علماء يجمعون أكبر فهرس في التاريخ لعناقيد المجرات

1
علماء يجمعون أكبر فهرس في التاريخ لعناقيد المجرات
علماء يجمعون أكبر فهرس في التاريخ لعناقيد المجرات

أفريقيا برس – المغرب. في خطوة تعتبر من أضخم ما أنجز في علم الفلك الحديث، أعلن فريق دولي من العلماء عن إعداد أكبر فهرس لعناقيد المجرات في تاريخ الرصد الكوني، وهو مشروع طَموح قد يُعيد رسم خريطتنا عن “الكون المظلم”.

يطلق اصطلاح “الكون المظلم” على ذلك الجزء الغامض الذي يشكل أكثر من 95% من محتوى الكون، بين مادة مظلمة وطاقة مظلمة، وكلاهما لا نراه ولكن نلمس آثاره في كل مكان أثناء الرصد بأكبر وأقوى التلسكوبات.

مسح للطاقة المظلمة

اعتمد الفريق على بيانات من مشروع “مسح الطاقة المظلمة”، وهو مسح فلكي ضخم استمر 6 سنوات باستخدام كاميرا الطاقة المظلمة المثبّتة على تلسكوب “بلانكو” البالغ قطره 4 أمتار في تشيلي.

جمعت تلك الكاميرا صورا لسماء الليل، تظهر فيها مجرات تمتد عبر 8 مليارات سنة ضوئية، لتكشف عن عشرات آلاف العناقيد المجرّية، وهي مناطق في الكون تضمّ مئات أو آلاف المجرّات المترابطة بالجاذبية، مثل عقد من الضوء في شبكة كونية هائلة.

النتيجة كانت خريطة ثلاثية الأبعاد لكيفية تجمّع المادة عبر الزمن، وهي أشبه بـ”بصمة نمو” للكون نفسه منذ نشأته بعد الانفجار العظيم وحتى اليوم.

عناقيد المجرات

تجمعات المجرات ليست مجرد مشاهد خلابة في أعماق الفضاء، بل هي مخبر طبيعي لتجربة قوانين الفيزياء الكونية، فكل تجمّع يضمّ كميات هائلة من المادة، مرئية ومظلمة، تبطئ التوسع في مناطقها بفعل الجاذبية.

وبتحليل توزّع هذه التجمعات عبر الزمن، يمكن للعلماء اختبار ما إذا كان الكون يتوسع وفق النماذج النظرية الحالية أم أن هناك شيئا غامضا يبطئ أو يسرّع نمو البنى الكونية.

البيانات الجديدة اختُبرت وفق ما يُعرف بنموذج “لامدا سي دي إم” أو النموذج القياسي لعلم الكونيات، وهو النموذج الذي يصف كيف يتكوّن الكون من: حوالي 70% من طاقة مظلمة تدفع التوسّع المتسارع للكون، و25% من مادة مظلمة تُمسك المجرّات ببعضها، و5% فقط من المادة العادية التي تتضمن النجوم، والكواكب، ونحن.

توتر الكون

وأظهرت النتائج أن ما رُصد من تجمعات يتطابق تقريبا مع ما يتنبّأ به هذا النموذج. أي أن الكون، رغم غموضه، ما زال يتصرف كما نتوقّع، على الأقل ضمن حدود ما نستطيع رصده اليوم.

ورغم هذا التطابق، لا تزال هناك إشارة غامضة تقلق العلماء، تتمثل فيما يعرف بـ”توتر إس 8′′، وهو اختلاف بسيط بين مدى “تكتل” المادة الذي نرصده اليوم وما كان متوقعا بناء على إشعاع الكون القديم (الذي رصدته بعثة بلانك التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية).

هذا التوتر قد يكون مجرد خطأ إحصائي، أو علامة على فيزياء جديدة تماما، مثل نوع مختلف من المادة المظلمة أو طاقة مظلمة متغيّرة عبر الزمن.

ومن ثم فالأمر لن يتوقّف هنا، فالمراصد مثل فيرا روبن وتلسكوب نانسي غريس رومان الفضائي الذي سينطلق مستقبلا، ستبدأ في جمع بيانات أدق وأعمق، وستتمكن هذه الأدوات من رصد مليارات المجرّات بدقة غير مسبوقة، مما سيسمح باختبار أكثر حسما لتاريخ تمدد الكون ونمو البنى المجرية فيه.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس