أين ذهبت الأموال الممنوحة للأحزاب المغربية؟

3
أين ذهبت الأموال الممنوحة للأحزاب المغربية؟ اتهامات بالفساد والريع والمحسوبية- (تدوينات)
أين ذهبت الأموال الممنوحة للأحزاب المغربية؟ اتهامات بالفساد والريع والمحسوبية- (تدوينات)

أفريقيا برس – المغرب. ما زالت تداعيات التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات (مؤسسة رسمية)، تفعل فعلها في الوسط الحزبي المغربي الذي بات على خبر واستيقظ على فضيحة كشفتها أرقام الملايين التي صُرفت وكان قضاة المالية بالمرصاد لمآل كل درهم منها.

الحزب اليساري المعارض، “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”، يعيش على صفيح ساخن بعد أن نشرت الكتابة الإقليمية لشبيبته في فرنسا، بيانا ناريا لا مهادنة فيه، بسبب ما أسمتها “المعطيات المثيرة التي كشف عنها المجلس الأعلى للحسابات”.

“الشبيبة” المذكورة هاجمت قيادة حزبها، ووصفتها بأنها مستفيدة من منظومة “الفساد الحزبي” الذي يعرفه المشهد السياسي المغربي، بل أصبح “الاتحاد الاشتراكي” يضرب به المثل في الفساد، وفق تعبير البيان.

حديث شباب الحزب في فرنسا جاء على إثر ما نشره “المجلس الأعلى للحسابات” في تقريره الأخير، والمبالغ المالية الضخمة التي استفاد منها “الاتحاد الاشتراكي” وذهبت رأسا إلى مكتب استشارة في مِلكية قياديين بارزين فيه، من بينهم نجل أمينه العام، وبلغ عدد الدراسات 23 دراسة.

مطالب “الشبيبة” تمثلت في “ضرورة إنشاء لجنة تحقيق حزبية مستقلة للنظر في كيفية استفادة بعض الأعضاء من المناصب، سواء في الهيئات المنتخبة أو الاستشارية ومشاريع الدعم والصفقات بعد تواطؤ واضح من قبل قيادة الحزب، وذلك في ظل عدم قدرة المكتب السياسي والمجلس الوطني ولجنة الأخلاقيات على المساءلة والمحاسبة”، كما ورد في نص البيان.

حزب آخر في المعارضة أيضا، لكنه إسلامي، والحديث هنا عن “العدالة والتنمية” الذي تعرض لبعض التعييب من طرف المجلس الأعلى للحسابات بسبب طبع دراسة للوزير السابق مصطفى الخلفي.

ورغم أن رقم المبلغ المالي لا يساوي حتى جناح بعوضة أمام المبالغ الأخرى، فإنه أقام الدنيا ولم يقعدها، وصار حديث مواقع التواصل الاجتماعي، وخصصت تدوينات لـ “الريع” و”اللهطة” و”استغلال” المال العام، وما إلى ذلك من الأوصاف.

من جهته، لم يتأخر الحزب الإسلامي في الدفاع عن موقفه، بتوقيع أمينه العام عبد الإله بن كيران، الذي نفى استفادة مصطفى الخلفي من الدعم العمومي الخاص بإنجاز المهام والدراسات، وأن “الأمر يتعلق بدراسة أنجزها لفائدة الحزب مجانا ودون أي مقابل”، كما نفى الحزب نفيا قاطعا أن يكون مصطفى الخلفي “قد تسلم أي مقابل عن هذه الدراسة العلمية الرصينة التي أنجزها بصفة تطوعية، وهو ما يتعين على المجلس استدراكه وتصحيحه لرفع الإساءة التي نجمت عن هذه المعلومة الخاطئة.”

وتابع الحزب موضحا أن المبلغ الذي ورد في التقرير هو مبلغ أداه الحزب مباشرة للمطبعة مقابل طبع ألفي (2000) نسخة من هذه الدراسة (بسعر7,2 دراهم للنسخة مع احتساب الضريبة على القيمة المضافة)، بناء على تكليف من الحزب، كما تؤكد ذلك الفاتورة التي أصدرتها المطبعة.

وخصص الحزب حيزا في بيانه لانتقاد المجلس الأعلى للحسابات، وقال إنه “يحيد عن اختصاصاته ومهامه ويصدر ملاحظات على أساس شروط فرضها من تلقاء نفسه ولم يفرضها لا القانون التنظيمي ولا المرسوم ولا القرارات السالفة الذكر، ويضع بذلك نفسه في موقع التشريع والتنظيم وهي اختصاصات مخولة بالدستور لسلطات دستورية أخرى هي البرلمان والحكومة”.

ويبقى التصاعد منتظرا في حدة الجدل، والردود لن تنتهي من طرف الأحزاب التي غرقت في التقرير الكاشف، ومنها حالة حزب “الأصالة والمعاصرة” التي استأثرت بالاهتمام مثلما استأثر مركز واحد بكل صفقات الدراسات.

توضيحات الحزب صاحب شعار “الجرار”، وردت في بيان قال فيه إنه يتوفر على مركز دراسات تم إنشاؤه سنة 2020، وبالنسبة إليه فمن “الطبيعي إسناد إنجاز الدراسات لهذا المركز الذي يتوفر على موارده البشرية، وعند الحاجة يمكنه اللجوء إلى الاستعانة بخبرات من خارج الحزب عبر المساطر القانونية”.

ووفق البيان، فإن “المستفيد من هذا الدعم، هو مركز تابع للحزب وليس شركة أو مركزا من خارج الحزب كما ورد في بعض المقالات الصحفية”، ولم يفته الحديث عن “ملاحظة المجلس حول صرف هذا الدعم، الذي توصل به حزب الأصالة والمعاصرة مثل جميع الأحزاب السياسية في الربع الأخير من سنة 2022، ولا يمكن في هذه المدة القيام بجميع المساطر”.

وأعاد الحزب تكرار رده على عدم الكشف عن محتوى الدراسات، مؤكدا أن “هذه الدراسات داخلية، وهو نفس الجواب الذي منح من طرف عدد من الأحزاب السياسية، علما أن الحزب قدم خلاصات ومخرجات الدراسات المذكورة للمجلس الأعلى للحسابات”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس