
أفريقيا برس – المغرب. الرباط ـ «القدس العربي»: لم يحضر حزب «العدالة والتنمية» الاجتماع الذي كان مبرمجاً مع رئيس الحكومة المكلف، أول الأربعاء، متأثراً بهزيمته المدوية في الانتخابات التشريعية ليوم 8 أيلول/ سبتمبر، حيث لم يحصل سوى على 13 مقعداً، بينما كان فائزاً بـ125 مقعداً خلال انتخابات 2016، ما أهله وقتها للاستمرار في قيادة الحكومة خمس سنوات أخرى.
وبعدما قدّم أعضاء الأمانة العامة للحزب صاحب شعار «المصباح» يتقدمهم سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المنتهية ولايته، استقالتهم الجماعية من القيادة، لم يعد لديهم أي مسوّغ للقاء بعزيز أخنوش، بل كان الأمر سيكون أكثر إحراجاً لهم، وهم الذين سيتوجهون مكرهين إلى المعارضة، في حين كانوا يحلمون بولاية ثالثة، مثلما سجل نائب الأمين العام، سليمان العمراني، في حديث أجرته معه «القدس العربي» عشية الانتخابات الأخيرة.
واللافت للانتباه أيضاً أن غيابهم عن ذلك اللقاء «الشكلي» أو «البروتوكولي» تزامن أيضاً مع غياب نبيلة منيب، الأمينة العامة «للحزب الاشتراكي الموحد» نبيلة منيب، التي اختارت الاصطفاف في المعارض، وهي أيضاً تلقت هزيمة في الانتخابات البرلمانية في الدار البيضاء، أمام منافستها الممثلة فاطمة خير التي ضمنت مقعداً في مجلس النواب بمجرد التحاقها بحزب «تجمع الأحرار».
انتهت، إذن، الجولة الأولى من مشاورات تشكيل الحكومة الأربعاء، وبدا عزيز أخنوش منتشياً وهو يصفها بأنها كانت «مهمة ومثمرة» معلناً أنها ستتواصل بصفة منتظمة، وأن ملامح الأغلبية الحكومية ستتضح خلال الأسبوع المقبل. وقال في تصريح للصحافة إنه خلال مشاورات تشكيل الحكومة «أجرينا لقاءات مع مجموعة من قادة الأحزاب السياسية، حيث قدم كل حزب منها تصوره وتقديره بالنسبة لهذه المرحلة».
وحسب تقرير لوكالة الأنباء المغربية، فقد كشفت الجولة الأولى من المشاورات السياسية عن تباين في توجهات ومواقف الأحزاب بخصوص المشاركة في الأغلبية الحكومية من عدمها.
وهكذا، عبرت بعض الأحزاب عن استعدادها للمشاركة في الحكومة كالاتحاد الدستوري، الذي أكد أمينه العام محمد ساجد على أن حزبه مستعد للمساهمة في هذه المرحلة الفاصلة، فيما قال الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة إنه تلقى إشارات إيجابية جداً من رئيس الحكومة المعين.
في المقابل، اختارت أحزاب أخرى التريث إلى حين الرجوع إلى هيئاتها التقريرية، خاصة حزب «الاستقلال» الذي صرح أمينه العام عقب لقائه مع عزيز أخنوش، أنه ستتم مناقشة العرض الذي تقدم به هذا الأخير، في إطار الهيئات التقريرية للحزب، وأساساً في مجلسه الوطني.
الأمر نفسه ينطبق على حزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» الذي قرر عقد اجتماع لمجلسه الوطني لمناقشة التطورات المرتبطة باستحقاقات 8 أيلول/ سبتمبر ونتائجها على مختلف المستويات، ومن ضمنها موقع الحزب في الخريطة السياسية المقبلة، على الرغم من أن الكاتب الأول للحزب صاحب شعار «الوردة» صرح عقب مشاوراته مع عزيز أخنوش بأن حزبه ما يزال مستعداً للبذل والعطاء من أجل إنجاح المشروع التنموي الجديد.
mلم يبد حزب الحركة الشعبية موقفاً واضحاً بشأن المشاركة من عدمه بعد أن صرح أمينه العام، أمحند لعنصر أن لقاءه بعزيز أخنوش «كان فرصة للاستماع إلى رئيس الحكومة المعين حول الطريقة التي يريد أن يشتغل بها لتشكيل الحكومة وعرض وجهة نظرنا أيضاً بهذا الخصوص» وأن «هذه المشاورات ستتواصل، وما سيكون صالحاً للمغرب هو الأهم والأساسي».
أما أمين عام حزب «التقدم والاشتراكية» محمد نبيل بنعبد الله، فقد كتب تدوينة عقب لقائه مع رئيس الحكومة المعين قال فيها إن مسألة مشاركة الحزب في الحكومة لم تشكل احتمالاً مطروحاً للنقاش من الطرفين.
في المقابل، حسم حزب «العدالة والتنمية» موقفه بعدم المشاركة بعدما قررت الأمانة العامة للحزب، حسب بلاغ لها، التموقع في المعارضة، وذلك بناء على مخرجات العملية الانتخابية، التي جرت في الثامن من أيلول/ سبتمبر الجاري.
وإذا كانت الجولة الأولى قد تمحورت حول مواقف مبدئية للأحزاب مرتبطة برغبتها في المشاركة في الحكومة من عدمها، فمن المنتظر أن تكون الجولة المقبلة حاسمة حيث قد تعطي صورة، ربما أولية، عن التحالف الذي سيشكل الحكومة المقبلة.
وكان رئيس الحكومة المعين، عزيز أخنوش، قد صرح مباشرة بعد تعيينه من قبل الملك المغربي محمد السادس، بأنه سيفتح باب المشاورات مع «الأحزاب التي يمكن أن نتوافق معها في المستقبل، لتشكيل أغلبية منسجمة ومتماسكة لها برامج متقاربة».
كما حدد الحزب معايير المشاركة في الحكومة بناء على البرنامج الحكومي، وهو ما عبر عنه أيضاً عضو المكتب السياسي للحزب، رشيد الطالبي العلمي، حين أكد على أن أرضية المفاوضات مع الأحزاب تتمثل في البرنامج الحكومي الذي سيكون مستمداً في معظمه من برنامج الحزب وبرامج الأحزاب التي تتقاطع معه الرؤى والأفكار.
وإذا كان تشكيل أغلبية حكومية منسجمة وقوية ومتضامنة يمثل هدفاً لمعظم الأحزاب السياسية المتفاوضة، وعلى رأسها الحزب الذي تصدر الانتخابات، فإن التساؤل يظل مطروحاً لدى العديد من المهتمين بالمشهد السياسي المغربي حول نوعية المعارضة التي ستكون صالحة ومفيدة وبناءة في علاقتها بالحكومة، لإعطاء مضمون للعمل التشريعي والرقابي، خاصة وأن دستور 2011 منح للمعارضة البرلمانية وضعاً خاصاً وآليات ناجعة لتعزيز دورها ومكانتها في إثراء العمل البرلماني. وأعرب منسق تحالف «فدرالية اليسار الديمقراطي» عبد السلام العزيز، عقب لقاء عقده مع رئيس الحكومة المكلف عزيز أخنوش، عن أمله في أن تضع الحكومة المقبلة القضايا الاجتماعية في صلب اهتماماتها.
وقال في تصريح أوردته وكالة الأنباء الرسمية إن هذا اللقاء شكل مناسبة «للتعبير عن انشغالنا بالوضع الاجتماعي المقلق الذي سجل تراجعات كبيرة خلال السنوات العشر الماضية، مما يفرض على الحكومة المقبلة أن تضع القضايا الاجتماعية في صلب اهتماماتها».
وأضاف أن «وجهة نظر رئيس الحكومة المعين، الذي استمع لنا بكل جدية، تتقاطع مع وجهة نظر تحالف فيدرالية اليسار بهذا الشأن» معرباً عن أمله في ترجمة ما جرى التعبير عنه خلال هذا اللقاء، خاصة في ما يخص قضايا تشغيل الشباب والصحة والتعليم العمومي، في البرنامج الحكومي المقبل.
وتابع منسق «فيدرالية اليسار» أن المشاورات تناولت أيضاً أهمية التحاور مع القوى الوطنية من أحزاب سياسية ونقابات، وتجاوز تعثر الحوار الاجتماعي، وذلك من خلال تدشين مرحلة جديدة من الحوار مع هذه القوى يكون الانشغال الأساسي فيها مستقبل البلد.
من جانب آخر، أشار العزيز إلى أن اللقاء شكل أيضاً مناسبة للتعبير عن القضايا التي تشغل تحالف فيدرالية اليسار، والمتعلقة أساساً بترسيخ الممارسة الدستورية من خلال ممارسة رئيس الحكومة المعين اختصاصاته، كما نص عليها دستور المملكة، بالإضافة إلى تعزيز الحريات الفردية.