أفريقيا برس – المغرب. أكد كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية، عمر حجيرة، أن البرنامج الجديد لدعم التصدير ما يزال في بداياته، ولا يمكن في المرحلة الراهنة إصدار أحكام نهائية بشأن أثره على الميزان التجاري.
وأوضح حجيرة في معرض إجاباته خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، الاثنين 8 دجنبر 2025، أن الحكومة لا تتعامل مع ارتفاع حجم الاستيراد باعتباره « اختلالا » في الميزان التجاري، بل كنتاج طبيعي لحيوية الأوراش الكبرى والمشاريع الملكية التي تعرفها المملكة، والتي تتطلب مواد وتجهيزات لا تُنتج محليا بالكامل، سواء تعلق الأمر بالمستشفيات أو الطرق أو البنيات التحتية أو الصناعات المرتبطة بها.
واعتبر المسؤول الحكومي أن هذه الدينامية لا تُعد خللا اقتصاديا، بل نتيجة مباشرة لمسار تنموي واسع، يقتضي استيراد جزء من حاجياته، مبرزا أن البرنامج الجديد وُضع بهدف مواكبة هذا الواقع وتوجيهه، إلا أنّ تقييم نتائجه لا يمكن أن يتم ما دام لم يتجاوز بعدُ 155 طلباً من أصل 600 هدف مُحدد، مؤكداً أن تنفيذ مضامينه لا يقع على عاتق الحكومة وحدها، بل يرتبط أساسا بمدى استعداد القطاع الخاص للانخراط والاستفادة من آلياته.
وبخصوص العدالة المجالية، اعترف كاتب الدولة بأن توزيع الطلبات يكشف غياب التوازن بين الجهات رغم المشاورات الواسعة التي قامت بها الوزارة، مشيرا إلى أنّ 40% من الطلبات مصدرها جهة الدار البيضاء-سطات، وهو واقع حسب حجيرة، خارج قدرة الحكومة على تغييره دون مشاركة الفاعلين الاقتصاديين محليا، مؤكدا أن تحقيق الأهداف المسطرة، خصوصاً رفع الصادرات بـ80 مليار درهم، وخلق 76 ألف منصب شغل، وإحداث 400 مقاولة جديدة، ودعم 200 مقاولة قائمة، يستلزم شراكة فعلية بين القطاعين العام والخاص.
وتوقف المسؤول الحكومي عند المقاربة التشاركية التي أعد على أساسها البرنامج، والتي شملت الجهات والفاعلين الاقتصاديين على الصعيد الوطني، إضافة إلى فتح 12 مكتبا جهويا، ورقمنة مجموعة من المساطر المرتبطة بالتجارة الخارجية لتسهيل الولوج إلى المعلومات التي كان غيابها يشكّل عائقا أمام العديد من المقاولات، معلِنا عن تخصيص تأمينات إضافية بقيمة 100 مليون درهم لتشجيع التوجه نحو أسواق خارجية جديدة ما تزال غير مستغلة بالشكل الكافي.
في المقابل، نبّه حجيرة إلى استمرار التمركز الجهوي في الاستفادة من البرنامج، رغم المجهود المبذول في توسيع قاعدة المستفيدين، مفيدا بأن 70% من الطلبات تتركز في أربع جهات فقط: 41% في الدار البيضاء-سطات، 13% في مراكش-آسفي، 10% موزعة بين سوس-ماسة وفاس-مكناس، و6% في طنجة-تطوان-الحسيمة، معتبرا أنه ورغم هذا التركز، فإن المؤشر الإيجابي الأبرز هو أن 88% من الطلبات قُدمت من طرف مقاولات صغرى ومتوسطة، وأن نحو 30% منها تهم قطاع الصناعات الغذائية.
وأشار كاتب الدولة إلى أن هذا الوضع يعيد إنتاج الإشكاليات نفسها، إذ ورغم الجهود المبذولة لفتح المجال أمام مختلف الجهات، لا يزال الإقبال من المناطق الأقل استفادة ضعيفا، مقدِّما مثالاً بجهة الشرق، التي لا تتجاوز حصتها 3% من إجمالي الطلبات، رغم توفرها اليوم على بنية تحتية استراتيجية، وعلى رأسها ميناء الناظور غرب المتوسط الذي استقبل أول باخرة مؤخراً، والذي من المرتقب أن يصبح ثاني أكبر ميناء بالمملكة بعد طنجة المتوسط.
وأعلن حجيرة في ختام جوابه عن استعداد الوزارة للقيام بجولة ثانية من اللقاءات الميدانية في الجهات التي كان من المفترض أن تحقق نسباً أعلى من الانخراط، مؤكدا أن بلوغ الأهداف الوطنية في مجال التجارة الخارجية يظل مرهوناً بتعاون الجميع، من حكومة وبرلمان وقطاع خاص، من أجل تحويل الإمكانات المتاحة إلى فرص فعلية للنمو والاشتغال والابتكار.





