مصطفى واعراب
أفريقيا برس – المغرب. أطلقت البحرية المغربية الأحد الأول من سبتمبر/ أيلول 2024، مناورات عسكرية كبرى في عرض سواحل المحيط الأطلسي الواقعة بين الصحراء وجزر الكناري. ومن المقرر أن يتواصل هذا التمرين بالذخيرة الحية، إلى نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول؛ أي أنها ستستغرق أربعة شهور كاملة! فما هي خلفياتها السياسية والعسكرية لهذا التمرين؟ وهل هو تمرين “روتيني” أم أن له علاقة بتطورات النزاع حول الصحراء الغربية؟ ولماذا يثير هواجس الجيران الإسبان من جديد؟
وكان المشتغلون في قطاع الصيد البحري بمدينة العيون، قد تلقوا قبل أسابيع قليلة إخطارا رسميا بضرورة الامتناع عن التواجد في مناطق بحرية محددة، خلال الفترة من بداية سبتمبر إلى نهاية العام الجاري. وذلك بسبب تمركز عناصر القوات المسلحة المغربية هناك لإجراء مناورات عسكرية بالذخيرة النارية. وأصدرت مندوبية الصيد البحري بالعيون، التابعة لقطاع الصيد البحري بوزارة الفلاحة، بهذا الصدد، إعلانا يدعو جميع البحارة إلى الابتعاد عن المنطقة المخصصة للمناورات.
وجاء في الوثيقة: أن هذه التدريبات ستجري في المنطقة البحرية المتواجدة عرض ساحل مدينة العيون والمحددة على بعد 20 ميلا بحريا من النقطة الجغرافية G: 014° 00 W و L: 26° 50′ N”، وأضافت: “وعليه، يجب على جميع البحارة الابتعاد عن هذه المنطقة مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة تفاديا لأي طارئ”.
وتقع المنطقة التي ستجرى فيها المناورات، بحسب وسائل إعلام إسبانية، على بعد حوالي 140 كيلومترًا من الساحل الجنوبي الغربي لجزيرة فويرتيفنتورا التابعة لأرخبيل الكناري. وهي ثاني أكبر جزر الأرخبيل مساحة (1660 كلم مربعا).
قلق إسباني
هكذا ودون مفاجأة تذكر، اهتبل “تحالف جزر الكناري القومي(CC)” فرصة المناورات البحرية، مرة أخرى، من أجل إضفاء طابع “المركزية” على جزر الكناري. فهو في العادة يسعى ─بمناسبة أو بدونها─ إلى إقحام الأرخبيل دائما في سياق العلاقات بين مدريد والرباط. المعروف أن هذا التحالف الذي يضم القوميين في جزر الكناري، كان قد أثار الدهشة والسخرية قبل ثلاث سنوات، بسبب مطالبته بتدخل الأمم المتحدة للتحقيق في منح المغرب رخصا للتنقيب عن النفط والغاز في مياه الصحراء لشركة إسرائيلية.. وملئت شطحات “نجوم” هذا التحالف وسائل الإعلام في إسبانيا، ضدا على ترسيم المغرب لحدوده البحرية.. ثم دق نفس التحالف ناقوس الخطر مرة أخرى قبل أشهر، بسبب تنظيم المغرب مناورات بحرية في عرض سواحل الصحراء، وبسبب تدفقات المهاجرين على جزر الكناري، الخ.
وهكذا استنفرت النائبة البرلمانية الوحيدة، الممثلة لتحالف الكناري القومي في مجلس الشيوخ الإسباني كريستينا فاليدو، وسائل الإعلام الإسبانية، إلى كون إعلان المغرب تنفيذه لتمرين بحري بالمنطقة المذكورة، يثير “قلقا” في الأرخبيل. وفي السياق نفسه، دعا حزب “سومار” الإسباني، الذي يشكل أقلية صغيرة مشارِكة في الحكومة المركزية والمعروف بدعمه لنشطاء البوليساريو، إلى مساءلة حكومة بيدرو سانشيز بشأن ما إذا كانت الرباط قد أبلغتها بهذه الخطوة، وما إذا كانت الحكومة قد أجرت “تقييما للمخاطر الأمنية والآثار الاقتصادية المحتملة، لمثل هذه المناورات القريبة من جزر الكناري”. وكالعادة، ذهب الإعلام الإسباني مذاهب غريبة في تحليله لحدث التمرين العسكري للبحرية المغربية.. حتى أن بعض الأقلام والأفواه التي لا تحمل المغرب في قلوبها، زعمت بأن المغرب لم يخبر السلطات الإسبانية بكونه سينظم مناوراته البحرية، وأن حكومة سانشيز “الضعيفة” عاجزة عن التصدي له!
عدوى معارضة التمرين البحري المغربي لم تستثن سلطات جزيرة فويرتيفنتورا، ثاني أكبر جزر الكناري، التي أعربت بدورها عن رفضها إجراء مناورات بحرية بالقرب من مجالها الجغرافي. وقد تعذرت بما اعتبرته “أضرارا بيئية” مفترضة، قد تلحق بالأنواع البحرية نتيجة لهذه الأنشطة العسكرية، وطالبت الحكومة المركزية في مدريد بتقديم توضيحات حول الموضوع. بينما اعتبرت رئيسة مجلس الجزيرة، لولا غارسيا، أن
“قرب منطقة المناورات من جزر الكناري تضر بسمعتها السياحية”. بررت “قلقها” من أن تشكل المناورات تهديدا لسلامة الملاحة البحرية من حول الجزر، وتضرب صناعتها السياحية، فضلا عن الخطر المفترض الذي يمكن أن تتعرض له الأنواع البحرية في المنطقة (الحيتانيات وأصناف متنوعة أخرى من الثدييات البحرية)، باعتبار جزر الكناري واحدة من “أغنى الممرات البحرية من حيث التنوع البيولوجي على هذا الكوكب”. بينما ذهب سياسيون ووسائل إعلام إسبان آخرون، إلى نعت التمرين البحري المغربي بـ “الاستفزاز” المقصود لإسبانيا الذي لا يلقى ردا رسميا، وبـ “الابتزاز” الذي يوظف فيه المغرب ورقة المهاجرين غير الشرعيين لإسكات الحكومة الإسبانية و”إخضاعها”، الخ.
مدريد ستراقب “عن قرب”
تجدر الإشارة إلى أنه في خضم هذا الجدل المحتدم، لم تعرب حكومة جزر الكناري المستقلة عن أية مخاوف بشأن إجراء هذه المناورات. وكانت مستشارة الرئاسة والإدارة العامة والعدل والأمن لحكومة الأرخبيل، نيفيس باريتو، أشارت مطلع أغسطس/آب الماضي إلى أن “المناورات ستجري بعيدا عن الخط الوسطي الذي يفصل جزر الكناري عن المغرب”. وأضافت في تصريحات نقلتها وسائل إعلام إسبانية، أن وزارة الخارجية الإسبانية أبلغت بالفعل السلطة التنفيذية لجزر الكناري بتفاصيل مناورات البحرية المغربية، وأن “المملكة أبلغت الحكومة الإسبانية، عبر بلاغ رسمي، بتنظيم المناورات العسكرية في المياه القريبة من الصحراء”.
من جانبها ردت الخارجية الإسبانية على المخاوف التي أبدتها الأحزاب والسلطات المنتخبة بجزر الكناري، مؤكدة أن “إسبانيا على علم بمناورات المغرب في الصحراء وسوف تعمل على متابعتها”، مشددة على كونها “لا ترى أسبابا تدعو إلى القلق”، رغم أنها ستجري “المراقبة المعتادة” لمجرياتها.
وأكدت مصادر بوزارة الخارجية الإسبانية تحدثت لصحف الإسبانية، أن “التدريبات العسكرية التي سيجريها المغرب تتم وفقا للإرشادات والقنوات المعتادة، بما يضمن أمن المجال الجوي والبحري، وستجرى المناورات التي ستستمر أربعة أشهر، على بعد 140 كيلومترا قبالة سواحل جزر الكناري الإسبانية”. وطمأنت مصادر أخرى مطلعة على المناورات لـوكالة الأنباء الإسبانية الرسمية “إيفي”، إلى أنه تم إخطار إسبانيا رسميا بالمناورات المذكورة من طرف المغرب، موضحة أنه “تم إبلاغ وزارة الدفاع الإسبانية حسب الأصول، وأن البحرية المغربية خططت لإجرائها خارج المياه الإقليمية على مسافة كافية من سواحل الأرخبيل”.
في الواقع، تعكس ردود الفعل المتنافرة الرسمية وغير الرسمية هذه، مدى “القلق” الذي يمكن أن يثيره أي تحرك عسكري مغربي في السواحل الصحراوية التي تعتبر منطقة ذات حساسة مفرطة. ليس فحسب لكونها تقع جغرافيا مقابلة لأرخبيل الكناري التابع لإسبانيا، والذي يعيش سكانه بالأساس من السياحة والصيد البحري، بل لأسباب أخرى كثيرة متداخلة. فهذه المخاوف الإسبانية تأتي في ظل المفاوضات الجارية بين المغرب وإسبانيا، في إطار لجان ثنائية متخصصة، من أجل ترسيم الحدود البحرية بينهما. وهي مفاوضات شاقة ومعقدة للغاية على اعتبار غنى وشساعة السواحل بين البلدين (سبتة ومليلية والجزر المغربية المحتلة في البحر الأبيض المتوسط، و”جبل الكنز” تحت البحر واحتياطيات الغاز والنفط والأسماك بين الصحراء الغربية وجزر الكناري جنوب المحيط الأطلسي).
وهذه النقطة الأخيرة بالذات تفسر لماذا يرى عدد غير قليل من المحللين والإعلاميين والمسؤولين السياسيين الإسبان، في المناورات بأنها تحمل رسائل سياسية مؤكدَة. خصوصا في سياق التوترات الدبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي حول مسألة الصحراء. كما ينبغي النظر إلى “المخاوف” الإسبانية المشار إليها من منظور كونها محاولات من الفاعلين السياسيين، للضغط على حكومة بيدرو سانشيز لإحراجه على المستوى السياسي، وفق ما يذهب إليه محللون مستقلون.
خلفيات المناورات وأهدافها
ثمة جملة ملاحظات يطرحها موضوع التمرين التكتيكي للبحرية المغربية خلال الخريف الحالي. أولها، أنه هو ثاني تمرين بالذخيرة الحية تجريه خلال العام الجاري، بعدما سبق لها أن نظمت تمرينا آخر في عرض نفس السواحل الصحراوية خلال الفترة بين 29 مارس و28 يونيو الماضيين. دون الحديث عن مناورات “الأسد الأفريقي” المشتركة، وهي أكبر تمرين متعدد الجنسيات في القارة الأفريقية، خلال الفترة ما بين 20 و31 ماي الماضي في عدد من مناطق المملكة، من بينها الصحراء. وكذا تمرين “Arcane Thunder 24” أو “الرعد الغامض”، الذي استضافه المغرب لأول مرة، خلال الفترة ما بين 5 و16 أغسطس/آب الأخير، بقيادة فرقة العمل الثانية متعددة المجالات التابعة للجيش الأمريكي 2024. وشاركت فيه قوات من الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وألمانيا والمغرب. وتضمن تدريبات متطورة جدا على الحرب الإلكترونية في بيئة مختلطة، ركزت على استخدام ومحاكاة تأثيرات غير مميتة ضد الخصوم عبر جميع المجالات، بما في ذلك في البر، والبحر، والجو، والفضاء، وفضاء الأنترنت.. حيث تمت محاكاة سيناريوهات حروب تعتمد على تكنولوجيا كهرومغناطيسية. وضم هذا التمرين متعدد المجالات حوالي 300 جندي، من الولايات المتحدة والمغرب والمملكة المتحدة وألمانيا. وتم إجراؤه في كل من ألمانيا والمغرب.
ولذلك يبدو موضوعيا أن يطرح التمرين التكتيكي للبحرية المغربية الذي انطلق الأحد، الكثير من علامات الاستفهام حول خلفياته وأهدافه وكذا دلالات اختيار المكان والتوقيت.
ووفقا لمحللين عسكريين مغاربة، فإن تمرين البحرية المغربية للخريف الحالي، مثل ما كان الحال لتمرين الربيع الماضي، يروم بالأساس التأكيد من المملكة على سيادتها الكاملة على سواحل الصحراء، خاصة بعد المواقف الصادرة عن محكمة العدل الأوروبية، التي أثارت الشكوك حول موقف الاتحاد بشأن الصحراء الغربية، في ارتباطها باتفاقية الصيد البحري بين بروكسل والرباط، ذات المحكمة التي سبق أن حثت دول الاتحاد على “حماية” هذه المياه.
ففي سبتمبر/أيلول 2021 ─للتذكير─ أصدرت محكمة العدل الأوروبية قرارا يلغي اتفاقية الصيد البحري التي سبق أن وقعها المغرب مع الاتحاد، والتي كان يُسمح بمقتضاها لسفن تابعة لبعض دول الاتحاد (غالبيتها إسبانية) بالصيد في المياه المغربية، بما فيها السواحل الصحراوية. لكن مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي وجمعية مغربية للصيادين إلى جانب فرنسا وإسبانيا استأنفوا قرار المحكمة. وفي يوليو/تموز 2023 انتهت مدة صلاحية اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، ولم يتم تجديدها. وتوقف بالتالي نشاط الصيادين الأوروبيين في المياه المغربية، بينما شرع المغرب في التوجه نحو أسواق خارجية أخرى بينها السوق الروسية، لتسويق منتجاته البحرية. وبالتالي، تدخل هذه التمارين التكتيكية التي تنظمها البحرية المغربية بشكل دوري، في باب التأكيد المتواصل على سيادة المغرب على صحرائه. في انتظار صدور حكم نهائي عن محكمة العدل الأوروبية (تاريخ صدوره غير محدد).
كما يأتي الإعلان عن هذه المناورات البحرية، غداة الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، وأيضا في ظل المفاوضات المغربية الإسبانية الشائكة بشأن ترسيم الحدود البحرية بينهما، وفي ظل وضع إقليمي موسوم بالتوتر، ما يعطي لهذه المناورات أبعاد وأهدافا مختلفة ومتداخلة.
كما أن من بين رسائل التمرين بالذخيرة الحية، وفقا لمراقبين مغاربة، في سواحل الصحراء الحساسة، مراقبة طرق المتاجرة في المخدرات التي أصبحت تتخذ من سواحل غرب أفريقيا، طرقا لتهريب بضاعتها من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا عبر جزر الكناري. كما يستهدف التمرين تدريبات على الإغاثة في عرض البحر، خاصة أن سواحل المنطقة تشهد حملات لا تتوقف، للهجرة السرية التي تنطلق من السنغال وموريتانيا وسواحل الصحراء الغربية نحو جزر الكناري.
بينما يعتبر د. عبد الرحمن مكاوي المحاضر في معاهد وكليات عسكرية واستراتيجية في أوروبا، بأن المناورات بالذخيرة الحية في هذه المنطقة، تهدف إلى “التدرب على أسلحة جديد اقتناها المغرب من دول صديقة وشقيقة، وخاصة بعض الأسلحة المتطورة التي نصبت على بعض البوارج البحرية المغربية”. بمعنى أن تجريبها سيتم في الميدان وفي ظروف حرب حقيقية. ويلفت مكاوي الانتباه إلى أن “هذه المناورات ستجرى بين فاتح سبتمبر/أيلول وإلى غاية نهاية ديسمبر/كانون الأول القادم، وهي الفترة نفسها التي تنشط فيها شبكات تهريب السلاح والمخدرات والهجرة السرية”.
بينما ربطت تقارير تمرين البحرية المغربية بالتسريبات الاستخباراتية التي راجت مؤخرا، حول قيام بعض خلايا جبهة بوليساريو بالتمرن على الغطس في بعض السواحل الموريتانية، بغاية التسلل إلى مدن الصحراء الغربية لتنفيذ هجمات ضد مصالح مغربية أو أجنبية هناك.
البحرية الملكية تمر بـ “مرحلة انتقالية شاملة”
بحسب آخر ترتيب صادر منصة “وايسفوتر” الأمريكية الشهيرة للعام الجاري، فإن الأسطول العسكري المغربي يحتل المرتبة 61 عالميا (من بين 145 دولة تمت مقارنة جيوشها البحرية)، والرابعة على المستوى الأفريقي، بامتلاكه 121 قطعة بحرية عسكرية، بينها فرقيطة [سفينة كورفيت] واحدة، و6 فرقاطات، و39 سفينة حربية للدوريات. ووفقا لتقرير معهد “غلوبل فاير” الأمريكي للعام 2024، فإن البحرية المغربية لا تمتلك حاليا لا غواصات، ولا كاسحات ألغام، ولا مدمرات، ولا حاملات هليكوبتر…
لكن، وبرأي الكثير من الخبراء الدوليين في المجال، فإن البحرية المغربية تمر اليوم بـ “مرحلة انتقالية شاملة”، ومرشحة لأن تصبح أقوى في غضون السنوات القادمة، بفضل مخططها الذي تقوم بتنفيذه، والرامي إلى بناء أسطول حربي قوي. وذلك بعد أن ظلت على مدى عقود هي الأقل استفادة من ميزانية الدفاع، بالمقارنة مع الجيوش البرية والجوية للمملكة. وضمن هذا المخطط الطموح يسعى المغرب إلى امتلاك غواصات فرنسية الصنع، بعدما ترددت المملكة طويلا في اقتناء غواصات إيطالية أو روسية من الجيل القديم تعمل بالديزل (مثل تلك التي تمتلكها الجزائر). كما تخطط المملكة لاقتناء كاسحات ألغام، إلى جانب فرقاطة متطورة يجري بناء هيكلها حاليا في إسبانيا، ومن المقرر أن يعهد إلى شركات عسكرية إسرائيلية بتسليحها وتجهيزها بالرادارات وباقي المعدات الحربية الأخرى.
على مستوى البنى التحتية، يتوفر المغرب على قواعد عسكرية بحرية عصرية، أهمها قاعدة القصر الصغير الاستراتيجية في بوغاز جبل طارق على البحر الأبيض المتوسط، عند الضفة الجنوبية لمضيق جبل طارق الاستراتيجي (بين مدينتي طنجة وسبتة المحتلة). وقاعدة مدينة الداخلة في قلب الصحراء الغربية. وعلى الرغم من أنها تصطف من ناحية مع السفن الحديثة جدا من الدرجة الأولى، إلا أنها مكرهة على السعي إلى مزيد من التطور من أجل الوقوف في وجه التحديات التي يفرضها موقع المغرب الجغرافي الحساس، بين بلدين جارين تجمعه بهما نزاعات إقليمية مزمنة هما الجزائر شرقا، وإسبانيا شمالا. ولعل أبرزها النزاع مع مدريد حول تحديد مناطق الصيد، وتلك المتعلقة بسبتة ومليلية والجزر المغربية اللتين تحتلهما في البحر الأبيض المتوسط، والخلاف المعقد حول تحديد المناطق الاقتصادية الخالصة مع إسبانيا، هي أيضا جزء من التحديات ذات الأولوية للدفاع المغربي. ولا ننسى أيضا قضية الصحراء الغربية، التي تنازع عليها جبهة البوليساريو ومن خلفها الجزائر منذ عدة عقود.
بالمحصلة، تلعب في ذلك يلعب تأهيل آليات الرصد والإبلاغ والرد للبحرية الملكية أدورا رئيسة في تأمين الخط الساحلي للمناطق المتنازع عليها. وطبعا يشكل تنظيم مناورات عسكرية دورية أهمية كبرى في هذا المجال، حيث تشير الأهداف المعلنة للمناورات البحرية إلى تعزيز إعداد قوات البحرية المغربية لمختلف السيناريوهات المحتملة وتطوير مهارات أفرادها. وتعكس هذه الأهداف اهتمام المملكة المستمر بتعزيز قدراتها العسكرية وتأكيد دورها كلاعب إقليمي مؤثر.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس