عثمان باقّة: تضامن مغربي مع إيران ضد العدوان وإسرائيل عدو مشترك

1
عثمان باقّة: تضامن مغربي مع إيران ضد العدوان وإسرائيل عدو مشترك
عثمان باقّة: تضامن مغربي مع إيران ضد العدوان وإسرائيل عدو مشترك

مصطفى واعراب

أفريقيا برس – المغرب. يعيش المجتمع المغربي على وقع احتجاج شعبي يوازن بين مطالب ترتبط بمعيشه اليومي، وأخرى في إطار التضامن المبدئي الذي لا يتزحزح مع قضايا الشعوب العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. وتلعب الحركة النقابية —إلى جانب باقي مكونات المجتمع المدني المغربي— دورا مركزيا، في تأطير المجتمع وقيادة نضالاته.

في الحوار التالي، يستضيف “أفريقيا بريس” عثمان باقة بصفته عضوا في السكرتارية الوطنية لـ “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين”، وبصفته عضوا في المكتب التنفيذي لنقابة “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل”.

وبالنسبة إليه، فإن “المعركة من أجل العدالة الاجتماعية، والحقوق والحريات النقابية، ورفض العدوان الصهيوني بكل أشكاله، هي معركة واحدة مترابطة. ولا يمكن أن نقبل بحكومة تدعي “الاجتماعية”، بينما تعمل يوميا على إفقار الشعب المغربي وتكبح الحريات وتحارب الحقوق. مثلما لا يمكن أن نقبل بالتطبيع مع العدو الصهيوني بينما تُستهدف شعوب المنطقة بالعدوان”.

والبديل الذي يدعو إليه عثمان باقة، هو “بناء جبهة وطنية اجتماعية من القوى التقدمية والنقابية والحقوقية، من أجل تحقيق مغرب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية”.

بداية، وعلى عكس ما حصل مع غزة، لم يكن التضامن مع إيران في مواجهتها للعدوان الإسرائيلي مدويا..

أولا: بالنسبة إلى التضامن الشعبي المغربي هو مع فلسطين أولا وموقف مبدئي ضد العدوان على إيران وعلى كل الشعوب. فلا يخفى على أحد أن القضية الفلسطينية شكلت، ولا تزال، القضية المركزية الأولى في وجدان المغاربة ووفي وجدان كل الشعوب العربية والإسلامية. وهذا الارتباط العاطفي والوجداني بفلسطين جعل التفاعل الشعبي مع الاعتداءات على غزة دائما ما يكون قويا، عفويا، وجامعا.

أما بالنسبة للعدوان الصهيوني الأخير على إيران، فقد كان التفاعل أضعف نسبيا. لماذا؟

لأن الموقف من إيران داخل الوجدان العربي والمغربي ليس موحدا، بل يشوبه التباس سياسي وإعلامي وتاريخي، خاصة بفعل ما يروج في الإعلام العربي والخليجي من تحريض طائفي وعداء سياسي مزمن ضد إيران. ثم ثانيا، لأن العلاقة بين الشعوب العربية والأنظمة في المنطقة (ومنها النظام الإيراني) تبقى محكومة بمسافة نقدية، خصوصا مع سياسات التدخل الإقليمي المتعددة التي مارستها طهران. وثالثا، هناك إغراق إعلامي في تصوير الصراع مع إيران كصراع إقليمي طائفي، بدل إبراز جوهره الحقيقي وهو صراع القوى الامبريالية المستعمِرة ضد دول تسعى إلى الاستقلال والندية.

لكن مع ذلك، ومن منظور القوى الحية المغربية ومنها مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، فإن الموقف كان واضحا: نحن مع مبدأ رفض العدوان أيا كان المستهدف، طالما أن المعتدي هو العدو الصهيوني.. نحن مع الحق في الدفاع عن السيادة الوطنية لأي دولة ضد الاحتلال أو العدوان أو الغطرسة الاستعمارية.

بهذا الصدد، ومن وجهة نظر “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين”، هل هناك تضامن مغربي شعبي مع إيران؟

التضامن الشعبي المغربي مع إيران ليس تضامنا مع النظام الإيراني كنظام سياسي، بل هو تضامن مع الشعب الايراني الذي يتعرض للقصف، فموقف الشعب المغربي مع مبدأ السيادة ضد العدوان. والمغاربة بطبيعتهم منحازون إلى الشعوب وليس بالضرورة إلى الأنظمة. وبالتالي، هناك في المغرب وعي شعبي يتنامى بأن الكيان الصهيوني عدو مشترك للشعوب العربية والإسلامية، وكل الشعوب التواقة الحرية والانعتاق في أمريكا الجنوبية وكل العالم بما في ذلك إيران. وكل من يقف في وجه هذا الكيان العدواني يجد تعاطفا مبدئيا من القوى التحررية الوطنية المغربية.

كما أن جزءا من هذا الضعف في التعبئة التضامنية مع إيران، الذي نلاحظه، سببه سياسة التطبيع الرسمي في المغرب التي تعرقل المد الشعبي الحر للتضامن مع قضايا الأمة، بما في ذلك مقاومة العدوان الصهيوني على دول وشعوب المنطقة.

وما هو تقييمكم في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل لأداء حكومة أخنوش التي يطلق عليها المغاربة “حكومة رجال الأعمال”؟ هل هي فعلا “حكومة اجتماعية”، كما يردد وزراؤها في خرجاتهم؟

من وجهة نظر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، فإن حكومة عزيز أخنوش ليست حكومة اجتماعية كما تدعي. بل هي حكومة كبار رجال المال والأعمال، وحكومة أقلية اقتصادية تسعى لتأمين مصالحها على حساب الأغلبية الاجتماعية الكادحة من الشعب المغربي. والدليل على ذلك واضح: استمرار ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين، وغياب إجراءات حقيقية للحد من الاحتكار ومراقبة الأسواق، وضعف ملموس في الحوار الاجتماعي، وتعامل انتقائي مع المطالب الشغيلة. وبالمقابل، هناك انحياز واضح لدوائر المال الكبرى وتنفيذ أعمى لتوجيهاتها، في مقابل تهميش النقابات والمنظمات الاجتماعية الجادة وصم الآذان عن مطالبها المشروعة والموضوعية.

إن الحكومة الاجتماعية الحقيقية هي التي تضع العدالة الاجتماعية في صميم سياساتها، وليس من يوزع مساعدات تقنية ظرفية، بينما يعمق التفاوتات الطبقية.

في سياق تقييم أداء الحكومة المغربية الحالية دائما، ما هو تقييم نقابتكم لمشروع الحماية الاجتماعية الذي تجري تسويقه حكوميا كأهم ورش لـ “الحكومة الاجتماعية”؟

نحن في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل دافعنا منذ عقود على ضرورة تحقيق حماية اجتماعية عادلة وشاملة لكل المواطنين والمواطنات. فالحماية الاجتماعية ليست منة ولا منحة من أحد، ولا أحد يؤدي عن المغاربة من ماله الخاص، بل هي حق دستوري ومجتمعي وإنساني. إلا أن مشروع “الحماية الاجتماعية” الذي تم إطلاقه، على الرغم من أهميته الشكلية، يفتقد إلى الجوهر العادل. فكيف يمكن الحديث عن حماية اجتماعية في غياب عدالة ضريبية تجعل أصحاب الثروات الكبرى يساهمون فعليا في تمويل هذا المشروع؟

وكيف نتحدث عن حماية اجتماعية بينما قطاع الصحة العمومية يوجد في وضع مزري، وأنظمة التقاعد تعاني بسبب سياسات الإفلات من العقاب التي ممارستها الحكومات المتعاقبة، ووضع التعليم العمومي الذي يعاني من التهميش ومن تعاقب وزراء لا علاقة لهم بقطاع التربية والتعليم؟؟

كيف نطمئن للمشروع في ظل سياسة ليبرالية متوحشة تحابي رأس المال على حساب حقوق الطبقات الكادحة؟

وبالتالي، نؤكد أن الحماية الاجتماعية الحقيقية لا يمكن فصلها عن مشروع سياسي اقتصادي اجتماعي وطني متكامل يضع الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية في قلبه، ويربط الحماية الاجتماعية بإصلاح جذري للنظام الضريبي والتعليم والصحة.

وما هو تقييم الكونفدرالية لقانون الإضراب؟ وما هو تأثيره على العمل النقابي مستقبلا؟

إن أخطر ما قامت به حكومة أخنوش اليوم، هو تمريرها لقانون تقييدي للإضراب تحت مسمى “القانون التنظيمي للإضراب”. في الحقيقة، هذا القانون لا ينظم الإضراب بل يقيده، ويهدف إلى تجريد الشغيلة من أهم أدواتها في الدفاع عن حقوقها. فالنص الحالي يحفل بشروط بيروقراطية معقدة تجعل تنفيذ الإضراب شبه مستحيل، وقد تمت صياغته بمعزل عن المنطق الذي اتفق عليه مع النقابات في خرق سافر لمبادئ الحوار الاجتماعي.

ونحن في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل نعتبر تمريره بمثابة هجوم مباشر على الحريات النقابية، وضربة موجهة لمسار الديمقراطية الاجتماعية في المغرب وللحوار الاجتماعي. إن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تعتبر أن الدفاع عن الحق في الإضراب هو دفاع عن جوهر الحرية والديمقراطية، وليس مجرد مطلب مهني. ولن نقبل ابدا بصيغة قانونية تفرغ هذا الحق من محتواه النضالي.

في الختام، نقول إن المعركة من أجل العدالة الاجتماعية، والحقوق والحريات النقابية، ورفض العدوان الصهيوني بكل أشكاله، هي معركة واحدة مترابطة. ولا يمكن أن نقبل بحكومة تدعي “الاجتماعية”، بينما تعمل يوميا على إفقار الشعب المغربي وتكبح الحريات وتحارب الحقوق، ولا يمكن أن نقبل بالتطبيع مع العدو الصهيوني بينما تُستهدف شعوب المنطقة بالعدوان.

إن البديل هو بناء جبهة وطنية اجتماعية من القوى التقدمية والنقابية والحقوقية، من أجل مغرب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

صفحة عثمان باقة على الفيسبوك:

https://web.facebook.com/othmane.baqa

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس