إغلاق الحدود يصيب السياحة المغربية في مقتل

19
إغلاق الحدود يصيب السياحة المغربية في مقتل
إغلاق الحدود يصيب السياحة المغربية في مقتل

مصطفى واعراب

أفريقيا برس – المغرب. يتخوف العاملون في قطاع السياحة المغربية من “ضربة قاضية”، تعمّق الأزمة التي تصيب هذا القطاع الحيوي للاقتصاد المغربي للعام الثاني، بسبب إغلاق الحدود مجددا بسبب جائحة كوفيد-19، خصوصا مع فرنسا التي تعد أهم مصدر للسياح الأجانب.

يسعى المغرب من وراء إغلاق حدوده إلى الحفاظ على المكاسب الهامة التي حققها في التصدي للجائحة، إضافة إلى حملة التلقيح التي استفاد منها حتى الآن أكثر من 60% من السكان (أكثر من 22 مليونا). لكن مهنيين يرون بأن تعليق الرحلات الدولية الآن يشكل “خبراً سيئا بالنسبة إلى السياحة المغربية، التي هي أصلا في وضع جد صعب بسبب الخسائر الكبيرة التي تكبدتها. خصوصا أنه يأتي بعد تسجيل ارتفاع في الحجوزات باتجاه المغرب، الذي كان قد أصبح بديلا لوجهات سياحية أخرى أقل أمانا، بسبب الوباء.

ضربة قاضية

هكذا، وبينما كان المهنيون يعوّلون على عُطَل أعياد نهاية السنة لتخفيف الخسائر، التي يتكبدها القطاع منذ عامين، يأسف رئيس فيدرالية الفندقيين المغاربة لحسن زلماط، لكون “الانتعاشة المأمولة لن تتحقق”. ويضيف: “كل الحجوزات ألغيت وجُلّ الفنادق سوف تُضطرّ إلى الإغلاق، علما بأن نحو 50 ℅ منها مغلقة أصلا منذ بدء الجائحة”. ويصف رئيس فيدرالية أرباب وكالات الأسفار محمد السملالي، من جانبه، تعليق الرحلات مع فرنسا في هذه الفترة بالذات بـ”الضربة القاضية للقطاع”. وينبّه إلى أن “قرابة 80 ℅ من وكالات الأسفار لا تزال مغلقة منذ ظهور الجائحة مطلع 2020”. وبحسب بعض المهنيين، فإن السياحة المغربية ستخسر أكثر من 100 مليون دولار على أقل تقدير، خلال فترة رأس السنة الميلادية الحالية.

هكذا بعدما ظلة مغلقة في وجه 54 بلداً لأشهر طويلة بعد ظهور الجائحة، أعاد المغرب فتح حدوده تدريجيا ابتداء من يونيو الماضي، وهو ما مكن من تحقيق تحسن نسبي لنشاط هذا القطاع الحيوي للاقتصاد المغربي، الذي يشكل قرابة 7% من الناتج الداخلي الخام.

وتبعاً لذلك، ارتفع عدد السياح القادمين إلى المملكة إلى قرابة المليونين ما بين يونيو وغشت، مقابل 165 ألفا فقط خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفق آخر نشرة لوزارة المالية حول الظرفية الاقتصادية. وبقيت آمال استمرار هذا الانتعاش قائمة مع تحسن الوضع الوبائي في المملكة خلال الأشهر الأخيرة، ما سمح برفع حظر التجوال الليلي المفروض لأشهر، وتخفيف القيود على التنقلات داخل المملكة وعلى ولوج الفنادق والمطاعم والمرافق السياحية.

لكن السلطات المغربية عادت لتغلق الحدود في وجه المسافرين القادمين من ألمانيا وهولندا وبريطانيا ابتداء من 20 أكتوبر الماضي، قبل أن تضاف فرنسا إلى اللائحة حتى إشعار آخر. ويزيد في حجم الخسائر المتوقعة أن الإغلاق يصادف شهر ديسمبر، الذي “كان ينتظر قدوم نحو 100 ألف سائح فرنسي ألغوا حجوزاتهم الآن”، بحسب مصادر من القطاع.

خسائر فادحة

لقد أسهم انتعاش السياحة الداخلية في امتصاص الصدمة خلال الصيف الماضي. إلا أن المهنيين لا يعولون عليها كثيرا لتقليل الخسائر المرتقبة خلال نهاية العام، “في ظل حالة الشك المرتبطة بتطورات الوباء”، كما يقول رئيس فيدرالية الفندقيين المغاربة لحسن زلماط. فقد تراجعت مداخيل القطاع إجمالا بمعدل 65 ℅ بين 2019 و2020، وفق أرقام رسمية. كما انهار عدد ليالي المبيت في الفنادق من 25,2 مليون ليلة عام 2019، إلى 7 ملايين فقط في العام الماضي. أما على المستوى الاجتماعي، فيقدر زلماط عدد الوظائف التي ستلغى حاليا بسب أزمة القطاع بنحو 20 إلى 30%. وبحسب وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور، فإن السلطات المغربية سوف تعيد تقديم دعم شهري يقارب 2000 درهم لمهنيي القطاع المتوقفين عن العمل، خلال الأشهر الأخيرة من هذا العام. وتُجهل التفاصيل حول عدد المستفيدين من هذه العملية.

واعتُمدت هذه الإعانات منذ بدء الجائحة، ثم توقفت خلال انتعاشة القطاع الصيف الماضي. لكنها شملت فقط العاملين النظاميين المصرح بهم في صندوق الضمان الاجتماعي. وعلى الصعيد العالمي، قدّرت منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، خسائر هذا القطاع بتريليونَي (ألفَيْ مليار) دولار عام 2021، وهو مبلغ مماثل للعام الماضي، واصفة تعافي القطاع بأنه “بطيء” و”هش”.

ويجد المهنيون صعوبة في فهم قرارات الحكومة بشأن إغلاق الحدود، الذي يضعف في كل مرة آمالهم في أن يتمكنوا من تدبير أعمالهم، في ظل الأزمة الصحية التي طالت. فيفقدون ثقة العملاء ووكالات الأسفار الفرنسية. فبحسب مصادر المهنيين، باعت بعض شركات النقل السياحي أساطيل نقلها، أو حجزت بعضها الآخر البنوك. وفي الوقت نفسه، تمر صناعة الفنادق بأسوأ حالاتها حيث تقدمت 50% من وكالات الأسفار بجهة مراكش-أسفي بطلب مسطرة لإفلاس. ويعبر المهنيون عن مخاوف جدية بشأن مستقبل القطاع، بسبب فقدانهم ثقة عملائهم ووكالات الأسفار الدولية، ما سيجعل وجهة المغرب تعاني من عواقب تلعات الإغلاق الحالي في المستقبل.

مجموعة “الشعبي” تبحث عن التخلص من فنادقها

من تبعات الأزمة التي تضرب القطاع السياحي بقوة، تناقلت مصادر مطلعة خبر بحث مجموعة “ينا هولدينغYnna Holding ” وهي الشركة القابضة التي تملكها عائلة الملياردير الراحل الحاج ميلود الشعبي، عن حل للمشاكل المتراكمة لسلسلة فنادقها التي تحمل اسم “موغادورMogador Hôtels & Resorts “. فالمجموعة توجد بصدد البحث عن مخرج لتخفيف أزمتها، إما عن طريق بيع فنادق سلسلتها السبعة الموزعة بين مراكش والصويرة وأكادير، أو تفويتها لجهة تقوم بتسييرها. وكشفت ذات المصادر أن “ينا هولدينغ” تواجه مشكلا أكبر وأكثر إلحاحا، ويتمثل في وجود حوالي 800 مستخدم تابعين للمجموعة القابضة في حالة بطالة بسبب الأزمة، وتسعى إدارة المجموعة إلى التخلص منهم بأقل التكاليف.

والمعروف أن الفنادق التابعة للمجموعة (مثلها مثل سلسلة أسواقها الممتازة “أسواق السلام”)، تحظر تقديم أو بيع المشروبات الكحولية لزبائنها. وظلت تستهدف بالتالي السياحة والتسوق العائلي، منذ إنشائها بأوامر صارمة من مؤسسها الراحل ميلود الشعبي. وجعل ذلك زبائنها ينحصرون أساسا في العائلات المغربية والخليجية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس