أفريقيا برس – المغرب. لم يتردد حزب «فدرالية اليسار الديمقراطي» المغربي في وصف المشهد السياسي والحزبي لدى العديد من الأحزاب بـ «الانحطاط» بسبب «تفشي مظاهر الفساد على أعلى المستويات».
وخصص الحزب المعارض صاحب شعار «الرسالة» حيزاً مهماً من بيانه لما يشبه «جلد الذات الحزبية» في المغرب، وذلك عقب صدور تقرير «المجلس الأعلى للحسابات» (مؤسسة رسمية) وما أثير حول صفقات الدراسات وصرف مال الدعم في غير محله، وبمبالغ ضخمة.
وعبّر الحزب المعارض عن إدانته «للانحطاط» الذي يعرفه المشهد السياسي والحزبي، وربط ذلك بممارسات العديد من الأحزاب، مشيراً إلى تفشي مظاهر الفساد التي طالت أعلى المستويات ضمن هذه الهيئات الحزبية، وفي جميع مناحي الحياة الوطنية.
واعتبر الحزب صاحب شعار «الرسالة» أن ذلك «نتيجة طبيعية للاختيارات اللاشعبية واللاديمقراطية للدولة، ولسياسة التحكم وصناعة الخرائط السياسية».
ووجه الحزب، في بيانه، الدعوة إلى «كل الجهات المعنية للتدخل وتفعيل المساءلة والمحاسبة، حماية للمال العام ومحاربة للفساد من جهة أخرى» كما ذكّر «بمطلب كشف نتائج التحقيق في عدة ملفات وُضِعت لها لجان وتم إقبارها بعد ذلك، وخصوصاً ملف لوبي ارتفاع أسعار المحروقات، وإعادة التأكيد على مطلب تأميم شركة لاسمير».
في سياق متصل، وتفاعلاً مع ما كشف عنه «المجلس الأعلى للحسابات» (مؤسسة عمومية) من ملاحظات في شأن كيفية تدبير بعض الأحزاب المغربية للمال العمومي الممنوح لها، أفادت صحيفة «الأخبار» أن إدريس لشكر الكاتب الأول (الأمين العام) لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يتهرب من عقد اجتماع للمكتب السياسي منذ تفجر فضيحة تفويت صفقة إنجاز الدراسات الممولة من المال العام لشركة يوجد ابنه حسن الشكر ضمن المساهمين فيها.
ونقلت عن مصادر قولها إن لشكر يتخوف من إثارة الموضوع، خاصة في ظل وجود غليان داخل الحزب، حيث بدأ القياديون في الخروج من صمتهم، والتنديد بما وصل إليه حزب القوات الشعبية، ومن بينهم الحبيب الملكي رئيس المجلس الوطني للحزب، الذي عبّر للمقربين منه عن امتعاضه من «الفضيحة» وكذلك أمين المال بالحزب الذي نفى علمه بكيفية صرف الدعم الذي خصصته الدولة للدراسات، حيث تم إخفاء المعلومات عنه وعن لجنة مراقبة مالية الحزب، وهو ما اعتبره القياديون في الحزب إخلالاً بالثقة.
وعلى الرغم من أن مضامين تقرير «المجلس الأعلى للحسابات» وضعت مجموعة من الأحزاب في ورطة «تضارب المصالح» وجد حزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» نفسه وحيداً في فوهة البركان، خاصة بعدما ردت قيادات الحزب على المجلس الأعلى للحسابات في بيان مطول تم نشره في صحيفة «الاتحاد الاشتراكي» معتبرة أن «المجلس تجاوز حدود الاختصاصات المنوطة به».
ونقلت صحيفة «الأيام 24» عن منير أوخليفا، أستاذ القانون في الكلية متعددة التخصصات بمدينة تازة (شرق البلاد) قوله إن المجلس المذكور «لم يتجاوز حدود اختصاصاته، بل بالعكس هو مارس اختصاصاته التي خولها له القانون» ملاحظًا أن ردّ حزب «الاتحاد الاشتراكي» يعدّ «تغليطاً للرأي العام وتلاعباً بالمصطلحات القانونية لإعطاء المشروعية لما هو باطل أساساً». وهو ما عقّب عليه من زاويتين قانونية وأخلاقية، خالصًا إلى القول إن حزب إدريس لشكر «له مرجعية تاريخية لا يمكن تمريغها في متاهات تسيء للمرجعية الأخلاقية في ممارسة العمل السياسي، بما يقتضيه ذلك من تجنب كل الشبهات ونكران الذات ورفض تحويل سياسة الحزب وإرثه النضالي وبما قدمه للشعب المغربي من تضحيات كبيرة، إلى مجرد حزب يتفنن في الاسترزاق ونشر ثقافة الريع التي ناضل ضدها هذا الحزب في فترات سابقة، وخصوصاً في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي» وفق تعبيره.
وكان أربعة قياديين سابقين في حزب «الاتحاد الاشتراكي» هم: حسن نجمي وعبد المقصود الراشدي وصلاح الدين المانوزي وشقران إمام، أصدروا بياناً عبروا فيه عن صدمتهم مما جاء في تقرير المجلس الأعلى للحسابات من ملاحظات تهم الحزب نفسه، ودعوا القيادة إلى تقديم التوضيحات الدقيقة حول كافة الملاحظات التي كشف عنها التقرير.
كما أصدرت «الكتابة الإقليمية للشبيبة الاتحادية» في فرنسا بياناً قالت فيه إن المجلس الأعلى للحسابات كشف عن «معطيات صادمة تعرّي ممارسات فاسدة مبنية على المحسوبية والزبونية لجزء كبير من قيادة الحزب والفريق البرلماني». وبعدما تساءل عما إذا كان ذلك النموذج تجسيداً لـ«تضارب المصالح» طالب بإنشاء «لجنة تحقيق حزبية مستقلة للنظر في كيفية استفادة بعض الأعضاء من المناصب، سواء في الهيئات المنتخبة أو الاستشارية ومشاريع الدعم والصفقات، بتواطؤ واضح من قبل قيادة الحزب».
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس