من جل اعتماد بروتوكول علاجي ملائم للتعامل مع موجة كورونا الثانية في المغرب‎

16

تتميز المرحلة الوبائية الثانية لوباء فيروس كورونا المستجد في المغرب، بارتفاع كبير في عدد الوفيات وأيضا في عدد الحالات الحرجة وبالتالي زيادة الضغط على المراكز الاستشفائية. وفي هذا السياق حذر الدكتور أحمد غسان الأديب، رئيس قسم التخدير والإنعاش بالمستشفى الجامعي بمراكش، في منشور له، من ارتفاع عدد الحالات التي تم التكفل بعلاجها في مراحل متقدمة والتي من المرجح أن تتطور أكثر فأكثر، لعدم وجود خطة وطنية للحد من هذا الأمر.

وعبر عن أسفه قائلا، إن “إجراءات تشخيص المرضى وعلاجهم ومراقبتهم” لم تعد ملائمة للوضع الحالي. وهذا يفسر من بين أمور أخرى من خلال “الصعوبة التي يواجهها المرضى الذين تظهر عليهم أعراض الفيروس، عند رغبتهم في إجراء اختبار الكشف بالإضافة إلى تأخر النتائج” وعدم تتبع المرضى ومخالطيهم بشكل مثالي.

ويرى أحمد غسان الأديب، أن الاستراتيجية التي تم تكييفها مع المرحلة الثانية من الوباء “يجب أن تتمحور حول أربعة أمور أساسية: الوقاية والتشخيص والعلاج والحوكمة”. كما أنه من الضروري بحسبه “تجنب خلق أماكن للعدوى داخل النظام الصحي”، من خلال “التركيز على الاستشارات عن بعد والتطبيب عن بعد، ومن خلال تعزيز مراكز الاتصال، لا سيما وحدات SAMU”.

وعلى مستوى التشخيص، دعا إلى “زيادة القدرة على القيام باختبارات RT-PCR مع التوزيع الإقليمي وفقًا للوضع الوبائي مما يسمح بترشيدها، والتشخيص المبكر للمرضى، وسرعة النتائج”.

“لا بد من الاعتراف بأن الأرقام المعلنة يومياً مقترنة بعدد الفحوصات التي تم إجراؤها وبالتالي لا تعكس حقيقة الوضع الوبائي، إذ أن عددا كبيرا من المرضى لا يتمكنون من الخضوع للاختبار أو يتجنبون القيام به”.

احمد غسان الأديب
وفي نفس السياق قال إن “عدد الحالات الخطيرة أو الحرجة المعلن عنها لا تعكس العدد الفعلي بأي شكل من الأشكال، حيث أن غالبية المرضى الذين يتم نقلهم إلى المستشفى في وحدات العناية المركزة والعناية المركزة في الأقسام المخصصة لكوفيد 19 يتم إدخالهم إلى المستشفى وفق المعايير السريرية، أو حتى الأشعة المقطعية، قبل إجراء اختبار الكشف”.

وأوضح الدكتور أن عدد الاختبارات لا يمكن أن يرتفع بدون إنتاج وطني لاختبارات PCR، أو فتح مختبرات جديدة، أو توفير “مختبرات متنقلة يمكن تعبئتها في المناطق التي ينتشر فيها الوباء أكثر من أجل تسريع الحصول نتائج الأِخاص الذين تظهر عليهم الأعراض”.

أما فيما يتعلق بالاختبار السيرولوجي السريع فهو “غير صالح للتشخيص المبدئي”، بحسب الطبيب، الذي أوضح أن “نتائجه تأتي سلبية إذا كان المريض في المراحل الأولى من المرض”. وبالتالي “لا يمكن استخدامه إلا للمرضى الذين يتم فحصهم في وقت متأخر، مثل المرضى المتواجدين في العناية المركزة (…) أو في إطار إجراء اختبارات الكشف داخل وحدات مهنية معينة”، وهو ما يتوافق مع توصيات أطباء العناية المركزة حول هذا الموضوع.

وأخذا بعين الاعتبار للتطور الوبائي الحالي، دعا البروفيسور في المنشور نفسه إلى “العلاج الفوري لكل شخص تظهر عليه أعراض شبيهة بالإنفلونزا أو أعراض تنفسية، دون التركيز على الاختبارات”، وهو ما لم يحدث بعد، “مما يهدد بزيادة أكبر في عدد الوفيات”. ولتجنب هذا الوضع، يوصي الطبيب بوضع طرق علاج مبكرة، تشمل أطباء الصف الأول، في القطاعين العام والخاص، لتوحيد العلاج وفقًا لبروتوكول وطني.

كما دعا إلى مزيد من الانخراط المباشر للمصحات الخاصة في علاج المرضى، وفقًا لشروط محددة من حيث الوصول إلى الخدمات الصحية، خاصة في المناطق ذات سعة العناية المركزة المحدودة.

“مع وجود 200 طبيب تخدير وإنعاش طبي في القطاع العام، والذين تم توزيعهم بشكل سيئ بالفعل على المستوى الوطني، ستواجه بعض المناطق صعوبات لا يمكن التغلب عليها في إدارة مرضى كوفيد، وغيرهم، في مستشفيات الولادة، والمستعجلات، وغرف العمليات الجراحية …”.

أحمد غسان الأديب
وفي ظل ضعف الموارد البشرية، فإن حماية مهنيي الصحة تعتبر أولوية، وعليه، دعا الطبيب إلى توفير أقصى قدر من الحماية من خلال “التعامل معهم بسرعة وبشكل صحيح إذا تعرضوا للإصابة بالفيروس وتتبع حالتهم من اجل استرجاع عافيتهم بشكل سريع والعودة إلى عملهم”. كما شدد على أهمية “الاعتماد على التوصيات والبروتوكولات العلمية ووضعها في سياق بلدنا، والتي وضعها خبراء من الجمعيات الوطنية العلمية”.

وأنهى الطبيب حديثه قائلا “سأقدم فقط مثالاً على الجدل الحالي بشأن بداية العام الدراسي الجديد، حيث يجب أن يعتمد القرار المتخذ أولاً وقبل كل شيء على رأي علمي طبي – نفسي – اجتماعي، والتطبيق عن طريق التكيف الإقليمي، وفقًا للوضع الوبائي لكل منطقة”.