حرب الجيل الخامس..سباق مغاربي جديد على مقومات الحرب الإلكترونية

38
"خفية" لكن مُدَمِّرة جدا.. حرب الجيل الخامس "الهجينة" سباق معربي - جزائري جديد على مقومات الحرب الإلكترونية

مصطفى واعراب

أفريقيا برس – المغرب. قبل عامين تقريبا، حذر مسؤول كبير في الجيش الجزائري مسؤولي بلاده، من أن “شن الحرب على المغرب ينبغي أن يتم اليوم قبل الغد”. ونقلت صحيفة “لوبينيون” الفرنسية عن المسؤول العسكري، الذي فضل عدم كشف هويته، اعترافه بأن “الجزائر قلقة للغاية من التطورات الأخيرة في العلاقات بين المغرب وإسرائيل، لأنها ستغير قواعد اللعبة تماما بعد ثلاث سنوات”، وأن “أكثر ما يقلق الجزائريين هو أسلحة الحرب الإلكترونية والطائرات بدون طيار”.

حديث الجنرال الجزائري (المجهول) للصحيفة الفرنسية، أتى حينها كنوع من الضغط على جهات القرار في بلاده، لتعزيز الأصوات الكثيرة التي تحرض على الدخول في حرب مع المغرب، غداة استرجاع الرباط لمعبر الكَركَرات الاستراتيجي بالصحراء المغربية، الذي يعتبر نقطة العبور البرية الوحيدة له إلى القارة الأفريقية.
وكان مبرر كلام الجنرال الغامض أنه “في الوقت الحالي (أي قبل عامين من اليوم)، يطلب الأمريكيون من الإسرائيليين عدم بيع المغرب منظومات سلاح متطورة للغاية، من شأنها أن تحدث اختلالا فوريا في ميزان القوى لصالح المغرب.. لكن هذا الأمر قد يتغير في غضون ثلاث سنوات”.

والواقع أن المعادلة تغيرت بالفعل حتى قبل مرور الثلاث سنوات. فقد باعت أمريكا نفسها للمغرب طائرات ومعدات للحرب الإلكترونية، تعتبر من بين الأكثر تطورا في العالم.. أما إسرائيل فإن نوعية وكمية السلاح والمعدات الخاصة بالحرب الإلكترونية التي باعتها للرباط في أقل من عام، تعتبر غير مسبوقة مع أية دولة عربية أخرى، بحيث إنها باتت تقلق حتى دولة قوية مثل إسبانيا. وهو ما قلب معادلة توازن الرعب تماما لصالح المغرب، لحسن الحظ، لأنه جعل الحرب العسكرية التي تهدده بها الجزائر مستبعدة إلى حين.

وعلى ذلك، فإن الأسئلة التي يطرحها الموقف حاليا ومستقبلا كثيرة. منها: ما هي الحرب الإلكترونية؟ وما طبيعة الحرب الإلكترونية التي تخوضها بالفعل الجزائر والمغرب؟ وكيف يستعد لها البلدان؟ وما طبيعة المعدات والأسلحة الإلكترونية التي اشتراها البلدان خلال العامين الماضيين؟

باستقراء مجريات الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ فبراير/شباط الماضي، يستنتج خبراء الشأن العسكري بأنها تتويج ميداني للجيل الخامس من الحروب، أي “الحرب الهجينة”، بحسب تعريف المؤسسة العسكرية الأميركية؛ التي تُسَخّر فيها كل الوسائل الهجومية “التقليدية” إلى جانب الوسائط الإلكترونية (أو الرقمية) من أطراف الصراع.

بينما يرى الجنرال الروسي فلاديمير سليبتشينكو أن الحرب الأوكرانية تمثل “الجيل السادس” من الحروب، لاعتمادها على أحدث التقنيات العلمية التي توصل إليها البشر. فحروب الجيل السادس لا تعتمد على الالتحام المباشر مع الخصم، بل تُدار عن بُعد ويتوسّع قُطر دائرتها ليشمل كل أنواع الأسلحة المتاحة، “منها نظم التسليح البالغة الدقّة، والأسلحة النووية التكتيكية، والذكاء الاصطناعي، والأسلحة البيولوجية والكيميائية، والبُعدان الاقتصادي والمعلوماتي”، والطائرات المسيّرة للسيطرة والتحكّم وتحقيق الأهداف بكلفة متدنية نسبيا.

وهكذا فبينما لم يسمع أحد بالحرب السيبرانية السرية التي تعرضت لها أوكرانيا منذ العام 2014، فإنها أدت في الواقع إلى انقطاع التيار الكهربائي في مناطق واسعة من أوكرانيا، والقيام بهجمات سيبرانية مدمرة على مواقع حكومية أدت إلى قطع اتصال بعضها مع بعض في جزيرة القرم، بحسب وسائل إعلام أمريكية.

واستُخدم البرنامج الضار “الدودة الإلكترونية”، الأكثر شيوعاً بين القراصنة عبر العالم والأقل كلفة، ضد وزارة الدفاع الأوكرانية خلال الساعات الأولى لبدء الغزو الروسي. وبالتزامن مع بدء “العملية الخاصة” الروسية، أنشأت أوكرانيا جهاز “الجيش السيبراني”، برئاسة النائب الأول لرئيس الوزراء ميخايلو فيدوروف، في 25 شباط/فبراير 2022. وسارع هذا الأخير إلى طلب المساعدة العلمية “من مختلف خبراء التقنية في العالم، لاختراق قائمة من 31 موقعا إلكترونيا تابعا لمنظمات الأعمال والدولة الروسية”.

وخلال استعار المعارك، شهدت أوكرانيا سلسلة انقطاع منظم لخدمات شبكة الإنترنت، فـ “تبرع” مالك شركتي “تيسلا” و”ستار لينك” الأميركي إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، بتقديم نظام “ستار لينك” للأقمار الاصطناعية لتوفير خدمات الإنترنت لأوكرانيا، ما أتاح لها الفرصة لديمومة تواصلها مع الأقمار الاصطناعية، واستخدامها الاتصالات العسكرية بين الوحدات المختلفة، وتوجيه مُسَيّرات لإلقاء ذخائر على الدبابات الروسية.

قد يأخذنا الحديث بعيدا في تعداد فصول حرب الجيل الخامس (أو السادس بحسب بعض الخبراء) القائمة حاليا في أوكرانيا، أي “الحرب الهجينة”، التي تمثل صورة مختصرة لما ستكون عليه حروب المستقبل. وهو ما تنبه إليه المغرب على الأقل منذ منتصف العقد الأخير (والجزائر بشكل متأخر)، ووجد ضالته في التعاون العسكري الوثيق والمتسارع مع إسرائيل.

ما هي الحرب الإلكترونية؟

باستقراء أدبيات الحروب الحديثة، يمكن تعريف الحرب الإلكترونية العسكرية بأنها حرب يتم خوضها بسلاح “غير مرئي” لكنه يصيب الجيوش المعادية بـ”شلل تام”. “لن ترى أسلحتها ولن تسمع لها صوتا، ولن تشم رائحة البارود المحترق. لكن إذا نجح العدو في استهدافك، ستحرق طائراته كل شيء”، وفق تعريف ضابط أمريكي متخصص في الحرب الإلكترونية والأسلحة غير المميتة.

أما موقع شركة “رايثيون” الأمريكية الرائدة في صناعة السلاح المتطور، فتعريفه كالتالي: “تعتمد الحرب الإلكترونية على استخدام الطاقة الفائقة لموجات الراديو وأشعة الليزر، بهدف إرباك أو شل قوة العدو الإلكترونية”.
عموما، تعتمد أسلحة الحرب الإلكترونية على توظيف موجات الراديو والرادار، والأشعة تحت الحمراء، ووسائل الرؤية الرقمية، والأشعة فوق البنفسجية، وتقنيات الليزر في مهاجمة العدو، لشل قدرته على تنفيذ هجوم، أو حرمانه من استخدام أسلحته الدفاعية عند شن هجمات ضده. وتتكون قوات الحرب الإلكترونية التابعة لأي جيش من 3 أقسام، هي: وحدات الهجوم الإلكتروني، ووحدات الحماية، بينما القسم الثالث مختص بوسائل دعم الحرب الإلكترونية، بسحب خبراء أمريكيين.

وتختص وحدات الهجوم الإلكتروني بعمليات التشويش التي تعد إحدى أسلحة الهجوم الإلكتروني الفعالة. وتعتمد على بث موجات مركزة تتداخل مع الموجات الخاصة برادارات العدو ووسائل اتصاله، حيث تؤدي إلى شل قدراتها على تمييز الموجات الخاصة برصد أهداف معادية، إضافة إلى تداخلها مع موجات الاتصال الخاصة بالعدو.
بينما تختص وحدات الحماية بمواجهة أي استهداف معادي. فكون العدو يمتلك وسائل تشويش مماثلة، فإن وسائل الحماية الإلكترونية تقوم بزيادة قوة وسائل الرصد والاستشعار الخاصة بالحرب الإلكترونية، لزيادة قدرتها على مواجهة أي تشويش، أو التقليل من قوته.

أما وحدات دعم الحرب الإلكترونية، فمهمتها البحث عن مصدر التشويش الإلكتروني المعادي، واعتراضه والتعرف عليه في مرحلة أولى، تمهيدا لشن هجوم مضاد. فدون امتلاك وسائل حرب إلكترونية فائقة التطور، يمكن للعدو أن يشوش على نظام الملاحة الجوية، الذي يعد عاملا أساسيا في عمل القذائف عالية الدقة (بي جي إم)، كما يمكن أن يؤدي إلى فقدان الصواريخ الموجهة لمسارها، ما يقلل قدرة الدولة على حماية سمائها باستخدام وسائل الدفاع الجوي التقليدية. لأن من يمتلك اليد العليا فيها، يستطيع فرض هيمنته الجوية على سماء المعركة.

ويستخدم الجيش الأمريكي طائرات مخصصة لذلك، يمتلك المغرب عددا منها، تقوم بعمليات التجسس والتشويش ضد الأهداف المعادية. كما يتم اللجوء إلى الخداع العسكري، حيث تعد عمليات الخداع العسكري إحدى وسائل الحرب الإلكترونية. وتعتمد على اختراق وسائل الاتصال للعدو، ومده بمعلومات استخباراتية غير صحيحة، تجعله يتخذ قرارات خاطئة فيما يخص مكان ووقت المعركة.

المغرب وتدبير التحديات الأمنية

ضمن آخِر مقتنيات المغرب من أسلحة ومعدات الحرب الإلكترونية، أكدت شركة “إلبيت سيستيم” قبل أيام، حصول المغرب على أنظمة استخبارات إسرائيلية متطورة. وسبق أن نقل موقع “إسرائيل ديفنس” في سبتمبر/أيلول الماضي عن مصادر أمنية إسرائيلية، أن الأمر يتعلق بأنظمة الاستخبارات السرية “إلينيت” الخاصة بالحرب الإلكترونية التي تصنعها شركة “إلبيت سيستيم”، والمخصصة لجمع إشارات الرادار وتحديد الترددات المنبعثة من رادارات أنظمة الدفاع الجوي. وأوضحت الشركة الإسرائيلية بأن الأمر يتعلق بتسليم وحدات أرضية مجهزة بوسائل دعم إليكترونية وإجراءات مضادة وأنظمة قيادة وتحكم.

وحسب المصدر ذاته، فإن “النظام يهدف إلى مساعدة الجيش المغربي في فحص وتحليل اتصالات خصومه’، بالإضافة إلى “جمع معلومات استخبارية حساسة”. وسيتم تنفيذ العقد وفقًا لشركة “إلبيت”، على مدار عامين ونصف.

والواقع أن المغرب لم ينتظر التعاون الإسرائلي ليطور أدواته وأسلحته للحرب الإلكترونية، فمنذ مع مطلع العام 2019، تأكد رسميا عقد الرباط صفقة يحصل بموجبها على 4 طائرات حرب إلكترونية (باهظة السعر) من نوع 550 Gulfstream بعد مفاوضات طويلة. والمعروف أن هذا النوع من الطائرات متخصص في الاستخبار والحرب الإلكترونية، ويصنعها عملاق صناعة السلاح الأمريكي شركة “رايثون”.

كما يتوفر المغرب منذ 2017/2018، على قمرين صناعيين للتجسس والمراقبة على مدار الساعة، هما القمر “محمد السادس-1″ و”محمد السادس-2”. وكلاهما من صنع فرنسي حيث كلفا معا 600 مليون يورو.

القمر الصناعي المغربي “محمد السادس-أ” الذي أطلق في الفضاء قبل خمس سنوات، يقوم بدورات أفقية تمكنه من التقاط 500 صورة عالية الوضوح يوميا، ما يسمح بتحديث قاعدة بيانات المحطة الأرضية (التي تقع في ضواحي الرباط) كل ست ساعات. كما يمكنه تصوير كائن بطول 50 سم بدقة عالية، وهو قادر على إجراء دورة كاملة حول الأرض كل 97 دقيقة بمعدل 27000 كم / ساعة. أما بالنسبة لقمر التجسس المغربي الصناعي الثاني “محمد السادس-ب”، الذي أُطلق في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، فيكمل عمل الأول حيث يقوم بالتقاط صور عن طريق إجراء دورات عمودية على مدار الساعة.

فائدة هذين الجهازين من حيث الدفاع والاستخبارات لا تخفى. يسهر على تسييرهما حوالي 100 مهندس جميعهم مغاربة جرى تدريبهم في أعلى المستويات، بحيث تثول مصادر رسمية إنهم قادرون على تحليل واستغلال البيانات التي يسجلها القمران الصناعيان على النحو الأمثل. ويستعمل المغرب القمرين لأغراض مدنية وأيضا أمنية وعسكرية.

وبخصوص هذا الشق الأخير، يقوم القمر “محمد السادس-2” بمراقبة الحدود البرية والبحرية للمغرب (مع موريتانيا والجزائر وإسبانيا)، وسواحله الشاسعة على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. وطبعا يرصد كل صغيرة وكبيرة تستجد مع الجزائر، وسبق أن استعانت الديبلوماسية المغربية ببعض صور التي رصدت تحركات عسكرية مشبوهة لمقاتلي جبهة البوليساريو أمام الأمم المتحدة.

ولعل أبرز مثال حاليا على انخراط المغرب في حرب إلكترونية، المناوشات التي تخوضها جبهة البوليساريو الانفصالية بالوكالة عن الجزائر. فالبوليساريو التي عادت منذ نوفمبر/تشرين 2020 لمهاجمة المغرب، تتعرض قوافل مقاتليها التي تحاول مهاجمة الجدار الدفاعي المغربي في الصحراء، لضربات قاصمة لا تسمح لها بالاقتراب منه بالليل كما بالنهار. فالمنطقة العازلة التي تعتبر منطقة حرب، مراقبة على مدار الساعة، بحيث بمجرد ولوجها من طرف مركبة مشبوهة (أيا كان مصدرها)، يتم إشعار القيادة العسكرية المغربية، التي ترسل طائرات بدون طيار التركية المزودة بتجهيزات إسرائيلية، لتدمر المركبة. ويجري التحكم في هذه المسيرات من مكاتب مكيفة تقع على بعد مئات الكيلومترات (في قاعدة عسكرية تقع بضواحي مدينة مراكش).

وما يسمح للمغرب بالتحكم في مجريات الحرب بالمنطقة العازلة دون أن يستعمل جنوده ودباباته وطائراته المقاتلة، هو تحديدا المعدات المتطورة للحرب الإلكترونية التي حصل عليها. فالمنطقة شاسعة جدا. إذ يكفي أن نعلم بأن مساحة المنطقة العازلة في الصحراء (التي تسميها جبهة البوليساريو والجزائر “مناطق محررة”)، تبلغ حوالي 53 ألف و200 كلم مربع، ما يُمثل 20 في المائة من المساحة الإجمالية للصحراء المغربية البالغة مساحتها 266 ألف كلم مربع. ومعنى ذلك —للمقارنة—أن المنطقة العازلة تشكل 5 مرات تقريبا مساحة لبنان، و4,5 مرة مساحة قطر، و3 مرات مساحة الكويت، و1,7 مرة مساحة بلجيكا، ومرة ونصف مساحة هولندا، بل إنها تشكل أزيد من مرة ونصف مساحة ثلاث دول عربية مجتمعة (الكويت ولبنان وقطر) !!

سباق مغاربي على السلاح الإلكتروني

أعلنت مصادر جزائرية مطلع السنة الجارية، عن اقتناء بلادها للمنظومة الصينية “سي أش أل- 906″، توقع الإعلام الجزائري أنها ستُحدث “ثورة كبيرة” في قدرات الجيش الجزائري في مجال الحرب الإلكترونية. وتستخدم هذه المنظومة في “تحديد الموقع وتصنيف انبعاثات العدو الإلكترونية على مسافة 600 كيلومتر، وحماية الرادارات والأنظمة المضادة للطائرات من الصواريخ المضادة للإشعاع، ومنع الاتصالات لمسافة 300 كيلومتر. وكذلك منع العدو، جواً وبحراً وبراً، من استخدام أنظمة تحديد المواقع، عبر الأقمار الاصطناعية لمسافة 300 كيلومتر”. كما انها تستطيع “الكشف عن الطائرات والسفن الشبحية، وتعطيل بعض المعدات اللاسلكية، وتكشف الطائرات من دون طيار التي يتم توجيهها عن بعد، وإزالة ارتباط البيانات الخاصة بها بالأرض، وغيرها من المميزات التي تنفرد بها.
وبحسب موقع “ميناديفانس” الجزائري المتخصص في الشؤون الأمنية والعسكرية، فإن هذا النظام، الذي دخل الخدمة، يمتاز بعدد من الخصائص المتطورة، من بينها القدرة على الدفاع والهجوم، مشيرا إلى أن المعلومات حول هذا المنتج الجديد قليلة جدا، غير أنه يعتبر منظومة متكاملة للحرب الإلكترونية. ويشير الموقع إلى أن هذا النظام ليس الوحيد الذي يستخدمه الجيش الجزائري، الذي يتوفر على ترسانة من المعدات الصينية والروسية.

وعلقت وسائل إعلام تابعة للبوليساريو، بأن عرابة جبهتهم (الجزائر) قد باتت قادرة على التصدي للطائرات الحربية بدون التي يمتلكها الجيش المغربي. وأتى حصول الجزائر على هذه المنظومة من الصين، بعد حصول المغرب على العديد من المنظومات الحربية المتطورة، كان آخرها (حينها) إبرامه لصفقة مع شركة “Aselsan” التركية المصنعة للأسلحة، بقيمة 50,7 مليون دولار، من أجل الحصول على منظمومة “Koral-EW” للحرب الإلكترونية.

وتضمنت الصفقة حصول الجيش المغربي على هذه المنظومة المكونة من وسائل اتصال عسكرية حديثة، وردارات، وأسلحة إلكترونية وأجهزة تحكم وتوجيه الأوامر، بالإضافة إلى نظام الملاحة وأسلحة أخرى، من المقرر أن يحصل عليها المغرب ابتداء من العام القادم. وتُستعمل هذه المنظومة العسكرية الإلكترونية القابلة للتنقل البري على متن شاحنات عسكرية، في التشويش على ردارات الأعداء وتحديد أماكنها وتعطيلها، إضافة إلى القيام بهجمات عسكرية إلكترونية، وتصل قدرة هذه المنظومة على الوصول إلى أهداف في محيط 200 كيلومتر.

ويرى باحثون جزائريون بأن بلادهم لم تنتبه إلى خطورة الحرب الإلكترونية، سوى في صيف العام 2021، أي في خضم الأزمة الثنائية مع المغرب، عندما دخلت الجزائر على خط مزاعم التجسس ببرنامج “بيغاسوس” الإسرائيلي، وعبرت في بيان رسمي عن “قلقها العميق” من استخدامه من طرف السلطات المغربية، للتجسس على مسؤوليها ومواطنيها، رغم أن المغرب نفى الاتهامات جملة وتفصيلا.

وقالت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان حينها: إن الجزائر تشعر “بقلق عميق إزاء الكشف عن قيام سلطات بعض الدول، وعلى وجه الخصوص المملكة المغربية، باستخدام واسع النطاق لبرنامج التجسس المسمى بيغاسوس، ضد مسؤولين ومواطنين جزائريين”. وكانت وسائل إعلام ومنظمات أوروبية اتهمت المغرب (ضمن الدول المتهمة باستعمال البرمجية التجسسية الإسرائيلية الشهيرة “بيغاسوس”) باستهداف هواتف قيادات فرنسية وإسبانية، إلى جانب المئات من الشخصيات الجزائرية المدنية والعسكرية.

وبعد الخارجية، اتهمت وزارة الدفاع الجزائرية بدورها المغرب ضمنيا في بيان، المغرب باستهداف بلادها بـ” ما بات يعرف بحروب الجيل الجديد، حيث تمكنت وزارة الدفاع من إحباط هجمات سيبرانية استهدفت مواقع حكومية وأخرى تابعة لمؤسسات اقتصادية وحيوية استراتيجية، تضاعفت بشكل كبير منذ 2021″.

أبرز محطات “التطبيع” العسكري المغربي

في ما يلي، نقترح كرونولوجيا لرصد أهم محطات تطور مسيرة التطبيع الأمني والعسكري، على مدى الثلاثة والعشرين شهرا، التي هي عمر “التطبيع” الإسرائيلي المغربي حتى الآن.

18 مايو/أيار 2020:
تعيين وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق عمير بيريتز على رأس مؤسسة “صناعات الفضاء الإسرائيلية” الحكومية المتخصصة في الصناعات العسكرية، يثير قلقا كبيرا في الجزائر. فالمعروف أن بيريتز الذي ولد في الخمسينيات بمدينة أبي الجعد (وسط المغرب)، يعتبر أحد الأسماء البارزة ضمن ما يسمى “اللوبي المغربي” داخل مواقع القرار بإسرائيل.. حتى أنه حضر غير ما مرة في مناسبات توقيع اتفاقيات إسرائيلية مع المغرب، في قطاعات لا يشرف عليها شخصيا. كما أنه معروف عنه مخاطبة العاهل المغربي بعبارة “سِيدْنا”، على عادة أهل المغرب. وسبق له أن هاجمه نواب مغاربة مناهضون للتطبيع بمبنى البرلمان المغربي، بينما كان يعانق صورة الملك محمد السادس، وأرغموه على مغادرة المبنى..

10 ديسمبر/ كانون الأول 2020:
إعلان إسرائيل والمغرب استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، حيث وقعت المملكة وإسرائيل أربع اتفاقيات على هامش استئناف العلاقات بينهما تشمل المجالات الاقتصادية والتجارية والسياحية.

26 يناير/ كانون الثاني 2021:
حل السفير ديفيد غوفرين بالرباط (المعزول حاليا)، لتولي منصب رئيس البعثة الإسرائيلية بالمغرب.

4 يوليو/تموز 2021:
رسميا، لأول مرة تحط طائرة عسكرية مغربية في قاعدة “حتسور” التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، نقلت عددا غير معروف من الجنود المغاربة، الذين شاركوا في مناورة لمكافحة الإرهاب، بمشاركة 8 دول.

23 نوفمبر/تشرين الثاني 2021:
في أول زيارة لوزير دفاع إسرائيلي للمغرب، وقع بيني غانتس مذكرة تفاهم في الرباط لتنظيم العلاقات الأمنية مع المغرب، حيث تم توقيع اتفاقية “مو” التي نصّت بشكل خاص على التعاون بين أجهزة الاستخبارات في البلدين، وتطوير الروابط الصناعية، وشراء الأسلحة والتدريب المشترك.

مارس/آذار 2022:
قام وفد من كبار الضباط الإسرائيليين بزيارة إلى المغرب بعيدًا عن الأضواء، أسفرت عن توقيع اتفاقية تعاون لإنشاء لجنة عسكرية مشتركة.

23 مارس/آذار 2022:
قام وفد من الجيش الإسرائيلي بأول زيارة رسمية إلى المغرب منذ تطبيع العلاقات الثنائية، أسفرت عن توقيع اتفاق تعاون عسكري يتعلّق خصوصاً بتشكيل لجنة عسكرية مشتركة.
وبموازاة البعثة العسكرية، قام قادة صناعات الفضاء الإسرائيلية، وهي أول مجموعة صناعة طيران إسرائيلية عامة (مدنية وعسكرية)، بزيارة غير مسبوقة إلى الرباط.

يونيو/حزيران 2022:
زيارة لممثلي الجيش المغربي إلى إسرائيل، تم إثرها تشكيل لجنة عسكرية مشتركة، واتفق خلالها الجيشان على خطة عمل لسنتي 2022 و2023.

30 حزيران/يونيو 2022:
مشاركة جيش الدفاع الإسرائيلي بصفة “مراقب” في مناورة “الأسد الأفريقي 2022” بالمغرب، أكبر تدريبات عسكرية في القارة الأفريقية، التي ينظمها المغرب والولايات المتحدة.

15 يوليو/ تموز 2022:
رئيس هيئة الـ”سايبر” الإسرائيلي “يجآل أونا” ونظيره المغربي الجنرال مصطفى الربيعي يوقعان بالرباط أو اتفاق تعاون في الحرب الإلكترونية. ويتعلق الأمر باتفاقية في مجال الحرب الإلكترونية.

20 يوليو/ تموز 2022:
الجيش المغربي يبدي اهتمامه علنا بإقامة مشاريع مشتركة مع إسرائيل في مجال الصناعات الدفاعية، تزامنا مع زيارة رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي للرباط (الأولى من نوعها) واستمرت ثلاثة أيام. وقد أجرى مباحثات طويلة مع بعض من كبار المسؤولين في المملكة، بينهم المفتّش العام للقوات المسلّحة المغربية الجنرال الفاروق بلخير، ومدير المكتب الثاني (مديرية الاستخبارات العسكرية) الجنرال ابراهيم حسني.

فاتح أغسطس/آب 2022:
أجرى المفوض العام للشرطة الإسرائيلية يعقوب شبتاي زيارة رسمية (غير مسبوقة هي الأخرى) للمغرب امتدت لخمسة أيام. رافقه خلالها رئيسا دائرتي العلاقات الخارجية والداخلية، وتناولت سبل “تعزيز التعاون الاستخباراتي والأمني بين البلدين”.

12 سبتمبر/أيلول 2022:
دشنت الرباط مرحلة جديدة نحو تعزيز التعاون العسكري مع تل أبيب، عبر زيارة وصفت بـ”غير المسبوقة” للمفتش العام للقوات المسلحة المغربية (الجيش) بلخير الفاروق إلى إسرائيل، شارك خلالها في مؤتمر دولي حول الابتكار في المجال العسكري. وبحسب القيادة العامة للجيش المغربي، في بيان، بحث الفاروق وكوخافي سبل تعزيز التعاون بين الجيشين وتوسيعه ليشمل مجالات التكنولوجيا والابتكار.

8 نوفمبر/تشرين الثاني 2022:
الجيش المغربي يبرم صفقة مع شركة إسرائيلية للحصول على أنظمة إلكترونية واستخباراتية تقدر قيمتها بـ70 مليون دولار. وستزود شركة “إلبيت سيستم” الإسرائيلية، بموجب الصفقة القوات المسلحة المغربية، بنظام “ألينت” للحرب الإلكترونية “إي دبيلو”، واستخبارات الإشارة “إس أي جي أي إن تي”، علما أن العقد سيتم تنفيذه على مدى عامين ونصف العام.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس