البنك الدولي: تخطيط الحيز البحري سيحسن إدارة الثروة السمكية بالمغرب

9
البنك الدولي: تخطيط الحيز البحري سيحسن إدارة الثروة السمكية بالمغرب
البنك الدولي: تخطيط الحيز البحري سيحسن إدارة الثروة السمكية بالمغرب

مصطفى واعراب

أفريقيا برس – المغرب. يتسم تخطيط الحيز البحري بفعالية قصوى عندما يشارك الجميع؛ من الحكومة، إلى الأطراف الفاعلة في القطاع الخاص، وكذلك محترفو مهنة الصيد، في قرارات الحوكمة من بداية مراحل التخطيط. ولذلك يرى البنك الدولي بأنه “ينبغي أن تكون هذه الأطراف على دراية بالبيانات، سواء الحالية أو ذات الصلة أو التي يمكن الوصول إليها. والتي يمكن تمثيلها بشكل مفيد على الخرائط، لأنها يمكن أن تساعدهم في اتخاذ أفضل القرارات عندما يتعلق الأمر بمصائد الأسماك وموارد رزقهم”.

يعيش من البحر حوالي 3 ملايين نسمة —في إطار الصيد التقليدي—من أصل نحو 37 مليون مغربي، إلى جانب اتفاقيات الصيد الضخمة التي وقعها المغرب مع شركاء دوليين ، كالاتحاد الأوروبي (27 دولة) وفيدرالية روسيا واليابان، وغيرها. ويمثل قطاع الصيد البحري التقليدي أكثر من 16% من مجموع الصادرات المغربية إلى الخارج (خصوصا أوروبا)، وحوالي 58 % من الصادرات الزراعية الغذائية. لكن هذا القطاع الذي يمثل أسفل هرم قطاع الصيد في المغرب، يلاقي منافسة أكثر فأكثر شراسة من “كبار الصيادين” الذين يشتغلون في إطار الصيد الصناعي. وهو ما يمثل ضغطا كبيرا على الساحل المغربي، بحيث يتسبب في تراجع المخزون السمكي وتردي جودة المصايد عاما بعد عام، في وقت يكتسي الصيد التقليدي (القوارب والمراكب الصغيرة والمتوسطة) طابعا اجتماعيا بالغ الأهمية، من حيث توفيره مصدر رزق لفئات اجتماعية عريضة وهشة.

ولذلك سبق أن التزمت مديرية الصيد البحري (التابعة لوزارة الفلاحة المغربية)، بإقامة “مناطق بحرية محمية” موجهة للصيد التقليدي ومخصصة لحماية الأنواع المهددة والمناطق ذات البيئة الحساسة. وتعتبر أكَادير (وسط غرب المغرب) منطلقا ونموذجا لهذه التجربة الرائدة.

ويندرج خلق هذه المناطق البحرية المحمية ضمن مخطط “أليوتيس”، الذي أطلقته وزارة الفلاحة والصيد البحري في شبتمبر/أيلول 2009، بهدف تحقيق تنمية وتنافسية في قطاع الصيد البحري وتثمين الموارد البحرية بكيفية مستدامة وزيادة الناتج الداخلي بثلاثة أضعاف في أفق 2020. ومن أجل إنجاح هذا المخطط الذي ما يزال مستمرا، تم خلق ثلاثة أقطاب تنافسية كبيرة في كل من مدن طنجة وأكادير والعيون. كما يأتي خلق تلك المناطق البحرية المحمية انسجاما مع التزامات المغرب، في إطار المعاهدات الدولية، بحماية التنوع البيولوجي للبحر. وخصوصا التزامه بالحفاظ على 10% من المناطق البحرية والساحلية، محمية في إطار تبدير فعال ومتوازن لأنشطة الصيد.

وينوه البنك الدولي، في تقرير سابق صدر قبل عام، إلى أنه بفضل “نموذجه الجديد للتنمية” الذي أعلن عنه في 2021، يتوفر المغرب على مؤهلات قوية، تمكنه من تنمية “قتصاده الأزرق” (قطاع البحر) وخلق فرص مهمة لتوفير مناصب شغل.

الحل في إقامة “مناطق بحرية محمية”

وفي تقرير نشره البنك الدولي مؤخرا، خصصه لـ “مساعدة المغرب في الحفاظ على مصايد الأسماك وتحسين إدارتها”، يسلط خبراء البنك الضوء على الدروس المستفادة من أنشطة الدعم الفني، التي تطرح تخطيط الحيز البحري لتدبير أكثر عقلانية واستدامة لموارده الطبيعية. وتخطط الحكومة المغربية لوضع هذا النهج موضع التنفيذ، عند تحديد موقع إقامة محمية بحرية جديدة في أكَادير، على الساحل المغربي المطل على المحيط الأطلنطي.

ويقدم التقرير الذي حمل عنوان “تجربة رائدة في تخطيط الحيز البحري بالمغرب.. فرصة لبلورة معنى الحفاظ على البيئة والتنمية”، استعراضا عمليا لتخطيط الحيز البحري، ومنهجا للحوكمة يجمع العديد من مستخدمي موارد المحيط، ويزودهم بما يحتاجون إليه من وصايا وبيانات فنية دقيقة.

وتحرص حكومة المغرب على العمل بنهج متعدد القطاعات، وفقا للتقرير، يشكل أساسا لنجاح عملية تخطيط الحيز البحري. وسيساهم الالتزام الحكومي في المشاركة النشطة من جانب قاعدة واسعة من أصحاب المصلحة، تضم محترفي مهنة الصيد الذين تعتمد أرزاقهم على قدرتهم، على مواصلة أنشطة الصيد في مناطق الحيز البحري المقترحة.

وفي حالة “المنطقة البحرية المحمية المقترحة” في أكَادير بالمغرب، وضع فريق استشاري تقني، دراسة تشخيصية تفصيلية، تدمج البيانات البيولوجية والبيئية، مع البيانات الاقتصادية، والمعلومات المتعلقة بكيفية استخدام أصحاب المصلحة والأطراف المعنية للموارد البحرية والساحلية. وترجمت هذه البيانات بالوسائل البصرية إلى طبقات على خرائط رقمية باستخدام نظم المعلومات الجغرافية.

وبتعديل المقاييس على الخرائط وفقا لأولويات أصحاب المصلحة والأطراف المعنية، ستتمكن الحكومة المغربية من تحديد قائمة مختصرة من المناطق البحرية المحمية، تبعا لأولويات أصحاب المصلحة والأطراف المعنية. بحيث سيختارون بأنفسهم وبصورة جماعية أفضل المواقع الممكنة لإقامة اللمحمية البحرية، التي ستعزز كلا من موارد رزقهم من صيد الأسماك وأهدافهم الاقتصادية.

وقد أدت المساعدة التقنية التي يقدمها البنك الدولي، بحسب التقرير دائما، إلى تنشيط اهتمام حكومة المغرب بتخطيط الحيز البحري، كأداة تراعي السياق المناسب للإدارة المشتركة للموارد الطبيعية. ويتضمن التقرير فصلا عن الخطوات التالية التي يمكن أن يتخذها المغرب لتحسين إدارة المنطقة البحرية المحمية في أكَادير، بما في ذلك الأداة التي تعمل على توسيع نطاق تخطيط الحيز البحري، والتشجيع على استخدامه في التدريبات المستقبلية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس