منذ خطاب العرش الماضي، تسارعت وتيرة إطلاق الدولة المشاريع والبرامج الهادفة إلى امتصاص غضب الشباب المهمش والعاطل عن العمل. يأتي ذلك بعد سنتين من الاضطرابات بعد حراك الريف واحتجاجات جرادة وغيرهما، والتي وضعت «الدولة في مواجهة الشارع»، بتعبير الباحث الجامعي محمد مصباح. وضع أظهر أن الفراغ السياسي، الذي تبلور في سياق واقعة «البلوكاج» من قبل رافضي نتائج انتخابات 2016، استمر بعدها. بل إن تلك الاحتجاجات أظهرت أن الوضع قابل لأن يصبح خارجا عن السيطرة، ومرشحا للانفلات. ما دعا الدولة إلى مواجهته أمنيا، قبل أن تستدرك، من خلال إطلاق مبادرات وبرامج ذات طبيعة سياسية وتنموية.
هكذا كان خطاب العرش ثم ذكرى 20 غشت مناسبة للإفراج عن جزء من المعتقلين بسبب حراك الريف، في خطوة أعقبها إعلان برامج يبدو أن الرابط بينها واحد؛ امتصاص غضب الشباب المحتج الذي كان المحرك الأساسي للاحتجاجات التي أعقبت الانقلاب الناعم على نتائج انتخابات 2016، كان أولها إعلان العودة إلى نظام التجنيد الإجباري بحجة تأهيل الشباب للاندماج في المجتمع، قبل أن تقدم الدولة، في خطوات أخرى، على إطلاق برنامج للتعليم الأولي، يهدف إلى تشغيل 50 ألف شاب في أفق 2028، مع إعلان الاستمرار في إعمال نظام «التعاقد» في قطاع التعليم، والذي يشغل 20 ألف شاب سنويا من خريجي الجامعات، وإطلاق المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2019-2023)، باستثمار قدره 18 مليار درهم، وأولويات على رأسها تكوين وتشغيل الشباب، قبل أن يعلَن أخيرا برنامج جديد لتأهيل منظومة التكوين المهني، حيث كلّف الملك محمد السادس الحكومة بإعداده في ظرف ثلاثة أسابيع فقط. فهل تنجح الدولة في نزع فتيل القنبلة الشبابية؟