أفريقيا برس – المغرب. ما زال قرار وزير التعليم المغربي شكيب بنموسى، القاضي بتحديد سن التوظيف في التعليم في 30 عاماً، يثير ردود فعل مختلفة. وفي هذا الإطار، أعلنت منظمة “الشبيبة الاشتراكية” أنها وضعت شكوى لدى المحكمة الإدارية في الدار البيضاء من أجل الطعن في القرار. ويخلف القرار الوزاري تظاهرات في مختلف الجامعات المغربية وفي الشارع.
يونس سيراج، أمين عام المنظمة التابعة لحزب “التقدم والاشتراكية” المعارضة، عزا سبب اللجوء للقضاء للطعن في قرار الوزير شكيب بنموسى، إلى المخالفة الصريحة لدستور المغرب ولقانون الوظيفة العمومية الذي ينص على أن سن التقدم للمباريات أقصاه 45 سنة، والشيء نفسه بالنسبة للنظام الأساسي لكوادر أكاديميات التعليم الذي يتضمن إشارة إلى نفس السن.
ونقلت صحيفة “بيان اليوم” عن المسؤول الشبابي المذكور قوله: “لقد اعتبرنا هذه القرارات لا قانونية، ولا دستورية، تستوجب منا النضال لدفع الوزارة إلى التراجع على هذا القرار”.
إلى جانب لجوئها إلى القضاء، قررت “الشبيبة الاشتراكية” خوض أشكال نضالية متعددة ومتنوعة للاحتجاج ضد هذا القرار الذي وصفه سراج بـ”الإقصائي”، مشيراً إلى أن سلك المسطرة القضائية نابع من قناعة الشبيبة الاشتراكية بعدالة هذا الملف، وأيضاً إيماناً منها باستقلالية القضاء على السلطة التنفيذية، مؤكداً أن هذا الإجراء يعد إقصاء وحيفاً في حق فئة واسعة من العاطلين والعاطلات عن العمل من حاملي الشهادات العليا، خاصة أمام انحسار المناصب المالية ومحدوديتها.
وحسب القيادي المذكور، فإن شباب حزب “التقدم والاشتراكية” كان يحذوه الأمل في أن تأتي هذه الحكومة بقرارات تخدم فئة عريضة من الشباب، وأن تفي بوعودها التي روجت لها أحزاب الأغلبية الحكومية خلال حملتها الانتخابية، لكن مع الأسف، يضيف يونس سيراج، أن هذه الحكومة منذ بدايتها كسرت أفق انتظار الشباب الذي صوت لها، وشرعت في إصدار قرارات لا تخدم بتاتاً الشباب المغربي، في ظل أزمة يعيشها المغرب بارتفاع نسبة البطالة، وفي ظل مغادرة الشباب لمناصبهم، بسبب تداعيات جائحة كورونا، في الوقت الذي يتعين، في نظره، إيجاد حلول لهذه الأزمات، والعمل على إدماج الشباب في سوق الشغل.
وانتقد أمين عام “الشبيبة الاشتراكية” حكومة عزيز أخنوش، قائلاً إنها “اختارت حل مشكل التقاعد على حساب فئات عريضة من الشباب المغربي الذين لا ذنب لهم سوى أن الحكومات تجرب فيهم سياسات عمومية لم تخدمهم في شيء، ولم تقدم حلولاً لإدماجهم”.
وحاول شكيب بنموسى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، تبرير قرار تسقيف سن الترشح لمباراة التوظيف في أطر الأكاديميات في 30 سنة، خلال مروره في برنامج ضيف خاص على القناة الثانية، بالقول إن هذا الإجراء يروم تأهيل قدرات الأساتذة والمعلمين وتمكينهم من تطوير مؤهلاتهم عبر التكوين الأولي والتكوين المستمر، وهو ما يتطلب في نظره صغر سن الأستاذ، وكأن الأساتذة الذين تفوق أعمارهم الثلاثين سنة غير معنيين بتطوير مؤهلاتهم وقدراتهم.
إن تلك المبررات التي أوردها الوزير بنموسى، لم ترق إلى مستوى ما ينتظره الرأي العام، الذي كان يمني النفس في أن يتحلى الوزير بالجرأة والشجاعة، واستغلال مناسبة مروره في هذا البرنامج ليعلن عن سحبه لقرار شرط “30” سنة لاجتياز مباريات التوظيف في التعليم وإعادة النظر في باقي معايير الانتقاء القبلي لقبول ملفات الترشيح، تقول الصحيفة المذكورة.
وأضافت: “الوزير بنموسى لم يكن مقنعاً، بل لم يبذل أدنى مجهود للإقناع، وظل يردد كلاماً يبدو في ظاهره كلاماً جميلاً من قبيل أن هذه الإجراءات تدخل في إطار تنفيذ الإصلاح الشامل للتعليم، كما حاول أن ينفي علاقة هذا القرار بإصلاح أنظمة التقاعد، مشيراً إلى أن عدد الذين سيتم توظيفهم في القطاع لن يغير من توازن هذه الصناديق.
ولاحظت الصحيفة الصادرة عن حزب “التقدم والاشتراكية” أن مثل هذه القرارات التي اتخذت على عجل وبشكل انفرادي، لم ترتكز على مقاربة تشاركية مع جميع المتدخلين، وفي مقدمتهم المركزيات النقابية والمنظمات الشبابية، كما أنها تثير الكثير من الأسئلة، كما تثير الكثير من القلق والمخاوف خاصة أمام موجة الغضب الذي أثاره هذا القرار الذي دفع مختلف فئات الشعب المغربي للاحتجاج والتعبير عن رفضهم لإقصاء شرائح واسعة من حقهم الدستوري في الولوج إلى الوظيفة العمومية.
كما كانت شبيبة حزب العدالة والتنمية الذي كان يشكل الحكومة السابقة أن قرار الوزير يعدّ مقلقاً. وأكدت في بيان لها سابق، رفضها هذا الإجراء التمييزي ضد آلاف الشباب المغاربة من حملة الإجازة، الذي يضرب مبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه في دستور البلاد”. ودعت الشبيبة “الوزير المعني إلى التراجع الفوري عن هذا الإجراء التعسفي في حق فئات عريضة من الشباب المغربي الحاصل على الإجازة وباقي المقتضيات التمييزية التي تضمنها منشوره المذكور، من حرمان الشباب ممن سبق لهم الاشتغال من اجتياز المباراة”.
كما دعا البلاغ “الوزارة المعنية إلى الانكباب على قضايا ذات أولوية وذات صلة حقيقة بجودة التعليم كمشاكل الاكتظاظ والتكوين وتحسين الأوضاع المادية والمعنوية للموارد البشرية للوزارة”.
وخلصت الشبيبة إلى التأكيد “أن تنظيم مباريات تتوفر فيها كل شروط الشفافية والنزاهة والمصداقية، هو ما سيسمح حقيقة باستقطاب وجذب أحسن وأكفأ العناصر خدمة للمدرسة والتلميذ المغربي”.
ويشكل قرار الوزير تحديد سجن اجتياز مباريات التعليم في 30 سنة ثم الأولوية لأصحاب الميزة في الدراسات، الحدث البارز في المغرب خلال الأسبوعين الأخيرين، سواء في تعاليق شبكات التواصل الاجتماعي أو من خلال التظاهرات التي تشهدها المدن المغربية وخاصة الجامعية منها. وتساءل الكثير من المغاربة عن السر في نهج المغرب هذا الإجراء في حين أن الكثير من المهن ومنها التدريس في دول أوروبا المتقدمة، لا تفرض أي سن تقريباً. وكمثال، تسمح إسبانيا لمواطنيها بالعمل في مهن التدريس إذا لم يتجاوزوا سن التقاعد. وينبه المراقبون من جراء الانعكاسات السلبية على الاستقرار الاجتماعي لاسيما في ظل استمرار التظاهرات الرافضة للقرار.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس