مبدع عاشق يبعث الحياة في خشب الزيتون

11

رفع النحات المغربي عبد العالي شعرير عينيه عن كتلة خشب زيتون، وعندما توقف عن النحت وجد أمامه حصانا بما يقارب الحجم الحقيقي من الخشب.
حرارة الطقس ونسمات الهواء الساخن لا تحدان من حماسه، وهو يعمل بأناة على تنعيم التحفة التي قضى في تشكيلها أياما متواصلة.
ينفض النحات بيديه ما تبقى من نشارة الخشب عن ملابسه أثناء العمل، ويضع التحفة الجديدة إلى جانب تحف خشبية أخرى، تبوح برأي زبائنه، بما لدى هذا النحات من تناغم مع بيئته التي يفوح كل شبر فيها برائحة شجر الزيتون. هذا الشجر يعتبر أشهر أشجار غابات مدينة مكناس أو “مكناسة الزيتون” كما كان اسمها قديما.
بدا عبد العالي راضيا عما نحته على قطعة خشب صماء بعث فيها الحياة بأنامله في ابداع فني كما يقول “إنه يشعر بسعادة كبيرة عندما يتمكن من جعل الحياة تدب في يابس الشجر الساكن”. بل وأكثر من ذلك فهو يعشق هذه المهنة.
وبلغة العاشق المتيم بمحبوبته، تحدث عن منحوتاته الموزعة بطريقة منظمة في كل زاوية في ورشة والده الصغيرة، وقال إن روعة المجسمات التي تتشكل في النهاية تنسيه التعب والوقت الكبير الذي يمضيه في صناعتها.
وذكر أنه قضى أكثر من نصف عمره بين أدوات النحت وقطع خشب يعتقد الكثير من الناس أنها عديمة الفائدة، “حتى أصبحت بيننا صداقة لا يفهمها غيرنا”.
عند دخول الورشة الصغيرة في حجمها الكبيرة بما فيها من جمال؛ يتفاجأ الزائر بمنحوتات مبهرة، جلبت من أعماق غابات المنطقة في تشكيلات خشبية متباينة، قبل أن تتسلل إليها يد هذا الفنان الماهر، وتبدع في خباياها أعمالا فنية ترمز لجوانب مختلفة من ثقافة بلده.
يتقن عبد العالي نحت الخشب بمختلف أنواعه، لكنه يرى في نفسه عاشقا لا منافس له لخشب الزيتون، باعتباره المنتج المحلي لمنطقته، وجعله الخامة الأبرز لأعماله، التي يبدعها على مرأى دائم من عيون من يهوى الاستمتاع بتميزها. يمكن أن يكون ذلك بسبب نفس الارض والجذور التي ينحدران منها.