تجدد النقاش حول انضمام المغرب لـ«البريكس» بعد استبعاد الجزائر

1
تجدد النقاش حول انضمام المغرب لـ«البريكس» بعد استبعاد الجزائر
تجدد النقاش حول انضمام المغرب لـ«البريكس» بعد استبعاد الجزائر

أفريقيا برس – المغرب. هل أصبح انضمام المغرب إلى تكتل «البريكس» مسألة وقت فقط؟ أم إن سلطات الرباط تفضّل الاحتفاظ بمسافتها الاستراتيجية، في انتظار وضوح الرؤية بشأن المسار الذي تسلكه هذه المجموعة الدولية في ظل التجاذبات الجيوسياسية المتسارعة؟ وهل ستكون المواقف المتباينة من نزاع الصحراء الغربية حجر عثرة أمام الانضمام المغربي إلى هذا التكتل؟

تساؤلات أعادها إلى الواجهة تصريح أناند كومار سريفاستافا، رئيس العمليات في «بنك التنمية الجديد» التابع للتكتل، والذي أعرب خلال ندوة دولية نُظمت في الرباط عن أمل الأعضاء في انضمام المغرب مستقبلاً، رغم أنه سبق له أن أبدى عدم اهتمامه بالالتحاق بالمجموعة قبل نحو سنتين.

وتناقلت وسائل إعلامية محلية هذا التصريح الذي أدلى به المسؤول المذكور خلال ندوة حول «الصفقات العمومية المراعية للمناخ»، احتضنتها العاصمة المغربية، ما أعاد إلى الواجهة النقاش حول تموضع المغرب في ظل المتغيرات الجيوسياسية الدولية.

وفي هذا الصدد، يرى مراقبون أن سلطات الرباط تتبنى، منذ سنوات، خيارًا يقوم على تنويع الشراكات الدولية وتفادي الاصطفاف في «محاور مغلقة»، وهو ما يفسّر تريثه في التعامل مع دعوات الانضمام إلى تكتلات مثل «البريكس». فالمملكة المغربية تحتفظ بعلاقات قوية مع الدول المؤسسة لهذا التكتل، وعلى رأسها الصين والهند وروسيا، لكنها في المقابل تتمتع بشراكات استراتيجية متقدمة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ما يجعل قراراتها مبنية على حسابات دقيقة تراعي توازناتها ومصالحها الوطنية.

اقتصاديًا، يُنظر إلى المغرب باعتباره بلدًا صاعدًا في محيطه، بفضل استقراره السياسي وبنياته التحتية المتقدمة ونجاحه في جذب استثمارات أجنبية، خصوصًا في قطاعات الطاقات المتجددة والصناعة والزراعة. هذه العوامل تجعل من المغرب شريكًا جذابًا بالنسبة إلى «بنك التنمية الجديد»، الذي يسعى إلى توسيع نطاق عملياته خارج الدول الأعضاء في «البريكس» لتمويل مشاريع تنموية مستدامة.

في السياق نفسه، كانت الجزائر قد أعربت عن رغبتها في الانضمام إلى مجموعة «البريكس»، وقدّمت طلبًا رسميًا بهذا الخصوص، إلا أن هذا الطلب لم يُقبل في التوسعة الأخيرة، إذ شهد العام 2024 انضمام دول جديدة: السعودية، الإمارات، مصر، إيران، إثيوبيا. ورغم التأكيدات المتكررة حول «استعدادها الكامل للانضمام»، فقد أعلنت السلطات الجزائرية رسميًا العام الماضي، أنها لم تعد مهتمة بالانضمام إلى هذا التكتل، مبرّرة ذلك برغبتها في التركيز على الأولويات الاقتصادية الداخلية وتحسين تنافسية اقتصادها المحلي.

وتُثار خلفية سياسية حول هذا التكتل الاقتصادي، ففي قمة «البريكس» العام المنصرم في جوهانسبرغ في جنوب إفريقيا، لوحظ أن النزاع حول الصحراء الغربية لم يُدرج ضمن جدول الأعمال، ولم تُشر إليه أي من الدول الأعضاء في مداخلاتها، ما اعتُبر مؤشرًا على حرص التكتل على النأي بنفسه عن القضايا الخلافية بين الدول، حسبما أشارت إليه مجلة «أتالايار» الإسبانية. وأكد البيان الختامي احترامه للمسلسل الأممي في تسوية النزاعات، وهو ما يتقاطع مع الموقف المغربي الذي يدعو إلى حل سياسي دائم ونهائي تحت إشراف الأمم المتحدة، ويقترح حكمًا ذاتيًا للإقليم المتنازع عليه.

ورغم أن المغرب لم يقدّم طلبًا رسميًا للانضمام، فإن دعوته المحتملة مستقبلًا تندرج ضمن دينامية التوسع التي تعرفها المجموعة، ما يعكس التوجّه نحو تعزيز دور «البريكس» كقوة متعددة الأقطاب في النظام العالمي.

وفي ظل هذا التوسع، قد تجد المملكة المغربية نفسها أمام معطيات جديدة تدفعها إلى مراجعة موقفها، خصوصًا إذا استمر التكتل في تقديم نفسه كمنصة تعاونية مرنة ومنفتحة على مصالح الدول الصاعدة، دون أن تنحاز لأي صراع جيوسياسي أو تتورط في ملفات خِلافية.

وسبق لمحمد الغيث ماء العينين، عضو «المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات»، أن صرّح بأن «جنوب إفريقيا كانت قد أطلقت شائعات بشأن طلب انضمام المغرب إلى منظمة بريكس قبل أن يتم نفيها رسميًا من طرف السلطات المغربية، والآن يتم الحديث كذلك عن معارضة بريتوريا لانضمام الرباط إلى هذا التكتل الاقتصادي، وهي رغبة في اعتقادي غير موجودة لدى المغرب».

وأكد الخبير المغربي، في تصريحه لموقع «هسبريس»، أن «المغرب في الأصل لم يسعَ يومًا إلى عضوية البريكس، ولا توجد أي بوادر لذلك، لأن الرباط لديها تحالفات استراتيجية قوية مع الولايات المتحدة ومع دول أوروبية مؤثرة في صناعة القرار الدولي. ثم إن البريكس ليس هيئة موحدة. وبالتالي، فإن المملكة تفضل منطقة الشراكات الثنائية مع الدول الرئيسية في المنظمة مثل روسيا والصين والبرازيل والهند بدل الانضمام، خاصة وأن هناك من يحاول أن يعطي لهذا التكتل صبغة تحالف اقتصادي وسياسي وعسكري في مواجهة القوى الغربية، وهذا لا يتماشى أبدًا مع السياسة الخارجية للمغرب».

والجدير بالذكر أن مجموعة «البريكس» تأسست عام 2006 كتحالف اقتصادي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين، ثم انضمت جنوب إفريقيا في عام 2011. وارتفع عدد أعضائها عام 2024 بعد انضمام كل من السعودية، الإمارات، مصر، إيران، إثيوبيا.

ويمثل هذا التكتل اليوم أكثر من 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويستحوذ على حوالي 18 في المئة من التجارة العالمية. وتزايدت أهميته بعد تصاعد التوترات الدولية، لا سيما الحرب في أوكرانيا، حيث تحاول بعض الدول المؤسسة، مثل روسيا والصين، تعزيز نفوذ التكتل ليصبح بديلاً محتملاً للهيمنة الغربية في النظام العالمي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس