في نص حمل عنوان «قصتي مع الرسم»، قدّم به لتجربته الجديدة وأعماله التشكيلية التي يعرضها، لأول مرة، في المغرب، بـ«ماتيس غاليري آرت»، في مراكش، إلى غاية 21 ديسمبر المقبل، دافع الكاتب المغربي عبد اللطيف اللعبي عن حقّه في التعبير والكتابة بالألوان، مستبقاً كل الأسئلة التي يمكن أن يطرحها البعض عن إقدام شاعر على معرض تشكيلي، يقول: «أصل الآن إلى ما أتصور أنّ البعض ينتظره مني: أن أُبرّرَ إقدامي على هذا المعرض، أن أضفي عليه شرعية ما. لا، لن أفعل ذلك. فأنا أراهن على سَعة صدر الناس ورَشادهم، ليقولوا لِمَ لا؟ ما الذي يمنع الشاعر من أن يرسم، أن يصبح موسيقياً أو سينمائياً إذا صدر ذلك عن صميم رغْبَتِه وإرادته؟!».
في هذا السياق يعبّر اللعبي عن تلك الرغبة التي تولّدت لديه، وجعلته يرسُم منذ سنوات عدة، فيقول: «إنّها نوائب الدهر، اللقاءات، العواطف والافتتانات التي عشناها، المخاطر التي واجهناها، والنّضالات التي خُضناها (علاوة على الكتب والأعمال الفنية التي اطّلعنا عليها) هي ما يسمح لنا بأن نكتشف، في لحظة معينة من مسارنا، هذا الوجه أو ذاك من لُغزنا الذي لم تكن لنا به دراية من قبل. هذا ما حدث لي مع عوالم التشكيل، منذ قرابة نصف قرن. لقد أضحى فنّ الرسم مألوفاً وحميمياً لدَي كما هو الحال مع الشّعر، إلى أن جاء اليوم الذي وجدتُ نفسي من دون أن أدري لماذا، «أخربش» على بياض ورقة عادية أوّلَ رسمٍ لي…إنّها يدي التي صارت تأخذ زمام الأمور، يحركها الجسد المتوتر كقوس. هكذا كانت كيمياء الألوان تحُل مَحل كيمياء اللغة».
وفي تعبيره عن علاقته بالرسم يؤكد أن الرسم قرّب المسافة مع الشعر، بل جمع بينهما ضمن التجربة ذاتها، ليقول: «أنا لا أقوم بخيانة الشعر عندما أرسم، بل احتفي به بطريقة أخرى، تدعو الكلمات إلى استراحة مُستحَقّة وهي تَغوص، ولو لبرهة من الزمن، في بهاء الصمت». وبالتالي أمسى الشعر، فن اللعبي الأول، غير منفصل بالنسبة عن الرسم، حيث إن العوالم الذهنية والحسية التي كشفها الرسم وسّعت من آفاقه وأفعمت طريقته في «الكتابة بالألوان».