أفريقيا برس – المغرب. بناء على دعوة سبق أن وجهها رئيس الحكومة إلى المركزيات النقابية للاجتماع يوم 17 يوليوز الجاري، انطلقت، اليوم الخميس، جلسات التفاوض حول تدبير ملف قديم جديد يتعلق بصناديق التقاعد، التي تعيش على حافة الإفلاس.
وتابعت يومية «الأحداث المغربية»، في عددها الصادر ليوم الجمعة 18 يوليوز 2025، كواليس هذا الاجتماع، مشيرة إلى أنه، وحسب القيادات النقابية التي تواصلت مع الجريدة، فإن الحكومة اكتفت فقط بدعوة النقابات، دون أن ترفقها بأي أرضية تنبني عليها جلسات الحوار الاجتماعي حول إصلاح منظومة التقاعد، مضيفة أنه من المرتقب أن تتواصل الاجتماعات في القادم من الأيام من أجل التقدم في هذا الملف الشائك.
وأوضحت اليومية أنه، وفي مقابل هذا الوضع، فإن النقابات المدعوة إلى جلسة الحوار تتمسك بمخرجات اللقاءات السابقة للجنة الوطنية لإصلاح التقاعد قبل سنوات، رافضة أي توجه قد تعبر عنه الحكومة بالانطلاق من نقطة الصفر في تدبير أزمة صناديق التقاعد، مبينة أنه وفي هذا الصدد، قال قيادي نقابي بالكونفدرالية الديموقراطية للشغل، في تصريح لليومية، أن الاجتماع يمكن للشركاء الاجتماعيين من فهم تصور الحكومة لهذا الإصلاح الاستراتيجي، لا سيما أن الصناديق «مشرفة على الإفلاس، نتيجة سوء التدبير وضعف الحكامة»، ومبرزا أن «السلطة الحكومية، من جهة أخرى، تستوعب حساسية الموضوع بالنسبة للمنظمات العمالية، التي ترفض تماما رفع سن التقاعد إلى 65 سنة وتدعو إلى إرساء طابع اختياري لهذه النقطة».
وأشارت الصحيفة إلى أن القيادي النقابي بيّن أن «أي تفاوض مع الحكومة يجب أن يتم وفق مقاربة تتجاوز اللاءات غير المرغوب فيها من طرف الحكومة»، لافتا إلى أن أي «متقاعد بلغ سن التقاعد أو اختار طوعيا أن يطلب التقاعد، فهذا حق يضمنه القانون ولا يمكن أن نصادق على ما يخالف هذه الاختيارات»، معتبرا أن «النقابة تتجه للحوار الاجتماعي بفكرة واحدة هي أنها لن تقبل أي مقترح برفع سن التقاعد، ويقلص من قيمة المعاشات، ويزيد من قيمة الاقتطاعات»، ومؤكداً أن المطلوب من ممثلي الطبقة العاملة، «هو توحيد الرؤى بخصوص الإصلاح المرتقب في صناديق التقاعد».
وأوردت اليومية، في متابعتها، أن القيادي النقابي تساءل «عن كيف يمكن أن نقبل تحميل المستخدمين والموظفين كلفة هذا الإصلاح، في الوقت الذي من المفروض من الصناديق أن تحصل ديونها من عدد من المؤسسات التي لازالت في ذمتها مستحقات لصالح هذه الصناديق؟».
وفي سياق متصل، بين مقال «الأحداث المغربية» أن مصدرا نقابيا من نقابة الاتحاد المغربي للشغل، شدد على أن النقابة «لم تتوصل إلى حدود الآن بأي وثيقة أو أرضية تؤسس لجلسة الحوار مع الحكومة في إطار اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة المتقاعد» مشيرا إلى أن «المؤكد هو أن نقابتنا ستظل ثابتة في ما يتعلق بتصور إصلاح صناديق معاشات المواطنين المغاربة»، معتبرا أن إحياء اللجنة الرئاسية لإصلاح التقاعد هو مطلب دافعت عليه النقابات في جلسة الحوار الاجتماعي الأخير خلال شهر أبريل.
وأضاف المصدر ذاته أن «الداعي لبعث أشغال هذه اللجنة هو اشتغالها لسنوات ومراكمتها لخلاصات مهمة خلال هذه المدة الطويلة، سواء من حيث تصورات النقابات، أو من طرف الحكومة وممثلي الصناديق»، مشيرا إلى أنه «إلى الآن لا علم لنا بعرض الحكومة، هل ستحيي اللجنة ومخرجاتها، أم أنها ستقدم تصورا جديدا لإنقاذ صناديق التقاعد من أزمتها المزمنة؟»، مبرزا أن «الطرح الذي تدافع عليه النقابات، وخصوصا نقابة الاتحاد المغربي للشغل هو أن يتم الاستمرار في العمل، بناء على مخرجات اللجنة الوطنية، حتى لا يتم استنزاف الكثير من الوقت».
وعن موقف نقابة الاتحاد المغربي للشغل إزاء هذا الإصلاح، شدد المصدر ذاته على النقابة ترفض رفضا باتا الثالوث الملعون المتجسد في سنوات عمل أكثر، ومساهمات أكثر، ومعاشات أقل، أو أي مساس بالحقوق والمكتسبات التي راكمتها الطبقة العاملة طيلة سنوات النضال العمالي، مؤكدا أن «أي إصلاح للتقاعد يجب أن يتم في إطار وفاء الحكومة بالتزاماتها».
تجدر الإشارة إلى أن استئناف اجتماعات اللجنة الوطنية كان ضمن اتفاقات الحكومة مع الشركاء الاجتماعيين خلال جولة الحوار الاجتماعي الأخيرة في أبريل الماضي، وهي مناسبة ستعرض فيها النقابات تصورها للإصلاح، لضمان صيغة تشاركية تحافظ على حقوق المتقاعدين، وتوفر معاشات مستدامة للجميع.
ووفق ما أكده أكثر من مسؤول نقابي للجريدة، تضمنت جولة أبريل 2025 للحوار الاجتماعي ما وصفه بلاغ رئاسة الحكومة بـ«نقاش مسؤول» بخصوص إصلاح انظمة التقاعد، وأسفر عن اتفاق الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين على إحداث لجنة وطنية لإصلاح أنظمة التقاعد، تعمل على إقرار تصور توافقي للإصلاح يأخذ بعين الاعتبار المبادئ الأساسية المتفق عليها في إطار الاتفاق الاجتماعي لأبريل 2024.
في المقابل، تتمسك التنظيمات النقابية برفض «قاطع» لما تسميه بـ«الثالوث الملعون»، وهو الرفع من سن الإحالة على التقاعد، والرفع من نسبة مساهمة الأجراء، وتقليص المعاشات فهي تعتبر ذلك بمثابة «تحميل الأجير ضريبة الإصلاح الحكومي الصناديق التقاعد التي يتهددها الإفلاس».
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس