القضاء المغربي يرفض تسلم شكايات جمعية لحماية المال العام في حق مسؤولين ومنتخبين

2
القضاء المغربي يرفض تسلم شكايات جمعية لحماية المال العام في حق مسؤولين ومنتخبين
القضاء المغربي يرفض تسلم شكايات جمعية لحماية المال العام في حق مسؤولين ومنتخبين

أفريقيا برس – المغرب. قررت السلطات القضائية المغربية التوقف عن تسلم الشكايات التي كانت تتلقاها من «الجمعية المغربية لحماية المال العام»، وفق ما أكده رئيسها المحامي محمد الغلوسي.

وتلقى الفرع الجهوي لمراكش الجنوب لهذه الجمعية إشعاراً من الوكيل العام للملك (المدعي العام) لدى محكمة الاستئناف في مراكش، يخبره فيه «بحفظ شكاية سبق أن تقدم بها، لها صلة بشبهات فساد، بسبب عدم إدلاء الفرع بوصل الإيداع النهائي للجمعية، والذي ترفض وزارة الداخلية حتى الآن تسليمه للجمعية».

وقال الغلوسي متحدثاً لـ «القدس العربي»، إن كل الوكلاء العامين للملك السابقين في مدينة مراكش وفي مختلف المحاكم كانوا يتسلمون شكايات «الجمعية المغربية لحماية المال العام» بناء على الوصل المؤقت ولائحة أعضاء المكتب ومحضر الجمع العام، ويصدرون تعليماتهم إلى الشرطة القضائية قصد الاستماع لممثل الجمعية كخطوة أولى في مسار البحث القضائي.

ويرى الغلوسي أن قرار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف في مراكش، القاضي بحفظ الشكاية الجديدة لعدم إدلائنا بوصل الإيداع النهائي، هو «قرار يترجم عملياً ما سبق لوزير العدل أن أدلى به في حق جمعيات حماية المال العام، معتبراً أنه لا يحق لها أن تتقدم بشكايات ضد المنتخبين والمسؤولين».

ومن وجهة نظر الناشط الحقوقي المغربي، فإن الحفظ الذي اتخذه الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف للعلة المذكورة «قرار مخالف للقانون، ذلك أن الجمعية المغربية لحماية المال العام ليست جهة مشتكية بل هي جهة مبلِّغة بالفساد، ولم يلحقها أي ضرر خاص، ذلك أن الأمر يتعلق بضرر عام لحق بالمجتمع من خلال أفعال تمس بالثقة العامة والمال العمومي».

وتابع: «عندما نتقدم بطلبات بفتح بحث قضائي بخصوص أفعال يمكن أن تُكيَّف قانونياً كجرائم فساد ورشوة واختلاس وتبديد المال العام، إنما نقوم بذلك انطلاقاً من دورنا كمجتمع مدني مخول له دستورياً وقانونياً وبمقتضى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المساهمة في مكافحة كل أشكال الفساد والرشوة ونهب المال العام».

والغريب في قرار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف في مدينة مراكش بحفظ شكاية الجمعية، لعدم الإدلاء بوصل الإيداع النهائي، وفق الغلوسي، هو أنه «يتغاضى عن البحث في وقائع خطيرة وصلت إلى علمه يمكن أن تشكل جرائم معاقب عليها بمقتضى القانون الجنائي، هو قرار يُحصِّن جُناة مفترضين من العقاب ويجعل الوكيل العام للملك محل مساءلة قانونية، لأنه يرفض البحث في وقائع لم يكلف نفسه عناء تقييمها تقييماً قانونياً عن طريق نتائج الأبحاث القضائية، وهو ما يمكن أن يشكل إنكاراً للعدالة»، يؤكد المتحدث.

وأفاد رئيس «الجمعية المغربية لحماية المال العام» أن الوكيل العام للملك ملزم قانوناً في البحث في الوقائع التي تصل إلى علمه ولو كانت عن طريق وشاية مجهولة أو مجرد قصاصة إخبارية منشورة على دعامة ورقية أو إلكترونية.

وتساءل المتحدث عما إذا كان قرار الحفظ الذي اتخذه الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف في مراكش بعلة عدم إدلاء الجمعية بوصل الإيداع النهائي وتأكيده المتكرر على ضرورة إدلائنا به في جميع شكاياتنا، يعد «قراراً محلياً واجتهاده الخاص أم أن ذلك يندرج في إطار توجه جديد وطنياً يؤسس لتعامل جديد مع الجمعية المغربية لحماية المال العام؟».

وأعرب رئيس الجمعية عن حيرته، رفقة باقي الأعضاء، تجاه مثل هذا التعامل مع منظمات مدنية حقوقية تشتغل في إطار واضح وبأهداف واضحة ومحددة وبكل موضوعية واستقلالية. لافتاً إلى أن هناك من يدفع نحو تعزيز الفراغ في المجتمع وتعميق الفساد والريع في الحياة العامة»، وفق تعبير الغلوسي.

وسبق لرئيس «الجمعية المغربية لحماية المال العام» أن وجه رسالة مفتوحة لوزير الداخلية حول «مواصلة حرمان الجمعية من وصل الإيداع القانوني» منذ تأسيسها قبل 10 سنوات. وناشده من أجل التدخل لإنهاء هذه «الحالة الشاذة التي تتعارض مع الدستور والقانون، وتمكيننا من حقنا في وصل الإيداع النهائي للجمعية».

وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها «القدس العربي»، أنه ومنذ «وضع الملف القانوني للجمعية في نيسان/أبريل 2014 لدى سلطات مدينة سلا والحصول على الوصل المؤقت، ونحن نراسل كل الجهات المعنية، بدءاً من رئيس الحكومة السابق، ووزير العدل السابق والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. كما طُرح سؤال كتابي على وزير الداخلية دون جواب، من غير أن نتمكن من معرفة الأسباب الحقيقية التي تجعل السلطة ترفض تسليمنا وصل الإيداع النهائي».

وتابعات الرسالة: « إن تزامن هجوم عبد اللطيف وهبي كوزير للعدل على الجمعية وإصرار وزارة الداخلية على حرماننا من وصل الإيداع النهائي، ربما يندرج في إطار توجه يسعى إلى تقييد حقنا الدستوري في ممارسة نشاطنا الحقوقي، وأن ذلك يشكل مؤشراً على انزعاج بعض مواقع ومراكز الريع والفساد من الدور الوطني الذي نقوم به في الجمعية في فضح ومناهضة كافة مظاهر الفساد والرشوة ونهب المال العام، مساهمة منا في الجهود الرامية إلى تخليق الحياة العامة».

ولفتت الرسالة إلى أن «استمرار السلطة في حرماننا من حقنا الدستوري والقانوني في الحصول على وصل الإيداع النهائي يجعل نشاط الجمعية مقيداً دون وجه حق، وينعكس ذلك في حقنا في الاستفادة من القاعات العمومية لتنظيم أنشطتنا بكل حرية ووفقاً للقانون، كما أن ذلك يشكل معيقاً أمام هيكلة فروعنا تنظيمياً وقانونياً وعقد مؤتمرنا الوطني لتجديد أجهزة الجمعية، فضلاً عن كل التداعيات السلبية الأخرى الناتجة عن ذلك، وفي مقدمتها حقنا القانوني في الاستفادة من حق المنفعة العامة».

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس