
يعيش المغرب على وقع نقاشٍ محتدم بين أطراف عدة، حول موضوع إقحام اللغة الدارجة – العامية – في المقررات الدراسية الخاصة بالمستويين الابتدائيين؛ الأول والثاني.. وقد زاد من حدة النقاش نوعية الكلمات المنتقاة من اللغة العامية. ما يُضيف سببا جديدًا في سلسلة أسباب احتضار المنظومة التعليمية والتربوية.
في ظل هذا النقاش السؤال المحوري الذي يطرح هو : من هي الجهة الحقيقيةُ التي تتحمل المسؤولية السياسية والتاريخية في إفساد أو إصلاح المنظومة التعليمية والتربوية في المغرب؟ حتى تتم الاجابة الصحيحةٍ والصريحةٍ على هذا السؤال يجب أن تكون اجابة لا تنافق ولا تداهن لا سياسيا ولا اجتماعيا ولا فكريا ولا حتى اقتصاديا أيَّ جهةٍ أو مؤسسةٍ أو مكونٍ من مكونات الدولة المغربية وكذا المجتمع المغربي.
إن استعمالَ كلماتٍ من اللغة العامية في صلب المقررات الدراسية لا يعدو أن يكون سوى خطوةٍ جديدةٍ في مشوار إنزال التعليم المغربي من القمة إلى الحضيض، وقد مهدَتْ لهذه الخطوة سلسلةُ خطوات سبقتها؛ أهمها وأبرزها خطوةُ صناعة الحيرة لدى المجتمع المغربي؛ الذي غدا يجهلُ من هو المسؤول الأول والرئيسُ عن التدبير الفعلي لقطاع التربية والتعليم، أهو الوزارةُ الوصية على القطاع؟ ومن ورائها الحكومة المنبثقة من صناديق الاقتراع؟ وإذا كان ذلك كذلك! فلماذا يا ترى لا تسند حقيبة وزارة التربية الوطنية لشخصيةٍ ذاتِ خلفيةٍ سياسية حقيقية – منتمية لأحزاب سياسية لها وزنها في الساحة السياسية والنضالية-؟
لماذا تكون وزارة التعليم من نصيب شخصيات تكنوقراطية؟ أو تكون من نصيب أحزاب ٍ خرجت من رحم الإدارة المغربية؟!.. أم أن المسؤول الحقيقي والفعلي عن تدبير هذا القطاع الحيويِّ هو مؤسسة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي؟ هذه المؤسسة التي يُعيَّنُ مسؤولوها بعيدًا عن إرادةِ الشعب المغربي؟ والتي يبدو للجميع أن قوتها تتجاوز القوةَ الاقتراحية، وأن سلطتها في قطاع التعليم هي سلطة حقيقية لا تقف عند أي حدٍّ، بخلاف الوزارة الوصية على قطاع التربية والتعليم؛ التي – كأنَّا بها – تشتغل بين مجالين مغلقين على بعضهما؛ أحدهما هو الخجل والآخر هو الوجل.. وزارةٌ لا تكاد تحسُّ لها بأي تأثير أو وجود!؟