مغاربة يرفضون مجددًا الساعة الإضافية «المشؤومة»

9
مغاربة يرفضون مجددًا الساعة الإضافية «المشؤومة»
مغاربة يرفضون مجددًا الساعة الإضافية «المشؤومة»

أفريقيا برس – المغرب. أنهت الحكومة المغربية العمل بالساعة الاعتيادية لتعود البلاد إلى الساعة الإضافية، بزيادة ستين دقيقة إلى توقيت «غرينيتش». ويأتي هذا الإجراء بعد الانتهاء من فترة العمل بالتوقيت الذي تم اعتماده بشكل استثنائي تزامناً مع شهر رمضان، بناء على إعلان سابق لوزارة إصلاح الإدارة حدد بدء العمل بالتوقيت القانوني فجر الأحد 23 شباط/ فبراير 2025.

واختصر المغاربة التعبير عن الارتباك الكبير في العودة إلى توقيت ما قبل رمضان بجملة «زيد ساعة نقص ساعة»، الذي يختصر مسافة الاضطراب الحاصل لدى الجميع بسبب العودة إلى الساعة الإضافية بعد شهر الصيام.

ويتجدد هذا الجدل كل عام قبل وبعد شهر رمضان الذي تقرر فيه الحكومة العودة إلى توقيت غرينيتش، لكن بمجرد مرور أسبوع على عيد الفطر تعود «حليمة إلى عادتها القديمة»، كما ورد في تدوينات بعض المغاربة في مواقع التواصل الاجتماعي وهم يعبرون عن امتعاضهم من هذه الزيادة الوحيدة التي لا يرغب فيها أي مغربي. في مقابل ذلك، عبر البعض الآخر عن الغضب من اعتماد الحكومة على توقيت يضر بصحة المغاربة كما ورد في تصريحات أطباء بهذا الخصوص.

وفي كل عام يتغير شكل الاحتجاج على إضافة ساعة إلى التوقيت القانوني للمغرب، وكان مطلب «التحكيم الملكي» هو الشكل الذي اختاره المغاربة هذا العام في مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن كان القضاء في سنوات مضت هو الباب الذي طرقته منظمات مهنية وجمعيات حقوقية.

وجرى تداول مطلب «التحكيم الملكي بخصوص الساعة الإضافية» بكثرة قبيل انتهاء شهر رمضان واقتراب العودة إلى الساعة الإضافية خاصة بعد إعلان وزارة إصلاح الإدارة عن ذلك، مما زاد حدة الاستنكار من «معاكسة تمسك الحكومة بهذا التوقيت لتزايد الأصوات المطالبة بإلغائه» على مستوى جميع المواطنين من فاعلين مدنيين وحقوقيين.

وفي هذا السياق الاحتجاجي، طالبت «الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب» (هيئة مدنية مستقلة) بإعادة النظر في اعتماد الساعة الإضافية التي أصبحت مفروضة على مدار السنة، دون مراعاة خصوصيات الفصول، خاصة فصل الخريف والشتاء.

وأعربت الشبكة المذكورة، في بيان لها، عن استيائها من استمرار العمل بالساعة الإضافية خارج شهر رمضان، وهو الإجراء الذي اعتبرته «اعتداء مستمراً على راحة المواطنين، بما في ذلك الشباب والأطفال، مما يزيد من الضغوط النفسية ويؤدي إلى مشاكل أسرية متزايدة».

ووفق المصدر نفسه، فإن تأثير الساعة الإضافية سلبي على الصحة النفسية والجسدية للمغاربة، وخصت بالذكر الأطفال والمسنين كفئات ضعيفة، وأوضحت أن هذه الآثار السلبية تتجلى في اضطرابات النوم وتراجع التركيز، مما ينعكس سلباً على المستوى العام للسعادة بين المغاربة.

وبعد أن عبرت عن ارتياحها لقرار العودة إلى الساعة القانونية خلال شهر رمضان، دعت الشبكة الحكومة المغربية إلى الاحتفاظ بها على مدار العام، أو على الأقل تحديد العمل بالساعة الإضافية خلال الفترة الصيفية فقط.

ومن أجل الوقوف على تداعيات هذا التوقيت، شددت الشبكة على ضرورة إنجاز دراسة شاملة من طرف «المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي» (مؤسسة رسمية)، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، لتقييم آثار الساعة الإضافية على حياة المواطنين، لا سيما من الناحية الصحية والنفسية.

كما دعت البرلمان إلى القيام بدوره الرقابي في تقييم السياسات العمومية المتعلقة بالساعة الإضافية، ولم يفتها تحميل المسؤولية لكل من حكومة سعد العثماني وحكومة عزيز اخنوش بسبب اختيار هذا التوقيت «على حساب صحة المواطنين وأسرهم».

وختمت «الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب» بيانها، بالتأكيد على ضرورة اتخاذ قرارات تصب في مصلحة المواطنين، وتضمن راحتهم وصحتهم، من خلال إلغاء الساعة الإضافية التي تعزز من مشاعر التشاؤم اليومي.

وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة افتراضية للاحتجاج الرقمي على تشبث الحكومة بقرارها بخصوص إضافة ساعة للتوقيت القانوني بعد رمضان، وجدد المغاربة رفضهم لهذا القرار، فيما أعلن بعضهم: «لن نعود إلى الساعة الإضافية بعد رمضان»، فيما توحد الجميع في وصفها بـ «الساعة المشؤومة».

واختار البعض توجيه رسالة رقمية إلى «صناع القرار بخصوص الساعة الإضافية»، مثل الفاعل المدني والحقوقي، نجيب الأضادي، الذي قال في منشور له على فيسبوك إنه «بكل صراحة وبدون أية مزايدات»، يرجو إعادة النظر في إضافة الساعة بعد رمضان.

وحسب صاحب التدوينة «لا شك أن هذه الساعة تحمل بعض المزايا الاقتصادية وترشيد الطاقة، لكن هل يستحق ذلك المعاناة الصحية والنفسية التي يتكبدها المغاربة؟»، وأوضح أن «التعب المزمن، اضطرابات النوم، تراجع التركيز، وتأثيرها السلبي على الأطفال والموظفين والتلاميذ كلها أمور لا يمكن تجاهلها. إذا كانت النتيجة سلبًا أكثر من نفعها، فما الجدوى من استمرارها؟»

وبالنسبة للفاعل الحقوقي، فإن «الساعة البيولوجية للمغاربة أهم من أي حسابات اقتصادية». وعبر عن أمله في أن تراجع الحكومة والجهات المعنية «هذا القرار بحكمة وتقدير لما فيه راحة المواطن وصحته».

وكتب الممثل عبد الرحيم الغزواني تدوينة بالدارجة المغربية، معناها بالعربي الفصيح: «المهم أن الوقت ملك لله، وهذه الساعة الإضافية التي تم اعتمادها تثير استياء الناس، لأنها تُجسّد سياسة لا تُتقن سوى فرض الزيادات».

ومن جهتهم، قرر عدد من المواطنين إنشاء مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تحمل اسم «كل المغاربة ضد الساعة المشؤومة الإضافية»، والهدف منها «إسقاط الساعة الإضافية المشؤومة والمطالبة بتدخل ملكي ليريحنا منها».

واتخذ جدل الساعة الإضافية صيغة قانونية في عهد حكومة سعد الدين العثماني، عندما قررت «نقابة المحامين بالمغرب» تقديم طعن أمام محكمة النقض ضد مرسوم رئيس الحكومة القاضي بإضافة ساعة إلى التوقيت المحلي بالمغرب، وتطبيق التوقيت الصيفي «غرينيتش+1» على طول العام.

وقدمت النقابة عبر المحامي الحسين الراجي، المنتمي لهيئة مراكش، دعوى قضائية أولى أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض بهدف الطعن في المرسوم المتعلق بالساعة القانونية، أما الثانية فكانت استعجالية لطلب إيقاف تنفيذ المرسوم المتعلق بالساعة القانونية إلى حين البت في الطعن المقدم بالإلغاء في نفس المرسوم المعروض أمام الغرفة الإدارية لدى محكمة النقض بالرباط، وترتيب النتيجة القانونيـة الواجبة.

واعتمد المحامي في عريضة الدعوى على معطى مراعاة المصلحة العامة باعتبارها أصل التشريع ومناطه وغايته، كما اعتبر أن في المرسوم «خرقًا للمبادئ الدستورية التي تنص على حماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، وتمنع المس بأمنه الاجتماعي والاقتصادي وأمنه الصحي والروحي، وذلك وفق ما نص عليه الدستور في الباب الثاني المتعلق بالحريات والحقوق الأساسية».

ورغم الجدل بخصوص «الساعة القديمة والجديدة» وفق التعبير الساخر، فقد استيقظ المغاربة صباح الأحد على ستين دقيقة «زائدة» في هواتفهم وناقصة من نومهم وراحتهم.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس