احتجاجات طلابية تعرقل محاضرة رئيس الحكومة السابق

2
احتجاجات طلابية تعرقل محاضرة رئيس الحكومة السابق
احتجاجات طلابية تعرقل محاضرة رئيس الحكومة السابق

أفريقيا برس – المغرب. شهدت كلية الآداب والعلوم الإنسانية في مدينة تطوان، شمال المغرب، الأربعاء، حالة من التوتر نتيجة احتجاجات طلابية رافقت تنظيم محاضرة ألقاها رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني، ما دفع إدارة الكلية إلى نقل النشاط إلى قاعة مغلقة، عوض قاعة الندوات التي كان من المقرر احتضانه بها.

ويأتي هذا القرار عقب محاولة مجموعة من الطلبة المناصرين للقضية الفلسطينية والرافضين للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، تعطيل المحاضرة ومنع انعقادها من خلال ترديد شعارات مناهضة لمشاركة العثماني، ورفع لافتات داعمة لغزة. وحمّل الطلبة رئيس الحكومة السابق مسؤولية توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل.

وأظهرت مقاطع فيديو طلبة اعترضوا سبيل سعد الدين العثماني وسيارته، واحتجوا أمامه ورفعوا شعارات مناهضة للتطبيع، كما اتهموه بدعم الكيان الصهيوني.

المحاضرة التي خُصصت لموضوع “الصحة النفسية”، جرت في أجواء من الحذر والترقب، وسط تعزيزات تنظيمية داخلية، حيث تمكن العثماني من إلقاء مداخلته التي تطرّق فيها إلى الجوانب النفسية لاضطرابات الاكتئاب، مستعرضًا تجربته المهنية كطبيب نفسي، إلى جانب مساره السياسي.

وأثار الحادث ردود فعل متباينة في المغرب، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي، واعتبر العديد من النشطاء والإعلاميين والسياسيين أن منع المحاضرة يشكل تعديًا على حرية الفكر والتعبير داخل الجامعات. فيما سار آخرون إلى التأكيد على أن الطلبة لم يقوموا بتعنيف العثماني، بل مارسوا حقهم في إبداء آرائهم والدفاع عنها.

وخرج نزار خيرون، المستشار السابق لرئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني، للتأكيد على أن العثماني التحق منذ البداية بالقاعة التي تقرر أن تحتضن النشاط، ولم تتم عرقلته ولم يتم طرده كما يدعى البعض، وكان في القاعة العميد ونائبه وعدد من كوادر الكلية وعدد من الطلبة حتى بقي البعضُ واقفاً لم يجد مكاناً للجلوس. “وتمت المحاضرة في أجواء جيدة، بعدها عرض الدكتور سعد الدين العثماني، ولقيت المحاضرة تفاعلاً جيداً، وتم تكريم الدكتور في النهاية”.

وتابع خيرون ضمن تدوينة على صفحته الرسمية: “في طريقه للخروج، ولأن هؤلاء “الطلبة” كانوا يبحثون عن أي صورة يجسدون فيها “فتوحاتهم”، اعترضوا السيارة التي كانت ستقل الدكتور ومن معه إلى خارج الكلية، فاعترضوا سبيلها وتمدد بعضهم في الأرض أمامها (لهذا روجوا محاولة دهس) ومنعوها من الخروج، فنزل الدكتور وخرج على قدميه إلى خارج الكلية وهم يحاولون الاعتداء عليه وعلى من معه من حراس الكلية”، وفق وصفه.

وأكد الصحافي محمد واموسي، أن رئيس الحكومة المغربية السابق، “لم يُطرد من كلية تطوان، بل دخل من بابها مرفوع الرأس، وألقى محاضرة علمية حول الصحة النفسية، حضرها أساتذة وطلبة وإداريون، وتفاعلوا معها باحترام وتقدير”، واعتبر أن “ما جرى قبلها خارج القاعة لا علاقة له بالمحاضرة ولا بالجامعة كفضاء للعلم، بل هو فوضى مدبّرة من فصائل متطرفة، اعتادت الاتجار بالشعارات والتشويش على رموز وطنية كلما تعلق الأمر بحوار أو فكر أو علم”.

وتابع: “هؤلاء لا يمثلون الجامعة ولا طلابها، بل يمثلون ثقافة التخريب والضجيج و”العربدة” الثورية، تظاهروا بالسقوط أمام سيارة الضيف، وافتعلوا صراخًا لتصوير مشهدٍ كاذب، ثم تداولوه عبر صفحاتهم بغرض التشويه، لكن الحقيقة أن العثماني دخل وألقى محاضرته وغادر بهدوء تحت حماية إدارة الكلية التي أدركت هدف هؤلاء جيدًا”.

بدوره، قال حميد جماهري مدير نشر جريدة “الاتحاد الاشتراكي”، ضمن تدوينة على صفحته بـ “فيسبوك”: “كان على هؤلاء الطلبة أن ينظروا إلى ما في حضوره من شهامة وعلو نفس، وينظروا إلى سيرته كرئيس حكومة لم يمل إلى السهل من الامتيازات وينقطع للانتظار، بل فضل العودة إلى عمله، وهو تقدير كبير للعمل المنتج، وكان الأولى أن يستمعوا لرجل يحق للمغاربة السياسيين أن يروا في ممارسته لمهنته بعد أداء العمل الحكومي فرصة لإعادة الاعتبار للسياسة والفعل السياسي النبيل من هذا المنظور.. وإني من الناس الذين يعتقدون أن ما يرفع السياسة إلى مرتبة نبلها هو أن يغادر كبار المسؤولين مناصبهم كما دخلوها، وهذا ما يعيد الثقة للأسف. الحمقى يفضلون قتل أشياء نادرة صامتة ومتكتمة وعفيفة”.

وأعربت حنان رحاب، رئيسة منظمة “النساء الاتحاديات” ونائبة رئيس “النقابة الوطنية للصحافة المغربية”، عن تضامنها مع العثماني، وقالت إن ما وقع داخل جامعة تطوان من اعتداء هو “سلوك مشين لا يمكن السكوت عنه أو تبريره”.

وأفادت أن “الاختلاف في الرأي أو التوجه السياسي لا يبرر بأي حال من الأحوال اللجوء إلى العنف أو الفوضى، ولا يمكن أن تتخذ قضايا مثل القضية الفلسطينية ذريعة لارتكاب مثل هذه الأفعال الخارجة عن إطار الحوار وتدبير الاختلاف”، وأوضحت أن “هذا التصرف لا يُعبر عن قيم الجامعة ولا عن وعي الطلاب ولا عن نضال حقيقي، بل يظهر حالة من التراجع الخطير في أساليب النقاش، ويعكس عقلية إقصائية ترفض الآخر وتستبدل حرية التعبير بالعنف”.

كما أكدت الصحافية خولة اجعيفري، أن ما تعرّض له رئيس الحكومة السابق الدكتور سعد الدين العثماني، “سلوك مرفوض ومدان بكل المقاييس، فمن غير المقبول بالمطلق أن يُواجَه الاختلاف الفكري أو السياسي بالهمجية أو العنف اللفظي والجسدي، تحت أي ذريعة، وأي ذريعة اختاروا؟ التطبيع والقضية الفلسطينية”.

واعتبرت الصحافية المغربية أن ما وقع “لا يُعبّر عن روح الجامعة ولا عن أخلاقيات الطلبة ولا عن تضامن ولا هو انتصار للقضية ولا تسجيل موقف، بل يُجسّد انحداراً خطيراً في مستوى النقاش، وامتداداً لثقافة الإقصاء و”شرع اليد” التي تعيد إنتاج نفسها في بعض الزوايا المتكلسة داخل الحرم الجامعي”، وتابعت: “الجامعة كانت دائماً فضاء للحوار والتفكير الحر، لا حلبة لتصفية الحسابات أو استعراض العضلات. وما حدث يؤكد أن بعض التيارات لا تزال سجينة قرون مضت، في أخلاقها وأسلوبها وتربيتها.. كل الإدانة لهذا التصرف المشين، وبات لا بد من حماية حرم الجامعة من البلطجة والوصاية الفكرية، وصونها كمجال للعلم والمعرفة والاحترام المتبادل”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس