أفريقيا برس – المغرب. كانت مدينة سيدي قاسم المعروفة خلال فترة الحماية الفرنسية باسم “Petitjean”، شاهدة على أول اكتشاف نفطي في منطقة شمال إفريقيا، بل وقبل اكتشاف النفط في دول الخليج العربي وإفريقيا، ما ساهم في تغيير مسار المدينة والاقتصاد المغربي، ووضع حجر الأساس لصناعة البترول في المملكة.
ومعلوم أن أولى محاولات البحث عن البترول في منطقة الخليج العربي بدأت سنة 1925 انطلاقا من دولة البحرين، قبل أن تتوالى الاكتشافات في دول المنطقة التي تتصدّر قائمة منتجي الطاقة عالميا.
وجاء هذا الاكتشاف تتويجا لجهود استعمارية في البحث عن الموارد الطبيعية، ففي حدود سنة 1914 تم اكتشاف تسربات نفطية على أطراف الريف وشرق سهل الغرب، الأمر الذي قاد إلى اهتمام العديد من الشركات الخاصة بأبحاث النفط في المغرب، من خلال القيام بعدة مسوحات في المنطقة.
وتم العثور في جبل سلفات على نتائج مشجعة،، خصوصا بعد رصد ثوران مفاجئ للبترول أعقبه اندلاع النار. كما جرى التعرف على حقل صغير آخر في جبل بودراع، وحقل آخر على حافة جبل أوطيطا، ليصبح المغرب بذلك أول بلد إفريقي يُنتج النفط. ويعد جبل سلفات في سيدي قاسم هو موقع أول اكتشاف نفطي في المغرب، وقد أدى اكتشاف الثروة البترولية بالمغرب إلى جذب أنظار المستثمرين الفرنسيين.
وتؤكد دراسة نشرتها جامعة ابن طفيل سنة 2022، تحت عنوان “تاريخ صناعة المحروقات بمدينة سيدي قاسم خلال فترة الحماية الفرنسية وفجر الاستقلال بالمغرب” أنه في 26 يونيو 1918، تم تأسيس “شركة البحث والحفر” المخصصة للتنقيب في مناطق من المغرب وتونس، ثم أنشئت شركة تابعة لها أطلق عليها اسم “الشركة الشريفة للأبحاث والحفر”، والتي قامت بدعم من السلطات العسكرية بإجراء مسوحات شملت حوالي 90.000 هكتار بالمغرب.
وقد أسفرت الأبحاث خصوصا في جبل سلفات، عن نتائج سريعة، حيث بدأ الحفر هناك في 14 شتنبر 1919، وتم العثور على طبقة من النفط على عمق 90 مترا يوم 7 نونبر من نفس السنة.
ومكنت اختبارات الضخ من تقدير معدل تدفق بلغ 2500 متر مكعب يوميا من هذه الطبقة الأولى، ولم يكن ذلك سوى بداية، لكنها كانت من أكثر النتائج المشجعة على مواصلة الدراسات الاستقصائية بمزيد من العمق.
وبالنظر إلى الآفاق المهمة، اندمجت العديد من شركات الحفر في المغرب، وأسست بالتعاون مع “شركة النفط الفرنسية” وشركات أوروبية أخرى في أبريل 1929 “الشركة الشريفة للبترول” (SCP)، التي تلقت دعما كبيرا من الدولة الفرنسية.
وبذلك تم إنشاء أقوى هيئة للتنقيب عن المواد الهيدروكربونية في البلدان الخاضعة للسيطرة الفرنسية. وبذلك تحولت مدينة سيدي قاسم، التي كانت في السابق منطقة فلاحية بامتياز، إلى فضاء جديد تحركه دينامية البترول. فقد أصبح النفط محرّك النمو الاقتصادي للمدينة، بل ورمزا لهويتها الحديثة، حيث وقع الاختيار عليها لتكون مقرا لأول مصفاة لتكرير النفط سنة 1934، من أجل تزويد المغرب بالمحروقات.
وبعد سنوات من ذلك بدأت الآمال الكبيرة المعلّقة على النفط المغربي تخبو تدريجيا، وسرعان ما أدى انخفاض إنتاج حقول غرب المغرب إلى تراجع الإنتاج الوطني إلى أقل من 100,000 طن، إذ بلغ 92,335 طن في عام 1960 و80,000 طن في عام 1961.
وبعد نفاذ مخزون الحقول المكتشفة في المنطقة بدأت الشركة الشريفة للبترول تستورد البترول الخام من الخارج وتعيد تكريره بمصفاة سيدي قاسم. وفي سنة سنة 1997 تمت خوصصة الشركة، ثم أدمجت ضمن شركة “سامير” سنة 1999.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس