أفريقيا برس – المغرب. أوضحت حنان رحاب القيادية والسياسية المغربية في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في حوارها مع “أفريقيا برس” أن انضمام الاتحاد الاشتراكي إلى الائتلاف الحكومي حديث سابق لأوانه وأنه مرتاح في موقعه في المعارضة وذلك أعقاب دعوته إلى إجراء تعديل حكومي، الأمر الذي فسره متابعين بتطلعه إلى إيجاد مكان في الحكومة الجديدة.
وبينت رحاب أن الدعوة إلى تعديل حكومي تأتي بعد رصد أخطاء من قبل بعض الوزراء في الفريق الحالي بسبب نقص الكفاءة، لافتة إلى أن أولوية الحزب تبقى الاستجابة لمطالب المواطن وإجراء ما جاء في وثيقة النموذج التنموي الجديد بهدف بناء أسس الدولة الاجتماعية القوية.
وحنان رحاب هي سياسية وبرلمانية مغربية حيث انتخبت كعضو في البرلمان المغربي في الانتخابات التشريعية المغربية لعام 2016 وحتى عام 2021 عن الدائرة الانتخابية المخصصة للشباب من الجنسين كممثلة لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وضمن الكتلة البرلمانية للفريق الاشتراكي، وكانت عضو اللجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب المغربي، إلى جانب كونها عضو بالمكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، وفي 7 أكتوبر عام 2022 انتُخبت حنان رحاب ككاتبة وطنية لمنظمة النساء الاتحاديات خلال المؤتمر الثامن للمنظمة.
حوار آمنة جبران
كقيادية بحزب الاتحاد الاشتراكي وكسياسية مغربية، كيف تقيمين أداء الفريق الحكومي في تعاطيه مع كارثة الزلزال الذي شهده المغرب مؤخرا؟
نحن في المغرب راكمنا تقاليد سياسية أكاد أقول تمثل خصوصية مغربية، تتمثل في أنه في القضايا الوطنية الكبرى كمثل تلك التي لها أبعاد استراتيجية، وفي القضايا المطبوعة بالكارثة سواء كانت طبيعية أم بشرية، فالاشتغال لا يكون بمنطق موالاة ومعارضة، بل بالمنطق الوطني الجامع، ولذلك سنجد في مواجهة هذه الكارثة، أن القيادة كانت بيد الملك، وأن التنفيذ الميداني كان من طرف كل المؤسسات المعنية المدنية والعسكرية والأمنية، وأن غرفة العمليات التي كانت تتكلف بالتنسيق بين كل المتدخلين بما فيهم المجتمع المدني كانت تضم كل مؤسسات الدولة الكبرى، وهذا ما أدى إلى محاصرة تداعيات الزلزال في زمن قياسي، والدليل على ذلك عودة الخدمات الاجتماعية الأساسية كالدراسة، وإيواء المتضررين مؤقتا، والشروع في عمليات إحصاء الدور المتداعية لمباشرة عملية إعادة الإعمار، وحين نرى الإجراءات الاستعجالية التي أعلنتها بلاغات الديوان الملكي، وعلى رأسها تخصيص غلاف مالي بقيمة 12 مليار دولار موزعة على خمس سنوات للانتهاء من كل عمليات إعادة الإعمار التي ستشمل 50 ألف مسكن وتقوية الشبكة الطرقية والجسور في تضاريس جبلية صعبة، فإن كل هذا لا يمكن إلا أن يجعلك تفخر بالأمة المغربية وبالجسد المغربي الواحد، وبالرد المغربي العملي الذي يعني أنه حين تجتمع الإرادة والصدق والتضامن وحكمة القيادة، فإن النتائج تتحدث عن نفسها.
لماذا رفض المغرب المساعدات الأجنبية في ملف الزلزال؟ و ألا تعد هذه فرصة لفتح قنوات حوار مع بعض الدول مثل فرنسا والجزائر؟
هذا الموضوع كان فيه الكثير من “البوليميك” و”التضليل”، المغرب لم يرفض المساعدات الأجنبية، والتي هي أمر عاد في مثل هذه الكوارث، وتلجأ له حتى الدول الكبرى، بسبب الطابع الفجائي للكارثة الطبيعية، وقد وضح المغرب في بلاغ لا يقبل اللبس ولا التأويل المغرض، أنه يشكر كل الدول التي أعلنت نيتها بمساعدة المغرب، ويرحب بها من الناحية المبدئية، إلا أنه لضرورات التدبير الأمثل لعمليات الإنقاذ فإنه سينتقي من تلك الطلبات ما يتوافق مع احتياجاته الآنية، خصوصا أن تجارب دول أخرى أثبتت أن كثرة المتدخلين وغياب التنسيق يكون مضرا بعمليات الإنقاذ، ولذلك فالمغرب لم يكن في حاجة لمساعدات غذائية مثلا لتوفرها، وكان في حاجة لفرق إنقاذ زائدة في بعض التخصصات الفنية، ووجد احتياجاته عند دول معينة اختار منها لأسباب فنية خالصة، ولسوابق في التنسيق مع فرق مغربية في عمليات خارج المغرب، وهي العروض الإسبانية والإنجليزية والقطرية والإماراتية، وأكثر من ذلك فإن المغرب صرح بأنه إذا كانت هناك حاجة لمساهمة دول أخرى فإنه لن يتردد في دعوتها بحسب حاجاته دائما، أما بخصوص سؤالكم عن الجزائر وفرنسا، فالجواب بسيط، المغرب كان أمام كارثة، ويفكر بمنطق إنقاذ أرواح مواطنيه، وانتشال جثث القتلى لتدفن بكرامة، ويكون لأهلهم قبر يزرونهم فيه، ولم يكن في فسحة ليفكر في المكاسب السياسية والدبلوماسية، والذي يجب أن يطرح عليهم هذا السؤال هما الطرفان الجزائري والفرنسي اللذين شنا حملة ضد المغرب بسبب هذا الموضوع، والمغاربة مازالوا يلملمون جراحاتهم، وقارن رد فعل الجزائر وفرنسا مثلا برد الرئيس بايدن، الذي رغم أن المغرب لم ينتق العرض الأمريكي وهو أقوى من العرضين الجزائري والفرنسي، وأمريكا خبرتها أكبر في هذا المجال باعتبار ما تواجهه سنويا من كوارث طبيعية، فإن الرئيس بايدن وجه رسالة تعزية وتضامن للملك، وأعرب عن تفهمه لطريقة تدبير المغرب للكارثة، واحترامه لسيادته، مجددا دعم بلاده للمغرب كلما رأت السلطات المغربية فائدة من الاستعانة بالولايات المتحدة.
طالب حزبكم مؤخرا بإجراء تعديل وزاري في الحكومة المغربية، أي تغيير منشود يسعى إليها الحزب؟
كما هو معلوم، فالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هو حزب معارض حاليا، ولكننا حزب لا نزايد، بل نمارس معارضة تجمع بين المسؤولية والجرأة، وفي تقييمنا لعمل الحكومة، لاحظنا مجموعة من الأخطاء جزء منها يعود لنقص في كفاءة بعض الوزراء، ولذلك كان هذا المطلب بالتعديل الحكومي، الذي أصبح بمثابة تقليد سياسي عند منتصف الولاية الحكومية، وأعتقد أن هذا ليس مطلب حزبنا فقط، بل هناك تيار عريض في الرأي العام مستاء من أداء كثير من الوزراء، وهناك مطالبات شعبية بإقالتهم، بل إن هذا المطلب نجده حتى عند مسؤولين وأعضاء في أحزاب الأغلبية.
هل يتطلع حزب الاتحاد الاشتراكي للانضمام إلى الائتلاف الحكومي؟ وأي خطط إصلاح تأملون تحقيقها في البلد؟
نحن اليوم في المعارضة، ومرتاحون في موقعنا، ونمارس مهامنا الوطنية بمسؤولية سواء بالمعارضة أو بالاقتراح والتنبيه، ولم يقدم لنا رئيس الحكومة أي عرض رسمي بالانضمام للأغلبية، وتصريحات قادة الأغلبية العلنية تتحدث عن انسجامها، رغم أن الوقائع تقول عكس ذلك، ولذلك فالحديث عن دخول الاتحاد الاشتراكي للحكومة هو سابق لأوانه، وإذا حصلت تطورات، ووجه رئيس الحكومة دعوة لنا بهذا الخصوص، فإن المكتب السياسي سيدعو لعقد دورة عاجلة للمجلس الوطني للحزب من أجل الحسم في هذا الطلب، لأن قرار التموقع في المعارضة بعد الانتخابات كان قرار المجلس الوطني الذي هو أعلى هيئة تقريرية في الحزب بعد المؤتمر، أما ما ننوي تحقيقه في البلد فإنه لا يخرج عن المطالب المستعجلة، خصوصا ذات الطابع الاجتماعي بالنظر للوضعية الصعبة التي يمر بها الاقتصاد العالمي والتي تنعكس سلبا على بلدنا، وأعتقد أن من الأولويات التي طرحناها في بلاغاتنا وأوراق مؤتمرنا الأخير، هو الضرورة المستعجلة لإجراء ما جاء في وثيقة النموذج التنموي الجديد في المرتكزات المرابطة ببناء أسس الدولة الاجتماعية القوية.
لماذا برأيك توحيد اليسار أمر غير ممكن حسب ما ذكرت في حوار سابق، وكيف بالإمكان الدفاع عن التعددية الحزبية من محاولات التغول والإقصاء؟
ما قصدته بأن توحيد اليسار غير ممكن، هو مرتبط بالوحدة التنظيمية، أي تجميع قوى اليسار في حزب واحد، وهذا في مرحلة ما كان من مطالبنا، حين كنا نتحدث عن أولوية بناء الحزب الاشتراكي الكبير، ولكن حصلت تطورات كثيرة، جعلت المواقف السياسية من قضايا كثيرة تتباعد (الدستور، الملكية البرلمانية، المشاركة في الانتخابات…الخ) وحتى الأشكال التنظيمية وتقاليد الممارسة في الميدان جد متباينة، ولذلك فإن الصيغة الأمثل هي التنسيق في بعض الملفات التي لا خلاف حولها، مثل المساواة بين الرجال والنساء، وتعديل مدونة الأسرة، وملفات اجتماعية أخرى.
وبخصوص حماية التعددية التي هي مبدأ دستوري واضح، فهي معركة مستمرة، وهي غير خاصة بالبلدان السائرة في طريق التحول الديموقراطي فقط، بل هي معركة مستمرة حتى في الدول التي سبقتنا بسنوات في الديموقراطية وحقوق الإنسان. ما نعيشه اليوم في المغرب، وما وصفته بالتغول، لا أعني به وجود استبداد سياسي يقمع المعارضة ويمنعها من التعبير، فهذا غير موجود عندنا، كل التعبيرات مسموح لها بالتنظيم والتعبير، بل ما نعيشه مرتبط بخلل في المجالس المنتخبة، بحيث هناك شبه سيطرة للأغلبية الحكومية ليس فقط على مجلس النواب، بل حتى على مجلس المستشارين، وعلى مجالس الجهات والاقاليم والمدن والجماعات القروية، وهذا وضع غير مسبوق، صحيح أنه نتيجة للانتخابات، ولكن تدبير تشكيل الأغلبية من الأحزاب الثلاثة الأولى انتخابيا، أراه غير سليم، ويجعل إمكانات تأثير المعارضة ضعيفا، ففي التقاليد الديموقراطية العريقة نجد أنه غالبا الحزب الثاني انتخابيا يكون في المعارضة والمتصدر هو الذي يشكل الأغلبية بعيدا عن الثاني الذي يعتبر غريما له.
لماذا غير المغرب موقفه من النزاع في ملف الصحراء من الاستفتاء على تقرير المصير إلى مبادرة الحكم الذاتي؟
المغرب لم يغير موقفه من ملف الصحراء، وهو موقف واضح منذ تفجر هذا النزاع المفتعل، ويقوم على الحسم في مغربية الصحراء غير القابلة للنقاش، ويتفرع عنه أمران هو تفضيل الحلول السلمية ما أمكن، واعتبار الأمم المتحدة المجال لحسم هذا النزاع المفتعل، أما الباقي فهي مجرد تفاصيل تخضع للتغير بتغير السياقات، ولكن بما لا يمس بالمبدأ الأصلي، وهو مغربية الصحراء، لقد خاض المقاومون المغاربة في الصحراء المقاومة المسلحة ضد الاستعمار الإسباني، ثم قبل المغرب بالتسوية مع إسبانيا وهي تسوية مرت كذلك من الأمم المتحدة ومحكمة لاهاي الدولية التي أثرت بوجود روابط البيعة بين أهل الصحراء وسلاطين المغرب حتى قبل الحماية، ثم خاض حربا مع البوليزاريو المدعومة آنذاك من ليبيا والجزائر، انتهت بقبول المغرب التسوية الأممية التي تمر عبر وقف إطلاق النار، وتنظيم استفتاء، والمغرب قبل رغم أنه كان قريبا من الحسم العسكري بعد بناء الجدار العازل، ولكنه جنح للحل السلمي وقبل بمناشدات أصدقائه، والذي حصل بعدها هو استحالة تنظيم الاستفتاء بسبب العراقيل التي شرع الطرف الآخر في وضعها، والتي أكدها المبعوث الأممي السابق للصحراء فان والسوم، والذي صرح علنا بأن تنظيم الاستفتاء مستحيل، وبأن إنشاء دولة مستقلة في الصحراء هو أمر غير واقعي وغير منطقي، وأن الحل الوحيد هو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وبالتالي فالحكم الذاتي ودفن استفتاء تقرير المصير، ليس مقترحا مغربيا فقط، بل هو خيار أممي تطرحه مقررات مجلس الأمن، ومواقف أغلب الدول، وخصوصا المؤثرة منها في السياسات الدولية والإقليمية: الولايات المتحدة، إنجلترا، فرنسا، إسبانيا، ألمانيا وغيرها.
تطورت العلاقات الإسرائيلية- المغربية بشكل كبير في غضون عامين وشملت أبعادا أمنية وعسكرية وهذا التطور في سرعته لم نشاهدته في العلاقات المصرية الإسرائيلية رغم أنها كانت باكورة الدول العربية المطبعة مع إسرائيل. ألا يوجد مخاطر على الأمن القومي المغربي في فتح الباب على مصراعيه مع إسرائيل خاصة وأن هذا الكيان لم يدخل بلدا وإلا وزاد من أزماته الداخلية ومع محيطه الإقليمي؟
لا أعتقد ذلك، فالعلاقات المغربية- الإسرائيلية هي مُسيجة باتفاقيات واضحة، تتضمن حدود المساحات التي فيها تعاون ثنائي، ومُسيجة كذلك بالتزامات مغربية واضحة تجاه حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ولذلك فرغم تطبيع العلاقات أدانت المملكة المغربية مرارا الاعتداءات الإسرائيلية سواء على الحرم المقدسي الشريف أو على مخيم جنين أو على قطاع غزة، أما ما تعلق بالأمن القومي المغربي، فإنه من المبالغة القول بأن استئناف العلاقات المغربية- الإسرائيلية سيضر بالأمن القومي المغربي، ليس بسبب البعد الجغرافي بين البلدين، اللذين لا تجمع بينهما حدود مشتركة، ولكن بسبب الحساسية المفرطة للدولة والشعب المغربيين في قضايا السيادة ورفض التدخل الأجنبي في شؤونه الداخلية وأمنه واستقراره، حتى من قبل أصدقائه وشركائه، ولقد كان المغرب صارما في هذه القضايا مع شركائه التاريخيين في الاتحاد الأوروبي وإسبانيا سابقا، وفرنسا حاليا، مع أن حجم المبادلات التجارية والاستثمارية معهم لا يمكن قياسها بما بين المغرب وإسرائيل لا في الميادين المدنية ولا العسكرية ولا في عدد الاتفاقيات. مع العلم أن المغرب كان واضحا في أنه سيخضع العلاقات المغربية- الإسرائيلية باستمرار للتقييم على ضوء مصالحه والتزاماته تجاه القضية الفلسطينية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس