أفريقيا برس – المغرب. تستعد أحزاب المعارضة في بالبرلمان المغربي، إلى تحريك ملتمس الرقابة في وجه الحكومة التي يقودها عزيز أخنوش، لمعارضة مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها طبقا للفصل 105 من الدستور المغربي.
وعقدت مكونات المعارضة الأربعة، «الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية» و«الفريق الحركي» و»فريق التقدم والاشتراكية» والمجموعة النيابية لحزب «العدالة والتنمية»، مساء الأحد، لقاء جمع رؤساء الفرق النيابية الممثلة في البرلمان المغربي، لوضع اللمسات الأخيرة على المبادرة.
وتقوّى طرح أحزاب المعارضة، عقب انضمام المجموعة النيابية لـ «العدالة والتنمية»، التي صادقت أمانتها العامة برئاسة عبد الإله بن كيران على مشاركة الحزب إلى جانب باقي أحزاب المعارضة النيابية في ملتمس الرقابة، واعتبرته «تمرينا سياسيا وديمقراطيا من شأنه أن يُحْيي النقاش السياسي الوطني الرَّاكد، ويضع الحكومة أمام مسؤولياتها لاسيما إزاء تخلفها وعجزها عن الوفاء بوعودها في البرنامج الحكومي كما صادق عليه نواب الأغلبية النيابية».
وأضاف بيان «العدالة والتنمية» الذي تلقت «القدس العربي» نسخة منه، أن القرار جاء في ظل «تدهور الوضع المعيشي للمواطنين والمواطنات، وسحب وتعطيل العديد من التشريعات المتعلقة بمحاربة الفساد وترسيخ الحوْكمة الجيدة، وتهرُّب الحكومة ورئيسها من المسائلة البرلمانية، وتمرير العديد من التشريعات الهيكلية في مجال الحقوق والحريات بمنطق أغلبي وأحادي وإقصائي»، وبالنظر إلى «تفاقُم حالات تضارب المصالح واستغلال النفوذ، وتهرب أحزاب الأغلبية النيابية من الانخراط في لجنة تقصي الحقائق بخصوص الاختلالات الكبيرة والخطيرة التي سجلتها عملية دعم استيراد المواشي».
مراقبة عمل الحكومة
ويعتبر ملتمس الرقابة من أخطر الآليات البرلمانية لمراقبة عمل الحكومة ومسؤوليتها السياسية، ونجاحه يعني سحب الثقة من الحكومة وإسقاطها.
ويمنح الفصل 105 من الدستور الحق لمجلس النواب في أن يعارض مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة، ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس. ويشير الدستور إلى أنه لا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس النواب، إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم.
ويودَع ملتمس الرقابة لدى رئيس المجلس في شكل مذكرة مفصلة يسلمها له أحد الموقعين على الملتمس، مرفقة بقائمة تضم أسماء أصحاب الملتمس وتوقيعاتهم، والفرق والمجموعات النيابية التي ينتمون أو ينتسبون إليها، وعند الاقتضاء، إذا كانوا من الأعضاء غير المنتسبين.
ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس، وتؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية. وإذا وقعت موافقة مجلس النواب على ملتمس الرقابة، فلا يقبل بعد ذلك تقديم أي ملتمس رقابة أمامه، طيلة سنة.
بالنسبة للمحللة السياسية مريم بليل، فإن الفصل 105 من الدستور، ينص على أن لمجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة، ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس. واشترط للموافقة عليه تصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم المجلس. كما أن الموافقة عليه تؤدي إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية.
وأوضحت بليل متحدثة لـ «القدس العربي»، أن المعارضة في المغرب خلال الولاية 11 هي معارضة مشتتة سواء من ناحية العدد الصغير لكل كتلة وأيضا بالمقارنة مع إيديولوجيات وتوجهات كل حزب من حزب الكتل البرلمانية، ولفتت إلى أن العاملين معًا (الضعف العددي، والتباعد الاستراتيجي والإيديولوجي) ساهما في ضعف أداء المعارضة رغم المحاولات التي استمرت منذ بداية الولاية لتوحيد الجهود، والتي تجدها المتحدثة ضرورية في ظل الأغلبية المريحة التي لدى الحكومة.
وبخصوص انضمام «العدالة والتنمية» إلى المبادرة، أبرزت بليل إلى أن الحزب بات أكثر واقعية، ذلك أن تراجعه من 125 مقعدا إلى 13 مقعدا أثَّر على قراراته، ولعله أدرك أخيرا أن التأثير الحقيقي من داخل المؤسسات وبموجب النصوص الدستورية لا يمكن أن يتم إلا بتحالفه مع باقي مكونات المعارضة رغم كل الاختلافات. وأوضحت أن التوافق بين مكونات المعارضة ألزمته ضرورة المصلحة.
وتعتقد المحللة السياسية أن السيناريو الوحيد للموافقة على ملتمس الرقابة هو التصويت عليه من قبل فريق من فرق الأغلبية، وهو أمر سيختبر قوة وانسجام التحالف الحكومي، وأشارت إلى أن المؤشرات تقول إن الأمر لن يحدث، واستطردت قائلة: «لكن في السياسة لا شيء يمكن توقعه بشكل حاسم».
تنشيط للحياة السياسية
بالنسبة للمحلل السياسي المغربي عمر الشرقاوي، فإن أعضاء أحزاب المعارضة العازمين على تقديم ملتمس رقابة، مقتنعون أن الخطوة لا تعدو أن تكون مجرد تنشيط للحياة السياسية وإخراج الفعل السياسي من حالة الركود والتجريف، بدون تحقيق المسؤولية السياسية، موضحا أنه أمل في إسقاط الحكومة والمعارضةُ لا تتجاوز 100 عضو بمجلس النواب بينما تحتاج لـ 198 عضوا لإسقاط الحكومة.
وأفاد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني، ضمن تدوينة على صفحته الرسمية، أنه حتى حينما كانت المعارضة الحقيقية في الزمن السياسي النبيل تلجأ لملتمس الرقابة محاولة الإطاحة بالحكومة في مناسبتين تاريخيتين، لم تستطع تحقيق ذلك.
وتم أول ملتمس تم اللجوء إليه عام 1964، بعد سنة على تعيين حكومة باحنيني من طرف «الاتحاد الوطني للقوات الشعبية» وأعقب أحداث ما سمي آنذاك بـ»مؤامرة 63» التي اتهم فيها عدد كبير من قيادات حزب «الاتحاد الوطني للقوات الشعبية»، بمحاولة قلب النظام والتآمر مع الجزائر ضد المصلحة العليا للبلاد، حيث وقع نواب الحزب، وعلى رأسهم عبد الرحيم بوعبيد والمهدي العلوي ومحمد الحبابي وعبد الواحد الراضي، والمعطي بوعبيد وآخرون على سحب الثقة من الحكومة لكن الملتمس تم إسقاطه.
نفس المصير رافق ملتمس 1990 الذي تم تحريكه ضد حكومة عز الدين العراقي بعد بإضراب كانون الأول/ ديسمبر 1990 وما رافقها من مواجهات دموية في فاس وطنجة، حيث قامت السلطة بتدخل عنيف، وستضطر الحكومة إلى القبول بلجنة لتقصي الحقائق، شكّلها البرلمان قبل أن يتطور الأمر إلى تقديم ملتمس للرقابة بمبادرة من طرف حزبي «الاستقلال» و»الاتحاد الاشتراكي» ضد الحكومة، لكن النتيجة كانت واضحة وهي استمرار الحكومة وإسقاط الملتمس.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس