي جهة، وتمّ اطلاقها بغرض جمع الكتب وتوزيعها على السجناء، قصد التخفيف عنهم ورفع وعيهم والمساهمة في إدماجهم، ونشر ثقافة القراءة بينهم، وهو ما يلخّصه شعار: أعط كتاباً.. تحرّر سجيناً”.
في ذات السياق يشير صاحب كتاب “سجون وأشجان.. حكايات من وراء القضبان” إلى أن الفكرة راودته منذ ثلاث سنوات تقريباً وظلّ يؤجلها، إلى أن اتصل به سجين مؤخّراً يطلب أن يشتري له كتباً ويُرسلها له مع عائلته، فانتعشت الفكرة من جديد، وبدأ العمل على تحقيقها، بمساعدة عدد من المتطوّعين الذين يقومون بجمع وفرز الكتب وتصنيفها. هذا كما يلفت الانتباه الى أن “لدينا الآن عددٌ كبيرٌ من المتطوّعين، يفوق عددهم خمسين متطوعاً يتوزّعون بين قرابة ثلاثين مدينة، مهمّتهم جمع الكتب واستلامها من المتبرعين”، لافتاً إلى أن عدد الكتب التي جُمعت تجاوز ثلاثة آلاف كتاب، موضّحاً: “ستستمر الحملة شهراً قابلاً للتمديد، ثمّ يبدأ بعد ذلك التنسيق مع مندوبية السجون، ضمن احترام تام للقوانين والمعايير التي تعتمدها المندوبية، بخصوص الكتب المسموح بإدخالها للمؤسسات السجنية”.