«الاستقلال» المغربي يخرج من عنق الزجاجة ويجدد الثقة في نزار بركة أميناً عاماً للحزب وأولى الوعود تتصدر المشهد السياسي

422
«الاستقلال» المغربي يخرج من عنق الزجاجة ويجدد الثقة في نزار بركة أميناً عاماً للحزب وأولى الوعود تتصدر المشهد السياسي
«الاستقلال» المغربي يخرج من عنق الزجاجة ويجدد الثقة في نزار بركة أميناً عاماً للحزب وأولى الوعود تتصدر المشهد السياسي

أفريقيا برس – المغرب. جدد المشاركون في المؤتمر 18 لحزب “الاستقلال” في الساعات الأولى من صباح أمس الأحد، الثقة في نزار بركة أميناً عاماً، لينتهي بذلك مخاض شهور طويلة من الشد والجذب بين هذا التيار وذاك، وما رافقه من حوادث كانت حديث الرأي العام الذي تابع أشغال هذا الحدث السياسي بكثير من الاهتمام، بالنظر إلى مكانة الحزب صاحب شعار “الميزان” في المشهد السياسي المغربي.

نزار بركة لم يخلف الموعد مباشرة بعد إعادة انتخابه، وكان أول وعد أطلقه هو “تقوية مكانة الحزب في الأغلبية الحكومية”، وأيضاً “الاستعداد للاستحقاقات المقبلة ونضع صدارة المشهد السياسي كهدف في المستقبل”.

المتتبعون للشأن السياسي أكدوا أن المؤتمر الذي وصفه نزار بركة بـ”المحطة التاريخية” خرج من عنق الزجاجة إلى رحابة العمل من أجل تصدر المشهد السياسي وإعادة الثقة في العمل الحزبي وفي المنتخب، وفق كلمة زعيم “الاستقلاليين” بعد تجديد الثقة فيه.

وذلك كان وعد الأمين العام الجديد القديم الذي ألهب حماس المناضلين وهو يؤكد أن هدف تصدر المشهد السياسي ليس بالبعيد، بل هو “قريب” شرط “إذا تسلحنا بالقوة والتماسك والوحدة”، وكلها مواصفات غابت في المرحلة الأخيرة من عمر “الاستقلال” الذي يمكن القول إنه عاش أياماً صعبة قبيل مؤتمره 18 الذي احتضنته مدينة بوزنيقة القريبة من الدار البيضاء.

المنافسة على كرسي الأمانة العامة توزع بين نزار بركة ورشيد أفيلال، هذا الأخير سحب ترشيحه ليفسح المجال أمام الأمين الحالي لتكرار تجربته على رأس حزب “الميزان”، ووضع نقطة النهاية لحكاية المؤتمر 18 الذي كادت أن تعصف به رياح التضارب، والتي تحولت في بعض الوقائع إلى ضرب حقيقي مثل حادثة الصفع الشهيرة التي تعرض لها نائب برلماني على يد عضو اللجنة التنفيذية للحزب والذي يشغل في الوقت نفسه منصب مستشار بديوان رئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي)، وذلك في اجتماع للمجلس الوطني لـ “الاستقلال” من أجل البت في تفاصيل انعقاد المؤتمر الوطني.

قبل انعقاد المؤتمر وأثناء أعماله، اشتغلت آلة التسريبات من داخل المؤتمر، وتمادت في وصف حالة الاحتقان التي كان عليها المؤتمرون، والحديث عن “إنزال” هذا التيار ضد التيار الآخر، لكن النتيجة في الأخير كانت لصالح الديمقراطية الداخلية والتصويت في أول دورة للمجلس الوطني المنبثق عن المؤتمر، على ولاية جديدة لنزار بركة الذي قاد الحزب في الولاية الأخيرة إلى تحقيق ترتيب مهم في قائمة الانتخابات، وتحقيق التحالف الثلاثي مع الأغلبية الحكومية، التي قال إنه سيعمل على تقويتها.

بوزنيقة، هذه المدينة الصغيرة والهادئة التي تعتبر ممراً أساسياً بين الرباط والدار البيضاء، تتحول في كل مرة إلى عاصمة الأحداث السياسية بحكم احتضانها لمؤتمرات حزبية كبرى، كما لا ننسى رصيدها من الكوادر السياسية والنخب الأخرى التي خرجت من رحمها، ونشير هنا إلى أبرزهم الراحل الزايدي، بصمت خلال نهاية الأسبوع الذي نودعه، على لحظة اعتبرها كوادر حزب الاستقلال وعموم المشاركين في المؤتمر “تاريخية” بما حملته من رياح وعواصف أسكنتها في لغة الحوار، وأعادت المياه إلى مجاريها، أو هذا ما يبدو في الواجهة، حسب بعض المنتقدين.

وكان شعار المؤتمر 18 لحزب الاستقلال له من الدلالات الحزبية والوطنية الشيء الكثير، وذلك عبر الحث على “تجديد العهد من أجل الوطن والمواطن”، وبالتالي تجديد الثقة في “المشروع الجماعي” كما وصفه بركة، الذي أكد العزم على مواصلة تنفيذه في المرحلة المقبلة بهدف استعادة حزبه لموقعه في الصدارة، والعمل على تحقيق إشعاع أكثر مع تطوير فاعليته في خدمة الوطن والمواطنين.

اللافت في كلمة بركة بعد تجديد الثقة فيه أميناً عاماً، تأكيده على أن المشهد الحزبي والسياسي الوطني يعيش اليوم لحظة مراجعة وإعادة هيكلة وبناء، من خلال “إشكالية الثقة في العمل السياسي، وإشكالية الثقة في المنتخب”.

واستند لأجل تحقيق هدف تصدر المشهد السياسي واستعادة الثقة في العمل الحزبي، إلى تاريخ “الاستقلال” هذا الحزب الوطني الذي بلغ عقده الثامن (80 عاماً)، “وعلينا أن نبين أسلوب عملنا ونأخذ في عين الاعتبار هذا التاريخ”، يقول نزار بركة، مع “تحصين وتثمين وإغناء المرجعية التعادلية بما يجعلها في صدارة المرجعيات الفكرية والسياسية التي تقدم الحلول المبتكرة والملائمة لحاجيات المواطن وتطلعات البلاد في التنمية والتضامن والتقدم”.

الصورة الوردية التي رسمتها خاتمة المؤتمر 18 لحزب الاستقلال، وللإشارة فإن اللون نفسه هو الذي اختارته الهيئة السياسية حين اعتماد الألوان في استحقاقات سابقة بدل الرموز، سبقتها حالة غليان عند افتتاح الأعمال، سرعان ما انتهت بعد ليلة جمعة وصفت بـ “الصاخبة”، واستأنف المؤتمرون أشغالهم بهدوء صبيحة السبت، بعد مصادقة أعضاء المؤتمر على الأوراق التي عرضتها اللجان، بما فيها النقطة المتعلقة بتقديم الأمين العام للحزب لائحة تضم 30 عضواً للجنة التنفيذية من أجل التصويت عليها من طرف أعضاء المجلس الوطني للحزب.

عقبة أخرى أمام نزار بركة تمثلت في انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية، التي تعتبر القيادة الأساسية للحزب، والتي تتخذ القرار في مختلف القضايا، وحسب الوارد من بوزنيقة، فإن المفاوضات عسيرة، ولا زالت لحدود كتابة هذا التقرير لم تنكشف بعد الأسماء التي رست عليها عضوية اللجنة.

أما الترشيحات فحدث ولا حرج، أسماء كبيرة تحاول العودة إلى الواجهة، مثل الناطق الرسمي باسم الحزب في عهد الأمين العام السابق حميد شباط، على مستوى النساء نجد رفيعة المنصوري صاحبة الشكاية الشهيرة ضد القيادي نور الدين مضيان، ووزيرة سابقة هي ياسمينة بادو.

الفصل في هذه الترشيحات التي أفادت مصادر من داخل المؤتمر، بأنها بلغت أكثر من 110 ترشيحات لشغل عضوية اللجنة التنفيذية، سيتم التوافق حول 30 عضواً فقط وهو الرقم الذي اقترحه نزار بركة وتمت المصادقة عليه من طرف المؤتمر.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس