قنفودي: المناورة شرط لبقاء جيل زد وتفادي الانطفاء

1
قنفودي: المناورة شرط لبقاء جيل زد وتفادي الانطفاء
قنفودي: المناورة شرط لبقاء جيل زد وتفادي الانطفاء

آمنة جبران

أفريقيا برس – المغرب. يعتبر محمد قنفودي، الباحث المغربي المتخصص في علم الاجتماع، أن استمرارية حركة “جيل زد” رهينة بقدرتها على المناورة السياسية وتجديد مطالبها وأشكال نشاطها الاحتجاجي، إلى جانب مدى تفاعلها مع المشهد السياسي المغربي. ويشير إلى أن غياب هذا التفاعل في الفترة الماضية أدى إلى خفوت الحركة وتراجع حضورها، سواء في الفضاء الرقمي أو في الواقع الميداني، وفق تقديره.

ويرى محمد قنفوذي أن أبرز ما يميز حركة “جيل زد” هو انتقالها من النضال التنظيمي التقليدي إلى نضال شبكي رقمي، يعتمد على سرعة التعبئة والانتشار عبر أدوات مثل “الترند”، و”الهاشتاغ”، و”التقاسم”، دون وجود إطار تنظيمي أو تأطيري واضح. ويشير إلى أن هذا التحول يعكس تغيرًا عميقًا في مفهوم السياسة لدى هذا الجيل، حيث لم تعد تُختزل في الانخراط الحزبي أو الإيديولوجي، بل باتت تتمثل في مطالب محددة، ورغبة مباشرة في التغيير وإحداث أثر ملموس.

وأشار محمد قنفوذي إلى أن الفضاء الرقمي سيشكّل مفتاحًا أساسيًا في بروز تعبيرات احتجاجية مستمرة داخل المغرب، بالنظر إلى ما أظهره من فعالية في التعبئة الجماهيرية، وقدرته على استقطاب فئة الشباب، فضلًا عن الزخم الاحتجاجي الذي أحدثه، وتأثيره المباشر في صانع القرار السياسي.

الدكتور محمد قنفوذي هو باحث مغربي حاصل على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع، متخصص في دراسة الدين والتدين والتطرف الديني والحركات الاجتماعية. يُعرف بتحليلاته العميقة حول التحولات السياسية والاجتماعية في المغرب، وله مساهمات بحثية وإعلامية تتناول قضايا الشباب والفضاء الرقمي والاحتجاجات المعاصرة. يجمع في أعماله بين الرؤية الأكاديمية والمواكبة النقدية للواقع المغربي والعربي.

كيف تفسرون من منظور سوسيولوجي صعود جيل زد كفاعل احتجاجي مستقل عن الأطر التقليدية للنضال السياسي والنقابي في المغرب؟

يمكن القول إن ما يُعرف اليوم بظاهرة “جيل زيد” في المغرب لا يمثل قطيعة مع التجارب الاحتجاجية السابقة بقدر ما يشكّل امتدادا لمسار بدأ يتبلور منذ لحظة 2011 خلال ما سمي بـ “الربيع الديمقراطي”. ففي تلك المرحلة، برز لأول مرة دور الفضاء الرقمي كحامل مركزي للتعبئة السياسية والاجتماعية، حيث تشكلت ما يمكن تسميته بـ”جماعات رقمية” عابرة للانتماءات التنظيمية والجيلية، اعتمدت على شبكات التواصل الاجتماعي كمنصة لإنتاج الخطاب، وبناء المطالب، وتحويل الزخم الافتراضي إلى حضور فعلي في الفضاء العمومي من خلال الوقفات والمسيرات. ومنذ ذلك الحين، لم يتراجع حضور هذا الفضاء، بل ظل يتوسع ويتجذر بوصفه مجالا بديلا للنقاش العمومي، يتيح لفئات اجتماعية واسعة التعبير عن مواقفها خارج الحدود التقليدية للأحزاب والنقابات.

مع ذلك، فإن الحضور الرقمي القوي في الحياة اليومية للأفراد، وخاصة الأجيال الصاعدة وأبرزها الشباب أقل من 25 سنة، برز معه نوع جديد من التنشئة الاجتماعية، التي تراجعت فيها أدوار المؤسسات التقليدية كالأسرة والمدرسة والتنظيمات السياسية والاجتماعية، إلى تنشئة “افتراضية” أصبح فيها الرقمي مركزا للنشاط الفردي وبناء الهوية والوعي، مع ما ينتجه من إمكانات لبروز الذات، والتعبير، والتلقي.. الخ. لتصير معه المعرفة سريعة وأفقية لا هرمية وغير مرتبطة بوسائط تنظيمية تقليدية، والتي تراجعت جاذبيتها الاجتماعية والرمزية، والثقة أيضا في جذواها العملية، بعدم قدرتها على تمثيل مصالح الشباب والدفاع عن قضاياه المصيرية.

كما أن ما يميز هذه الحركة، هو انتقالها من النضال التنظيمي إلى النضال الشبكي الرقمي، من خلال سرعة التعبئة والإنتشار عبر الاعتماد على “الترند” و”الهاشتاغ” و”التقاسم”، وبدون صورة تأطيرية أو تنظيمية واضحة، فتبني الخيارات الاحتجاجية لا يرتبط بقرارات تنظيمية بقدر ما تضبطه قوة التفاعل والمشاركة الرقمية، وهو ما حدث مثلا مع بداية الحركة أواخر شهر سبتمبر وبداية أكتوبر، عبر تبني مطالب الصحة والتعليم أو التفاعل مع المسؤولين الحكوميين، وحتى شكل الأنشطة الإحتجاجية في الفضاءات العمومية بمختلف المدن المغربية. وهو ما يفيد بوجود تحول عميق في معنى السياسة لدى هذا الجيل، والتي لم تعد تتمثل كانخراط تنظيمي أو إيديولوجي، بل مطالب محددة ورغبة في التغيير وخلق الأثر المباشر.

ويمكن القول، بأن هذا الاتجاه، أسهم في بناء “فردية اجتماعية جديدة”، حيث صار لكل فرد صوته ليكون فاعلا دون الحاجة إلى تنظيم أو مؤسسة للانتماء، وهي مقاربة جديدة ليس فقط للاحتجاج، ولكن كأسلوب حياة في المعيش اليومي للأفراد المرتبطين أكثر بالفضاءات الرقمية، حيث يكون المحرك هو الحاجة الآنية والرغبة المباشرة في التغيير، لذلك جاءت مطالب “جيل زيد” حول الصحة والتعليم بالدرجة الأولى، باعتبارها حاجة مباشرة تمس حياتهم اليومية، وهو ما انعكس أيضا على سرعتها في الظهور ثم الخفوت، حيث جاءت التعبئة الرقمية للمطالب، لتتوسع أكثر عبر منصات التواصل الاجتماعي وخاصة “الديسكورد”، ثم تتجسد ميدانيا في شكل وقفات أو تعبيرات رمزية في الفضاء العام، لتعود إلى الخفوت في الفضاءات العمومية، مع إمكانية البروز مجددا متى ما توفر الزخم المطلوب مجددا.

مع ذلك، لا بد أن نوضح أن حركة جيل زيد، لم تعد اليوم بنفس الزخم الذي كانت عليه في البداية، حيث صارت أقل نشاطا وحضورا، نتيجة عدم قدرتها على تجديد حركيتها ونشاطها ارتباطا بالتحولات السياسية التي رافقت ظهور الحركة، خاصة المقاربة الأمنية المستخدمة، وأيضا التفاعل الحكومي مع مطالبها وتخصيص مساحات إعلامية لوزراء وصانعي القرار، فضلا عن القرارات الملكية خاصة في المجلس الوزاري الأخير، والذي عد استجابة لمطالبها من خلال الزيادة في ميزانية الصحة والتعليم، وتشجيع الشباب للإنخراط في المسار السياسي وتمويل الدولة لحملاتهم الانتخابية. فنظرا لضعف التجربة، وعدم تملك أدوات المناورة السياسية، لم تستطع الحركة الاستمرار بنفس الزخم، والمساهمة في تأطير أعضائها، والدخول مع المسؤوليين الحكوميين في حوار فاعل وجاد. ما أدى إلى تهميش نشاطها نحو الافتراضي والرقمي، وخفوت حضورها في الفضاء العمومي.

هل تعتقدون أن جيل زد يعيد تعريف مفهوم “الاحتجاج” في السياق المغربي؟ وما الذي يميّز احتجاجاته عن الأجيال السابقة؟

حركة “جيل زيد” تنتمي إلى جيل جديد من الحركات الاحتجاجية بالمغرب، والتي تعتمد وبصورة مطلقة على “الفضاء الرقمي” كقاعدة للبناء الاحتجاجي وإحداث الزخم والتعبئة الجماهيرية، ثم الانتقال حسب الظروف إلى الفضاء العمومي، كترجمة عملية للتأثير في صناع القرار وإيصال المطالب، كما أن ما يميز هذا الجيل ليس فقط الوسيط الرقمي المستخدم، بل إعادة تعريفه لمعنى الاحتجاج نفسه، فلم يعد الاحتجاج حدثا ظرفيا مؤطرا من طرف تنظيمات أو قيادات واضحة، بل أصبح فعلا مستمرا، أفقيا، وسائلا، يتحرك من خلال موجات رقمية متتالية، ويعبر فيه الأفراد عن مطالبهم بشكل مباشر وبدون وسطاء، حتى وإن فقد الزخم الحضوري في الفضاء العمومي، إلا أنه يستمر وبشكل ملحوظ ضمن الفضاء الرقمي، باعتباره الفضاء الرئيسي المشكل للفعل والنشاط الاحتجاجي.

كيف تفسرون العلاقة المتوترة بين جيل زد والمؤسسات الرسمية، خاصة في ظل غياب الثقة المتبادل؟

بالعودة إلى آخر تقرير أصدره المعهد المغربي لتحليل السياسات حول مؤشر الثقة في المؤسسات سنة 2023، فهو يظهر بأن المغاربة أقل ثقة في المؤسسات الحكومية والمنتخبة، فمثلا أفاد التقرير بأن نحو 77% من المغاربة لا يثقفون في الأحزاب السياسية، وحوالي 68% أشاروا إلى عدم ثقتهم في المؤسسة التشريعية، في حين أن 70% من الشباب لا يثقون في المسؤولين المنتخبين أو المؤسسات العامة. هذه الأرقام، تظهر وبشكل واضح وجود أزمة ثقة بين المواطنين وخاصة الشباب في المؤسسات الصانعة للسياسات العمومية، وهو ما يفسر كذلك ضعف التسجيل الانتخابي لهذه الفئة، ومشاركتها في الانتخابات. مما يفسر بأن العلاقة المتوترة كما جاءت في سؤالكم، ليست مجرد موقف ظرفي أو رد فعل مرتبط بحدث معين، بل حصيلة من تراكمات متعددة، تواترت بين الأجيال، وصنعت شعورا متناميا بعدم الثقة في المؤسسات المنتخبة وأطرها السياسية، من أحزاب ونقابات ومؤسسات منتخبة، فقدت في نظر الشباب، وظيفتها كجسر فعال بين المجتمع وتحقيق طموحاته ومطالبه. خاصة مع جيل تربى داخل فضاء رقمي مفتوح ويملك قدرة عالية على الوصول إلى المعلومات ومقارنتها وتفكيكها، وأصبح أكثر حساسية تجاه الخطاب السياسي وأقل استعدادا لتصديق الوعود غير المقرونة بنتائج ملموسة.

هناك من يعتقد أن حركة جيل زد لا تملك قيادة مركزية. هل ترون في ذلك نقطة قوة أم ضعف؟

في الواقع، الحركة أكدت عدة مرات أنها لا تمتلك قيادة مركزية، وإنما تعتمد في سلوكها الاحتجاجي على “الزخم الرقمي الجماعي بين أفرادها”، وهو ما يجعلها أكثر مرونة وسريعة من حيث الاستجابة للتغيرات والظروف وإبداء المواقف التي تطرح بشكل علني للنقاش والتصويت أيضا، ويسهل أيضا تعويض أفرادها متى ما توفرت القناعة لأفراد آخرين للانضمام إليها ومشاركتها أفكارها وأهدافها. مع ذلك، فإن عدم وجود قيادة مركزية، أسهم وخلال مرحلة تتبع مسارها الاحتجاجي منذ انطلاقتها في سبتمبر 2025، إلى نوع من الخفوت في الفضاء العمومي الخارجي، مع استمرارية وجودها في الفضاء الرقمي وإن كان أقل بكثير من الزخم الذي تحصلت عليه في بدايتها، وذلك نتيجة بروز أصوات رفعت من سقف مطالبها التي تجاوزت الصحة والتعليم، واختلاف الأعضاء حول تبنيها أو كيفية التفاعل مع الرسائل السياسية سواء الحكومية أو الملكية، مع المحدودية التي أظهرتها الحركة في التجاوب مع الحكومة للنقاش والحوار، وعدم القدرة على تكليف ممثلين باسمها لعدم وجود قيادة أو أفراد يستطيعون التنسيق ويحملون مطالبها، وهو ما أفقد الحركة أخيرا قدرتها حتى على تأطير الفضاء العمومي، واستمرار النشاط الإحتجاجي بنفس القوة والحجم الذي بدأ به، حيث نلحظ اليوم بأن الوقفات التي تدعوا لها الحركة، أصبحت محصورة في مدينتين أو ثلاثة مع حضور باهت لقلة من الأفراد من الحركة.

ما هي القيم أو الرموز التي توحّد هذا الجيل رغم تنوعه الطبقي والجغرافي؟ وهل هناك وعي طبقي داخل الحركة، أم أن الهوية الجيلية تطغى على الانتماءات الاجتماعية؟

الأكيد أن الفئات التي تنتمي للحركة، هي ممثلة من خلفيات طبقية وجغرافية متنوعة، لكن ذلك لا يعد عاملا حاسما في تشكيل ما أسميتموه في سؤالكم بـ “الوعي الطبقي داخل الحركة”، نظرا لأن الشعور المشترك الذي يجمع بين أعضاء الحركة، وحسب ما ظهر من خلال نشاطها سواء الافتراضي أو الواقعي، هو تمثل الانتماء إلى نفس الفئة العمرية وتشارك تجربة الحياة الرقمية التي شكلت جزءا مهمت من الوعي الاجتماعي والسياسي حول حراكم الاحتجاجي. هذا الانتماء الجيلي يجعلهم يتجاوزون الانقسامات التقليدية، مثل الانتماء الجغرافي أو الطبقي، ويتيح لهم التوحد حول قضايا تهمهم مباشرة، مثل العدالة الاجتماعية، والكرامة، وتكافؤ الفرص في التعليم والعمل، وتحسين الخدمات الأساسية. كما أن الفضاء الرقمي أصبح بالنسبة لهم ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل منصة مركزية للتعبير عن المطالب، ولتنظيم النشاطات الاحتجاجية بشكل سريع ومرن.

هل تلاحظون وجود خطاب بديل لدى هذا الجيل حول مفاهيم مثل “العدالة”، “الحرية”، و”الكرامة”؟

أعتقد أن الخطاب الذي تعتمده حركة جيل زيد، هو خطاب مباشر وبسيط، ولا ينطوي على محاولة لتقديم فلسفة عميقة أو تعريفات نظرية جديدة لهذه المفاهيم. ما يميز هذا الخطاب هو ارتباطه الوثيق بحياة الشباب اليومية وباحتياجاتهم الواقعية، مثل فرص العمل، وتحسين شروط التعليم، والقدرة على تحقيق الذات. فالشباب يسعى من خلال هذه المطالب إلى الانتقال من العطالة إلى قوة إنتاجية، ومن شعور بالحرمان إلى مشاركة فعلية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية. وبعبارة أخرى، فإن خطاب الحركة يعكس حاجة ملموسة للتغيير في ظروف حياتهم اليومية أكثر من كونه نقاشا مفاهيميا مجردا عن العدالة أو الحرية، وهو ما أسهم في قدرتهم على التعبئة الكبيرة وإحداث الزخم الجماهيري القوي، حيث وصل عدد الأعضاء المشاركون في النقاشات المفتوحة في “ديسكورد” لوحدها أزيد من 200 ألف، وهو رقم كبير ومهم وله دلالته القوية.

ما مدى تأثير هذه الاحتجاجات على السياسات العمومية، خاصة في مجالات التعليم، التشغيل، والحريات؟

الحراك الاحتجاجي الأخير، كان له تأثير كبير على صناع القرار في المغرب، خاصة بعد الأحداث العنيفة التي شهدتها بعض المدن، من خلال استغلال بعض الشباب للحراك من أجل التخريب والعنف، وهو ما أدى إلى صعود النقاش حول مآل هذه الحركة والديمانية التي ستنشط من خلالها، مما أدى إلى سرعة التجاوب من قبل صناع القرار، سواء عبر المقاربة الأمنية التي جاءت استجابة لاستعادة الأمن في عدد من المناطق التي شهدت تلك الأحداث، وأيضا من عبر تحريك التواصل السياسي وأجرأة المطالب الشبابية الى خطط وبرامج واقعية، خصوصا في مجالات التعليم والتشغيل والصحة. حيث أطلقت الحكومة المغربية عدد من المشاريع لدعم الشباب العاطل عن العمل، بميزانية بلغت 14 مليار درهم مغربي (1.5 مليار دولار)، بينما خصص المجلس الوزاري الذي ترأسه الملك، ميزانية ضخمة للقطاعين الصحي والتعليمي في سنة 2026، بلغت 140 مليار درهم (15.04 مليار دولار)، مع تخصيص 27 ألف منصب وظيفي، وهي إجراءات عملية توضح الأثر الذي أحدتثه الاحتجاجات.

مع ذلك، فإن هذه الخطوات وعلى أهميتها إلا أنها تبقى غير كافية، خاصة إذا ما قورنت مع طموحات الشباب واجتياجاتهم اليومية، فما تحقق، لا يمكن أن يعيد الثقة بين الشباب والمؤسسات الحكومية والمنتخبة، وبالتالي اعتبارها قادرة على تحقيق طموحها، واعتبارها وسيط يمكنه أن يلبي احتياجاتها، ومساهم في تغيير الواقع العلمي الذي يعيشه الشباب بشكل جذري. ما يتطلب إعادة النظر في السياسيات العمومية، مع وضع استراتيجيات واضحة لدمج الشباب بما يحقق الاستدامة والاستمرارية، وأن لا تكون الاستجابة دائما ظرفية وحسب الحاجة، مع النهوض بقطاعات الصحة والتعليم بشكل ممنهج واستراتيجي ومستدام.

هل تعتقدون أن هذه الحركة قادرة على التحول إلى قوة اقتراحية مؤسسية، أم أنها ستظل في إطار الاحتجاج الرمزي؟

في اعتقادي أن استمرارية حركة جيل زيد، رهين بقدرتها على المناورة السياسية وتجديد مطالبها ونشاطها الاحتجاجي، وأيضا تعاطيها مع المشهد السياسي المغربي، وهو ما لم نشهده من قبل الحركة في الفترة الماضية، ما أدى إلى خفوتها وعدم قدرتها الاستمرار بنفس الزخم والقوة الحضورية التي كانت عليها سوءا افتراضيا أو واقعيا. لذلك فأعتقد بأن ما سيستمر هو الفعل الاحتجاجي بحد ذاته، سواء عن طريق حركة جيل زيد أو حركة أخرى قد تظهر في المستقبل، وهو أمر طبيعي في المجتمعات الحية والمتحركة، التي تتطلع دائما إلى تحقيق مطالبها وتحسين مستوى عيشها وتطوير جودة الخدمات المقدمة إليها. لذلك، فأرى بأن الفضاء الرقمي، سيكون مفتاحا أساسيا في تشكل تعبيرات احتجاجية مستمرة في المغرب، نظرا لما أبانه من نجاح في التعبئة الجماهيرية، وىالقدرة على استقطاب فئة الشباب فضلا عن الزخم الاحتجاجي الذي أحدثته، وقدرته أيضا على خلق تأثير مباشر في صانع القرار السياسي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس