مصطفى واعراب
أفريقيا برس – المغرب. لا يبدو أن متاعب هولندا مع “المافيا المغربية” ستتوقف قريبا، لمجرد إدانة أخطر زعمائها وأعضائها بأحكام ثقيلة، وإيداعهم سجن Nieuw Vosseveld الشديد الحراسة. فبعدما اكتشف الأمن الهولندي قبل عام من اليوم ترصد تلك المافيا لرئيس الوزراء الهولندي مارك روتة، بنية خطفه أو اغتياله بسبب التزامه بالقضاء على الجريمة المنظمة في بلاده، عاد الحديث عن “المافيا المغربية” من جديد من طرف الإعلام الهولندي والدولي، خلال الأسابيع الأخيرة.
والسبب هذه المرة، هو وصول الأمن الهولندي إلى معلومات تفيد بأن زعيم المافيا المغربية رضوان التاغي الذي ما زال يتزعم الجريمة المنظمة من داخل السجن حاول ويحاول جاهدا الفرار من زنزانته. والأخطر أنه يخطط لخطف وريثة العرش الهولندي، الأميرة الشابة كاتارينا أماليا، لمقايضة إطلاق سراحها بإطلاقه.
في هولندا، كان رئيس الحكومة يتنقل إلى مقر عمله بدراجته الهوائية، ويذهب إلى البرلمان سيرا على قدميه. بينما كانت الأميرة أماليا (19 سنة) تخالط الناس كأي مواطنة عادية، وتخطط للسكن قرب الجامعة، لتختلط بزملائها الطلاب والطالبات وتكون صداقات… لكن بعد التهديدات الجدية للمافيا، أصبح رئيس الحكومة يتحرك في موكب من العشرات من قوات الأمن المدربة جيدا، وترك دراجته في بيته. أما ولية العهد فأصبحت لا تغادر منزلها بسبب الاحتياطات الأمنية المشددة التي تخضع لها. وهو مشهد جديد على بلاد الطواحين الهوائية!

المافيا المغربية هي مجموعة إجرامية عنيفة جدا، وتنشط بشكل كبير جدا في هولندا وبلجيكا بشكل خاص. وتشير تقارير أمنية دولية إلى أنها قوية إلى درجة أنها تتحكم في ثلث تجارة المخدرات التي تروج داخل الاتحاد الأوروبي.
كما أنها معروفة بتطرفها حيث سبق لها أن أقدمت على العديد من التصفيات الجسدية، بينها تصفية محام بأمستردام سنة 2019، كان متخصصا في قضايا الجريمة المنظمة وشبكات تهريب المخدرات. كما اغتالت قبل سنوات قليلة، وسط الشارع العام صحفيا هولنديا كان معروفا بتعاطفه مع الجالية المغربية، ما دفع رجال الدين من أصل مغربي إلى الرد بإصدار بيانات شديدة اللهجة، تندد بقوة بهذه الجريمة وتتعاطف مع الصحفي المغدور.
أما عن التصفيات المروعة التي تقوم بها المافيا المذكورة في صفوف “الخونة” والمنافسين لها من ذوي الأصول المغربية أنفسهم، فإنها تثير القشعريرة لفرط قسوتها.

أميرة تحت رحمة المافيا
ومنذ أسابيع، أصبحت ولية عهد هولندا الأميرة “كاثرين أماليا” هدفا لأخطر مهربي المخدرات، الذين عرفتهم البلاد منذ سنوات، حيث تعاملت السلطات مع هذه التهديدات بالاختطاف أو الهجوم على محمل الجد، لأنها تعرف هذه الجماعات وقائدها، بعد رصد الشرطة الهولندية محادثات بين عناصر من الجريمة المنظمة.
أماليا التي تبلغ من العمر 18 عامًا، حاول والداها منذ ولادتها ضمانَ حياة عادية لها قدرَ الإمكان، وبعيدًا عن دائرة الضوء، حتى تتمكن من أن تكوّن أصدقاء ورفاقا في فصلها الدراسي، ولكن الآن، فجأة، اضطرت إلى عزل نفسها في المقر الرسمي لوالديها، الملوك ويليم ألكسندر وماكسيما، في لاهاي، وقامت بتغيير جذري في الحياة التي عاشتها حتى الآن.
وبحسب الإعلام الهولندي، فإن الأميرة كانت تخطط قبل الصيف الأخير، للانتقال إلى غرفة مشتركة في العاصمة الهولندية قريبة من جامعة أمستردام، حيث تتابع دراسة السياسة وعلم النفس والقانون والاقتصاد، على أساس أن يرافقها فريقها الأمني دون أن يلاحظه أحد بقدر الإمكان. لكن هذا كله أصبح من الماضي، حيث تحظى حاليا بحماية من فريق يعد من أفضل عملاء الأمن في هولندا. لكن ذلك ليس كافيا للسماح لها بالمُضي قدما في حياتها بشكل طبيعي، كما كانت تأمل وتخطط.

وبحسب صحيفة “دي فولكس كرانت” الهولندية، التي كانت سباقة إلى الكشف عن واقع التهديدات التي تتعرض لها الأميرة الشابة في سبتمبر الماضي، فإنه في حال اضطرت أماليا للبقاء في المنزل لأطول فترة ممكنة لأن فريقها الأمني غير كاف لضمان حياة طبيعية لها، فإن ذلك يعني أن “التهديدات التي تواجهها حاليا تتجاوز أي أمن يمكن أن يؤمنه لها الرجال الذين يحملون سماعات على الرأس وبنادق”. ويضيف تقرير الصحيفة بأن فريق الاستخبارات الجنائية التابع للإدارة الوطنية للتحقيقات الجنائية في هولندا، توصل إلى معلومات تفيد بأن التهديد قد زاد ضد الأميرة أماليا وضد رئيس الوزراء مارك روته من قبل الجريمة المنظمة.
ويكشف التقرير أنه يفترض إبقاء أماليا في المنزل، حيث إن خطط منظمات الجريمة المنظمة خطيرة بما يكفي للقيام بعملية اختطاف ناجحة لها. ويعتقد مُحَلِّلو الشرطة الهولندية بأن تلك المنظمات تعتبر الأميرة أماليا ورئيس الوزراء روته، ورقتان للمساومة من شأن حيازتهما أن تساعدا على إخراج قادتها وأتباعها القابعين خلف قضبان السجن، وخاصة زعيم المافيا المغربية وهي المجموعة الأكثر خطورة، المدعو رضوان التاغي. وتقول تقارير الأمن الهولندي، إن التاغي كان يخطط بالفعل للفرار من سجنه، لكن جميع محاولاته باءت بالفشل (حتى الآن). لذلك يُحتمل أن تكون خطة منظمته كما تعتقد الشرطة الهولندية هي: أميرة مقابل مجرم.
ويفرض هذا الوضع الشديد الخطورة على الأميرة أماليا، بحسب الإعلام الهولندي دائما، عدم مغادرة المنزل لأسباب أمنية، كما أكد ذلك والداها الملك ويليم ألكسندر والملكة مكسيما بنفسيهما للصحافة، خلال زيارتهما الرسمية إلى السويد في أكتوبر 2022.

من هو رضوان التاغي؟
رضوان التاغي هو مواطن هولندي من أصل مغربي، من مواليد 20 ديسمبر 1977 بتطوان (أقصى شمال المغرب)، يتزعم منظمة “ملائكة الموت” التي تعتبر من أخطر عصابات الجريمة المنظمة بأوروبا. ويتهمه الأمن والقضاء الهولنديين بكونه المسؤول الرئيس بارتكاب عشر جرائم قتل على الأقل، تتعلق بالجريمة المنظمة وتهريب المخدرات وقيادة منظمة إجرامية. ومن أبرز جرائم القتل التي اقترفها، إصداره الأمر بقتل شقيق الشاهد المغربي (نبيل ب.) ضد منظمته، والمحامي الهولندي لذلك الشاهد “وديرك ويرسوم”، والمستشار السري لذلك السري الذي انقلب على المافيا المغربية، والصحفي الهولندي المتخصص في الجرائم الدولية “بيتر ر. دي فريس”. كما يحفل السجل الإجرامي لرضوان التاغي مسؤوليته عن الضلوع في اغتيالات خارج التراب الهولندي.
تمكن التاغي من الإفلات طويلا من القبض عليه، من خلال تغيير مظهره باستمرار واستخدام جوازات سفر وتأشيرات مزورة. لكنه اعتقل في أواخر عام 2019 في دبي بالإمارات العربية، حيث كان يعيش متخفيا في وقت اعتُبر أكثر المجرمين المطلوبين في هولندا، حيث حطم الرقم القياسي بمكافأة رصدتها هولندا لكل من يقود إلى توقيفه بلغت 100 ألف يورو.
وقد كشفت الوثائق التي أصدرتها إدارة مكافحة المخدرات بالولايات المتحدة (DEA)، وتم إرسالها إلى الشرطة الهولندية، معلومات خطيرة حول ما بدا أنه كارتل مخدرات كبير برئاسة كل من رضوان التاغي ورافاييل إمبريال (تاجر المخدرات والأسلحة في المافيا الإيطالية)، ودانييل كيناهان (زعيم الجريمة المنظمة الأيرلندي الشهير)، وإيدن غانين (مهرب مخدرات بوسني خطير). وتم ترصد هذه المجموعة من قبل إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية، بينما كانت تعقد اجتماعاتها خلال العام 2017 في فندق برج العرب في دبي، حيث تتمركز قاعدة الكارتل المزعوم بحسب الوثائق.
وتعتبر إدارة مكافحة المخدرات المذكورة أن هذا الكارتل هو واحد من أكبر خمسين كارتلات مخدرات في العالم، إذ يحتكر فعليا ترويج كوكايين البيرو، ويسيطر على حوالي ثلث إجمالي تجارة الكوكايين الأوروبية. كما تذكر تقارير أمنية أخرى أن رضوان التاغي كان على علاقته بأحد أكبر كارتيلات المخدرات بأفريقيا، المعروف بـ “كارتيل طنجة” الذي عمل لصالح رضوان التاغي لفترة طويلة في جلب الكوكايين، من أعماق أفريقيا إلى شمال المغرب ومنه يتم نقله إلى أوروبا. كما عرف عن التاغي علاقته (سابقا) برئيس سورينام وهي دولة صغيرة في أمريكا الوسطى.
بعد اعتقال التاغي في دبي في 16 ديسمبر 2019، وبما أن هولندا ليست لديها معاهدة تسليم المجرمين مع الإمارات، فقد تم ترحيله بعد ثلاثة أيام من اعتقاله بعد على إعلان الحكومة الإماراتية بأنه شخص غير مرغوب فيه، لأنه دخل الإمارات بهوية مزورة. وبعد توقيفه، خضع للتحقيق على أيدي ضباط شرطة مغاربة وإماراتيين، قبل أن يتم تسليمه إلى هولندا حيث حكم عليه بالسجن المؤبد.
وبعد إدانته بحكم بالسجن مدى الحياة، تم نقل رضوان التاغي رفقة العشرات من زعماء وأعضاء المافيا من المغاربة واللاتينو-أمريكيين إلى سجن Nieuw Vosseveld شديد الحراسة، اعتبارا من العام الجاري.

مافيا أقوى من الدولة!
إن ما يحمل السلطات الأمنية والقضائية والسياسية الهولندية على القلق الشديد حول سلامة وريثة العرش ورئيس الحكومة، هو أن أكثر التهم التصاقا بالمافيا المغربية في هولندا، كونها عصابات الجريمة المنظمة الأكثرعنفا وقسوة في البلاد. فتمكنها من بسط سيطرتها على أسواق تهريب المخدرات بأهم المدن الهولندية، كأمستردام، وروتردام، وأوتريخت، وأنتويرب (المعروفة أيضا باسم أنفيرس) في بلجيكا، لم يأت من فراغ. بل إن ذلك يعني ضمن ما يعنيه، أن في حوزة العصابات المغربية المتنافسة والمتصارعة، قتلة محترفين مدربون جيدا وأغلبهم مغاربة، يقومون باسمها بكل الأعمال القذرة بقسوة. ولذلك فعندما تعرضت كمية كبيرة تقدر بحوالي 3 أطنان من مخدر الكوكايين، كانت في طريقها من أمريكا اللاتينية نحو هولندا، للحجز من طرف السلطات البلجيكية في العام 2012، اندلعت حرب دامية وطويلة بين العصابات المغربية المتنافسة في هولندا وبلجيكا إثر تبادل الاتهامات فيما بينها. فالعملية كانت كبيرة جدا ونظمتها المافيا المغربية بهولندا، بعد أن اشترت تواطؤ أفراد من الجمارك البلجيكية بميناء أنتويرب، تمت محاكمتهم بعد ذلك. وبالمنطق فإن الخسائر التي تكبدتها كانت جسيمة، ولذلك ما تزال المافيا المغربية تعتبر أنها كانت ضحية لـ “خيانة” عصابات مغربية منافسة “باعتها” للسلطات البلجيكية.

هكذا، وبعدما ظلت تشتغل لعقود طويلة في الظل. تحول الجزء الأكبر من المافيا المغربية بسبب الحادث إياه إلى مادة إخبارية تتصدر نشرات الأنباء من حين لآخر. وإذا كان من الصعب الحديث عن ملابسات وقوع أكثر من 50 مافيوزيا مغربيا قتلى، في حمام الدم هذا الذي ما يزال قائما حتى الساعة، فإن العبرة تكمن في بعض تفاصيلها القوية. ففي العام 2015، اعتقل عبد القادر بوكر (الملقب باليهودي لارتباطاته بالمافيا الاسرائيلية)، وهو أحد كبار مهربي المخدرات القوية في بلجيكا وهولندا، بفندق في مدينة أنتويرب، وبحوزته ثلث طن من الكوكايين المهربة من أمريكا اللاتينية. وفي صيف العام الموالي، تعرض بوكر للاختطاف في قلب المدينة نفسها، قبل أن تعثر الشرطة البلجيكية لاحقا على بقايا جسده الذي أذيب في سائل حامضي (أسيد).
وكشفت التحقيقات في شأن هذه الجريمة المروعة، أن بوكر هذا كان على خلاف مع عصابة مغربية منافسة تنشط في أمستردام، كانت تتهمه بالوقوف وراء ضياع كمية كبيرة من مخدراتها. وقبل مقتل عبد القادر بوكر، كانت سلطات الأمن المغربية قد نجحت في مطلع العام 2016، في اعتقال تاجر المخدرات الدولي الحسين سوسان بمطار مراكش، بعد أن ضبطت في حوزته جوازات سفر مزورة وأموالا وساعات ثمينة. وسوسان هذا الملقب بـ “الحويس”، من مواليد 1980 بهولندا وينحدر من مدينة ورزازات. وهو من رؤوس المافيا المغربية الكبيرة، إذ تتهمه السلطات الأمنية الهولندية بالضلوع في الحرب المذكورة بين عصابات المافيا المغربية، لاتهامها إياه بالضلوع في ضياع جزء من شحنة مخدرات كوكايين لعصابة مغاربة من أنتويرب البلجيكية، تقدر بقرابة طن، ونتج عنها سقوط قتلى بين هولندا وبلجيكا.
لقد انفرز الصراع بوضوح تقريبا حاليا، بين عصابات مغربية تتحكم في رواج الممنوعات بميناء أنفرس البلجيكي من جهة، وعصابات أخرى منافسة تنشط ضمن المافيا المغربية بهولندا. وتتهم الأطراف المتقاتلة بعضها البعض بالخيانة والكشف عن عملياتها للشرطة، أو بأنها تسرق بعضها. ودفع ذلك عددا من أفراد المافيا المغربية المستهدفين بالتصفية إلى اللجوء إلى الشرطة الهولندية، بحثا عن الحماية في مقابل كشف الأسرار والشهادة أمام المحاكم في مواجهة أعدائهم. وطبعا يجر ذلك حملات انتقام على أسر أولئك “الخونة”.
وهكذا تمكن الأمن الهولندي بعد مجهودات جبارة استغرقت سنوات، من توقيف العشرات من رؤوس المافيا المغربية وشرعت في محاكمتهم في “محاكمة تاريخية” ما تزال متواصلة منذ سنوات، لم تعرف لها هولندا شبيها في تاريخها. لكن ذلك ليس كافيا لكسر شوكة المافيا المغربية الخطيرة…
المافيا المغربية.. اسم يثير الرعب في الأراضي المنخفضة
بالفلامانية، وهي لغة أهل هولندا وبلجيكا، يسمونها “موكرو مافيا Mocro Maffia”. وفي سجلات الأمن الأوروبي والمغربي يتعلق الأمر بشبكة واسعة من رجال العصابات من ذوي الأصول المغربية، تمارس أنشطتها غير القانونية داخل فضاء الاتحاد الأوروبي وفي المغرب. وبالنسبة إلى رجل الشارع العادي، لا يزيد الأمر عن وجوه مغاربية، تتصدر الصفحات الأولى للصحف وتملأ شاشات الفضائيات من وقت لآخر، كلما حدث اعتقال أحد أفرادها أو زعمائها أو تمت تصفيته.

غير أنه منذ العام 2012، أصبح الحديث عن المافيا المغربية مقترنا باسم جديد هو Mocro-oorlog، الذي يعني في ذات اللغة “حرب المافيا المغربية”. لقد اشتعلت حرب ضروس بين مغاربة المافيا وامتدت ساحتها إلى خارج الفضاء الأوروبي، في المغرب الأقرب وبلدان أمريكا اللاتينية البعيدة جدا. لكن بداية، ما هي قصة ما يسمى بـ “المافيا المغربية”؟
بدأت الهجرة من المغرب تغذي مناجم مصانع الحديد بمقاطعتي والونيا والفلاندرز ببلجيكا، ابتداء من عقد الستينيات من القرن الماضي. ولم تلبث هولندا أن صارت قبلة منافسة لبلجيكا، حيث كان الزخم الأكبر وافدا إليها من شمال المغرب، وخصوصا من منطقة الريف. لكن عقد السبعينيات سوف يشهد ميلاد النواة الأولى لـ “المافيا المغربية”. فنتيجة للأزمة، تخلصت المناجم ومصانع الحديد والنسيج في البلدين من عمالها المغاربة على نطاق واسع. وتعويضا منهم على موارد رزقهم، انضم كثيرون منهم إلى عصابات إجرامية قائمة أو خلقوا أخرى. وسرعان ما لمع نجم المافيا المغربية الناشئة، بعدما كشفت عصابات تهريب الكوكايين من فرنسا إلى أمريكا، المشتهرة دوليا باسم “فرانش كونيكشن”، لبعض تجار المخدرات المغاربة أسرار صنع عجين الحشيش. فأصبح هؤلاء بعد حين، يشكلون أكبر شبكة متخصصة في صنع حشيش الكيف في العالم. وتحولت مدينة أنفرس البلجيكية على أيديهم إلى قرص دوار، تنصهر فيه الأجيال التي ولدت بالمغرب مع تلك الأخرى التي ولدت في بلاد الهجرة، للتدريب على أساليب المافيا وترويج بضاعتهم محليا وفي كل الآفاق.
وشهدت سنوات الثمانينيات من القرن الماضي نمو المافيا المغربية وتطورها على نحو متسارع. وما أن وصل العام 2004 حتى أشارت تقارير الشرطة الأوروبية (أوروبول)، إلى أن المافيا المغربية أصبحت ثاني عصابات الجريمة المنظمة الأكثر نموا في أوروبا. وتوسع مجال أنشطتها ليضم العاصمة الهولندية أمستردام، التي أصبح المافيوزيون المغاربة هم من يتحكم في الجزء الأكبر من عوالمها السفلى. وتحول نتيجة لذلك قسم هام من الدياسبورا المغربية (الريفية على الخصوص) يدير عملية تسويق الحشيش المنتج في شمال المغرب، والمهرب من أماكن أخرى من العالم (كوكايين أمريكا اللاتينية، على الخصوص). ولضمان أعداء أقل في هذه العوالم الممنوعة، خلقت المافيا المغربية تحالفات واسعة مع المافيات الرومانية والإيرلندية وغيرها. وبرزت كنتيجة لهذا الاكتساح المغربي عائلات ريفية شهيرة بهولندا وبلجيكا، من بين أبرزها نذكر عائلتَي اليوسفي والعلمي. وبحسب تقارير أمنية أوروبية، فإن ذلك يعكس الروح العشائرية والأسرية المتجذرة في نفوس أولئك المغاربة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس