بعد قرار الحكومة المغربية منع المهرجانات الفنية والثقافية… الفنانون مستاؤون

7
بعد قرار الحكومة المغربية منع المهرجانات الفنية والثقافية… فنانون مستاؤون «حائط قصير» و«الفن ناقل للعدوى»
بعد قرار الحكومة المغربية منع المهرجانات الفنية والثقافية… فنانون مستاؤون «حائط قصير» و«الفن ناقل للعدوى»

أفريقيا برس – المغرب. تفاعل عدد من الفنانين والمثقفين المغاربة باستياء مع قرار الحكومة الأخير، القاضي بمنع جميع المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية إلى أجل غير محدد.

وعبرت عدد من التدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي عن هذا الاستياء العارم الذي اجتاح المشهد الفني والثقافي المغربي عقب قرار اعتبره هؤلاء “غير مفهوم”.

التدوينات والتغريدات وحتى “الستوريات” توزعت بين النقد المبني على المعطيات والقراءات المتعلقة بالحالة الوبائية كما دخلت في مقارنات مع قطاعات أخرى ذات علاقة بالازدحام والاكتظاظ، في حين اختارت أخرى السير على درب السخرية اللاذعة التي كشفت عن حجم الغضب الذي يعتم في صدور الفاعلين في الحقل الفني الثقافي.

وأول تعليق برز في موجة السخرية من قرار الحكومة، هو كون المهرجانات الفنية ناقلة للعدوى أكثر من الأسواق ووسائل النقل العمومي وغيرها من تجليات الازدحام التي يعيشها المغاربة في يومياتهم رغم التحذيرات المتتالية للسلطات الصحية بضرورة الحفاظ على مسافة الأمان.

تعليق آخر كان أكثر عمقاً، حين وصف الفن والثقافة بكونهما معاً “الحائط القصير” الذي من السهل تجاوزه وبالتالي فإن الحكومة لن تجد أي صعوبة في القفز عليه وفرض قرار جديد يعيد عقارب الزمن الفني والثقافي إلى ساعة الصفر مثلما كان الحال في أوج الجائحة.

صحيح أن التأويلات الصادرة عن بعض الجهات أكدت أن قرار المنع لا يشمل الأنشطة اليومية وإنما يتعلق بالمهرجانات والتظاهرات الكبرى، إلا أن ذلك لم يمنع التعليقات من الغوص أكثر في مسألة غياب الثقافة والفن كأولوية لدى الحكومة الحالية وكل الحكومات السابقة.

وكانت تلك المقارنة التي قيلت بمناسبة هذا القرار “غير المفهوم”، بليغة جداً وأكدت أن الحكومة ليست وحدها من “تضحي” بالثقافة والفن بل حتى العديد من المؤسسات ومنها منابر إعلامية ورقية كانت كلما هلت عليها الإعلانات التجارية بكثرة أول ما تفكر في التضحية به هي الصفحات المخصصة للثقافة والفن وقس على ذلك.

بالنسبة للحكومة المغربية، فقد اكتفت ببلاغ موجز وقصير رمت من خلاله بقرارها مثل جمرة مشتعلة في “حجر” المشهد الفني والثقافي، وتركت كل البرامج السابقة في مهب الريح، حتى إن بيت الشعر في المغرب أعلن في آخر لحظة عن تأجيل حفل “جائزة الأركانة الشعرية” التي كان مزمع تنظيمها السبت 11 ديسمبر/ كانون الأول بالمكتبة الوطنية بالعاصمة الرباط، وكان سيحتفي فيها بالشاعر محمد الأشعري، وزير الثقافة السابق.

واعتبر الفنان المسرحي، حسن مكيات، أن “قرار الحكومة ارتجالي وعدمي”، وأضاف: “أول من وضع في الحجر هو الفنان وآخر من رفع عنه الحجر هو الفنان”.

وأوضح في تصريحه لـ “القدس العربي” أن الأنشطة الثقافية والتظاهرات الفنية لمدة سنتين وهي شبه متوقفة، وما رافق ذلك من صبر والتزام من طرف الفنانين.

وتابع أن الفنان المغربي كان حاضراً في فترة الحجر الصحي بكل ثقله رغم توقف أعماله، وذلك من خلال مشاركته في “حملات التوعية بأهمية التباعد واحترام الإجراءات الاحترازية، كما أنه ساعد في حملات التوعية بضرورة وأهمية التطعيم ضد فيروس كورونا”.

ومع ذلك، يستطرد مكيات، فإن أول من تصيبه قرارات الحكومة في مقتل هو الفنان، كما أن “المشهد الثقافي والفني في فترة موت سريري واحتضار”، مشيراً إلى أن العديد من الدول فتحت الباب أمام المهرجانات والتظاهرات ليس الثقافية والفنية وحدها، بل حتى الملاعب ومجالات أخرى. وحسب المتحدث، فإن إصرار الحكومة على قرارها تجاه الفن والثقافة يدل على “أن المسؤولين لا يعني لهم قطاع الثقافة أي شيء، ووجوده كعدمه”، إضافة إلى كونه “الحيط القصير”.

وتابع حسن مكيات قائلاً إن قطاع الثقافة “ينظر إليه نظرة دونية لأن فاقد الشيء لا يعطيه والحكومة ليس لها إلمام بالمجال الثقافي والفني”، مع العلم يوضح المتحدث، فإن “الأمم ترقى بالفن والثقافة، فهما القاطرة التي تجر خلفها كل القطاعات”، لكن يختم مكيات “إلا عندنا فقطاع الثقافة هو الذيل”.

وبنبرة الاستياء نفسها، أكد الفنان المسرحي، أمين ناسور، لـ “القدس العربي” أن قرار الحكومة “مفاجئ جداً خصوصاً أنه لم يعط أي تبريرات مقنعة” مشدداً على أن المغرب يعرف حالياً استقراراً في الحالة الوبائية و”بالتالي لا داعي لمنع التظاهرات والمهرجانات الفنية والثقافية”.

وبالنسبة للمتحدث، فإن الفنان المغربي كان سيتفهم هذا القرار لو تعلق الأمر بالمهرجانات والتظاهرات الدولية في ظل المتحورات الجديدة والخطيرة واستقبال ضيوف من خارج المغرب”، لكن يستطرد أمين ناسور: “على المستوى الداخلي فقرار المنع لا يمكن تفهمه خاصة ونحن نرى الأسواق ممتلئة ووسائل النقل العمومي أيضاً، وهنا نتساءل ما هو الخطر الذي يكمن في التظاهرات الثقافية والفنية”.

وشدد المخرج المسرحي على أن السؤال الأخير يطرحه الفنان المغربي على الحكومة، وفي الوقت نفسه يتحسر لأنه يعتبر نفسه “في قطاع يأتي في آخر سلم الأولويات وهذا ما يحز في النفس، لأننا في مملكة ضاربة في التاريخ وعاهل البلاد الملك محمد السادس يعطي كل الأهمية للثقافة والفن والدليل هي تلك المشاريع الضخمة الفنية التي أعطى انطلاقتها والتي نفخر ونعتز بها على الصعيد الوطني والإقليمي والقاري”.

وبنبرة استياء واضحة، يضيف أمين ناسور: “لكن في المقابل نرى تعاملاً مجحفاً من طرف المسؤولين مع الفنانين والمثقفين، خصوصاً مع أصحاب المهن الفنية الحية”، مشدداً على أنه “ليست هناك مواكبة حقيقية للإبداع والمبدعين”.

وفي ختام تصريحه لـ “القدس العربي” قال أمين ناسور: “لقد عانينا وما زلنا نعاني من سياسات مديريات الفنون في السنتين الأخيرتين، ومن ضبابية التعامل مع الملفات الحارقة، ولكل هذا نطلب من وزير الثقافة والشباب والتواصل التدخل العاجل لإنقاذ القطاع”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس