متابعات قضائية وتحقيقات تطال مسؤولين سياسيين بتهم الفساد… ومحللون لـ«القدس العربي»: مؤشر صحي ومحمود

10
متابعات قضائية وتحقيقات تطال مسؤولين سياسيين بتهم الفساد… ومحللون لـ«القدس العربي»: مؤشر صحي ومحمود
متابعات قضائية وتحقيقات تطال مسؤولين سياسيين بتهم الفساد… ومحللون لـ«القدس العربي»: مؤشر صحي ومحمود

أفريقيا برس – المغرب. في أكبر سلسلة من المتابعات القضائية في حق مُنتخبين وسياسيين في المغرب، جرت إحالة رؤساء بلديات على القضاء عقب تقارير سوداء تتعلق بالاشتباه في ارتكابهم خروقات واختلالات تتعلق بتبديد أموال عمومية، كان آخرهم العمدة السابق والوزير الأسبق محمد ساجد، الذي تولى رئاسة المجلس البلدي لمدينة الدار البيضاء بين سنوات 2003-2015.

وشهدت الشهور المنصرمة عزل عدد من رؤساء المجالس المنتخبة في أكثر من جماعة ترابية (بلدية)، بعد صدور أحكام قضائية تقضي بإسقاط قرارات انفرادية في التسيير مخالفة لمضامين “القانون التنظيمي للجماعات الترابية”، إلى جانب صدور تقارير أنجزتها لجان التفتيش المركزية التابعة لوزارة الداخلية.

وعملت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، على فتح بحث قضائي بخصوص “شبهة اختلالات قانونية وتدبيرية في بلدية الدار البيضاء على خلفية تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2013 واستمعت في هذا الإطار إلى محمد ساجد، الأمين العام لحزب “الاتحاد الدستوري”، الذي تولى مهام أخرى، إذ كان برلمانياً لأربع ولايات بين سنوات 1993 و2012. كما سبق له أن شغل منصب وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي بين سَنَتي 2017 و2019 كما تولى رئاسة عدة شركات صناعية وعقارية.

وكشف تقرير سابق عن وزارة الداخلية بأن عدد المتابعات القضائية في حق أعضاء مجالس جماعات ترابية (بلديات)، بلغ 137 منتخباً، ضمنهم رؤساء بلديات ونواب للرئيس ومستشارون محليون، بسبب ارتكابهم أفعالاً مخالفة للقانون.

وأوضح التقرير الذي أحاله وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت على لجنة الداخلية في مجلس النواب، أنه في إطار تتبع الوزارة للمتابعات القضائية في حق منتخبي مجالس الجماعات الترابية الرائجة أمام المحاكم المختصة، وترتيب الآثار القانونية للأحكام القضائية الصادرة بشأنها على وضعية المنتخبين المعنيين بمجالس الجماعات الترابية، لا سيما التشطيب عليهم من اللوائح الانتخابية، وبالتالي عدم أهليتهم لممارسة المهام الانتدابية، فقد بلغ عدد المتابعات القضائية في حق أعضاء مجالس الجماعات الترابية (البلديات) 137 حالة، تتعلق بـ 43 رئيس جماعة، و23 نائباً للرئيس، و49 مستشاراً جماعياً و22 رئيس جماعة سابقاً.

مكافحة الفساد

وعلَّق محمد الغلوسي رئيس “الجمعية المغربية لحماية المال العام”، على فتح أبحاث قضائية بخصوص شُبهات فساد ونهب المال العام بالتأكيد على كونه “أمراً محموداً بل ومطلوباً، سواء تعلَّق الأمر بمحمد ساجد أو غيره من المنتخبين والمسؤولين، إذ يُعدُّ هذا من بين المطالب الأساسية في الجمعية المغربية لحماية المال العام”، وتابع: “لأننا نؤمن بدور السلطة القضائية في مكافحة الفساد والرشوة وتفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة لتوفير الشروط الضرورية لتخليق الحياة العامة مع التشديد على كون محاربة الفساد تتطلب استراتيجية متكاملة ومتعددة الأبعاد بانخراط كافة الفاعلين والمؤسسات والقوى الحية في المجتمع”، وفق تعبيره.

وأبدى الغلوسي ملاحظات بخصوص البحث القضائي المفتوح ضد الرئيس السابق لبلدية الدار البيضاء، موضحاً أن محمد ساجد لم يعد رئيساً منذ سنة 2015 وتقرير المجلس الأعلى للحسابات موضوع البحث القضائي أُنجز سنة 2013، ما يعني أن البحث قد فُتح بعد مرور أكثر من عشر سنوات، ووقائعه تُطلُّ على التقادم الجنائي طبقاً للمادة 5 من قانون المسطرة الجنائية، وتساءل الناشط المدني والحقوقي المغرب: “لماذا لم تقم الجهات المعنية بإحالة التقرير على وزير العدل باعتباره رئيساً للنيابة العامة حينها طبقاً للمادة 111 من مدونة المحاكم المالية، أم أن التقرير أُحيل من طرفه على الوزير ولم يقُم هو بما يتوجب عليه قانوناً؟”.

ويرى الغلوسي أن مثل هذه المنهجية والمقاربة في التعاطي مع قضايا وملفات الفساد “غير مقبولة وتقوي الشعور بكون تحريك قضايا وملفات الفساد ونهب المال العام يخضع للمزاجية والانتقائية وحسابات غير حسابات القانون والعدالة، ويضُرُّ بقضية مكافحة الفساد والرشوة ويمس بمصداقية ونجاعة وحكامة العمل المؤسساتي” وفق تعبيره، داعياً إلى محاسبة ومساءلة من يتولى المسؤولية العمومية مثله مثل باقي المسؤولين على قدم المساواة أمام القانون دون إبطاء أو تأجيل مهما كانت الظروف”.

مؤشر صحي

ما تشهده الساحة السياسية بالمغرب اليوم من متابعات قضائية في حق منتخبين ورؤساء جماعات، بات يشكل حرجاً للأحزاب السياسية التي يجب عليها ترشيح مسؤولين نزهاء مع ضرورة لعبها أدواراً مهمة في تخليق الحيلة السياسية في البلاد، وهو ما جعل شريفة لموير، الباحثة في العلوم السياسية، تؤكد أن ما يقع من متابعات مؤشر صحي للمشهد السياسي في المغرب أخذاً بمبدأ المسؤولية المقرونة بالمحاسبة.

وأفادت المحللة السياسية متحدثة لـ “القدس العربي”، أن المسؤولية تقع كاملة على الأحزاب السياسية التي تبقى غايتها حصد أصوات الناخبين، بغض النظر عن مرشحيها ونزاهتهم، وأشارت إلى أن الأحزاب السياسية تخلَّت عن دورِها في تخليق المشهد السياسي والقَطع مع محترفي الانتخابات. واعتبرت أن النظرة البراغماتية لدى الأحزاب السياسية التي تتسابق للظفر بأكبر عدد من المقاعد وبالتالي اليوم نحن أمام واقع أن الأحزاب السياسية بالمغرب تتخذ من هؤلاء “استراتيجية” لأهداف انتخابية.

واعتبرت الموير أن إصلاح النظام الانتخابي أصبح ضرورة ملحة، خاصة أن المغرب مقبل على محطة انتخابية، عبر تحيين قانون الجماعات الترابية (البلديات) من خلال فرض شروط صارمة للترشح، وأيضاً من أجل زجر الأحزاب السياسية من التمادي في إغراق لوائح مرشحيها بمحترفي الانتخابات، وبالتالي من الصحي للمشهد السياسي اليوم في ظل ما تشهده الساحة من صحوة، إن صح القول، مباشرةُ إصلاح سياسي عبر تخليق الحياة الحزبية وتجاوز ما تعرفه الأحزاب السياسية من فساد في منح التزكيات.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس