أفريقيا برس – المغرب. عقد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، الخميس في بكين، اجتماعًا مع نظيره الصيني وانغ يي، جرى خلاله التوقيع على مذكرة تفاهم يتم بموجبها إرساء آلية للحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية لكل من المملكة المغربية وجمهورية الصين الشعبية، في ما يعدّ محطة أساسية نحو توطيد العلاقات بين البلدين.
وترتكز آلية الحوار الاستراتيجي، وفق بيان تلقت “القدس العربي” نسخة منه، على مضمون الإعلان المشترك للشراكة الاستراتيجية، الموقع في 11 مايو/ أيار 2016 في بكين، من طرف العاهل المغربي محمد السادس، والرئيس الصيني شي جين بينغ. وتروم هذه الآلية “إعادة هيكلة الحوار رفيع المستوى بين البلدين، القائم على أساس الثقة والتفاهم والاحترام المتبادل”، حسب البيان نفسه.
وأفاد حساب الخارجية المغربية على منصة “إكس” أن الوزيرين بوريطة ووانغ يي أبرزا دور المغرب كمنصة إقليمية لا محيد عنها، وجسر طبيعي للتعاون الصيني الأفريقي والصيني العربي، وذلك بفضل موقعه الجيوستراتيجي، واستقراره السياسي، وبنيته التحتية عالية الجودة وشراكاته المتنوعة.
كما جددا التأكيد على دور الصين كفاعل رئيسي في التعاون الدولي وشريك رئيسي في أفريقيا والعالم العربي. وبعدما أشادا بجودة العلاقات الثنائية وعمقها، اتفقا على استكشاف آفاق جديدة للتعاون في القطاعات الاستراتيجية ذات القيمة المضافة العالية من قبيل البنية التحتية والصناعة والطاقة والابتكار والرقمنة، والطاقات المتجددة، فضلًا عن السياحة والتعليم العالي.
وفي هذا الصدد، اتفق الوزيران على تحفيز الاستثمارات الصينية في المغرب، وتعزيز الشراكات الصناعية المشتركة، وتشجيع التنمية المشتركة على المستوى القاري، لا سيما من خلال التعاون الثلاثي لصالح أفريقيا.
وفي ما يخص القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، سجّل الوزيران المغربي والصيني تطابق وجهات نظرهما حول عدد من القضايا والمبادئ والقيم، من قبيل تلك المتعلقة بالسيادة الوطنية والوحدة الترابية للدول، وكذا مكافحة الانفصال والتطرف. وجددا التأكيد على تمسك بلديهما بالدور المحوري لتعددية الأطراف وبمركزية منظمة الأمم المتحدة وبمبادئ ميثاقها، بما في ذلك التسوية السلمية للنزاعات، وكذا بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والمغرب من يناير/ كانون الثاني إلى يوليو/ تموز 2025 ما قيمته 5.981 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 19.1 % على أساس سنوي، وتظلّ الصين ثالث أكبر شريك تجاري عالمي للمغرب (بعد إسبانيا وفرنسا)، وأكبر شريك تجاري له في آسيا.
ويطمح المغرب والصين إلى تعزيز التعاون بينهما في مجالات الطاقة المتجددة وصناعة السيارات والمعالجة العميقة للفوسفات، فعلى سبيل المثال من المقرر أن يبدأ مشروع مواد أقطاب بطاريات الليثيوم، الذي استثمرت فيه شركة “BTR” الصينية نحو 489 مليون دولار في المنطقة التكنولوجية والصناعية لمدينة طنجة (شمال البلاد).
وتأتي هذه الخطوة لتسدّ الفجوة التكنولوجية في قطاع مواد البطاريات في المغرب. كما أن المصنع الذكي لإحدى الشركات الصينية الكبرى باستثمار يقارب 300 مليون دولار، حقق إنتاجا سنويا يبلغ 6 ملايين إطار عالي الأداء، ليصبح مشروعا بارزا في مسار التصنيع بالمغرب.
وعلى مستوى التبادلات الثقافية والشعبية، منذ أن اعتمد المغرب نظام الدخول بدون تأشيرة للمواطنين الصينيين عام 2016، ازدادت التبادلات بين الشعبين بشكل ملحوظ، ففي عام 2024، تجاوز عدد السياح الصينيين الوافدين على المغرب 300 ألف سائح.
ومن جهة أخرى، يصادف هذا العام الذكرى الخمسين لإرسال الصين فرق طبية إلى المغرب، حيث اتفق الجانبان على استغلال هذه المناسبة لتوسيع التعاون في مجال الصحة، بما في ذلك التدريب الطبي والتطبيب عن بعد.
وخلال زيارة ناصر بوريطة إلى الصين، عمل الجانبان على مواءمة “مبادرة الحزام والطريق” مع “الاستراتيجية الصناعية المغربية 2035”. وستعمل الصين على تطوير موارد المغرب الوفيرة من الطاقة الشمسية والرياح، وتعزيز التعاون في مشاريع الطاقة الخضراء وتقنيات تخزين الطاقة. فعلى سبيل المثال سيعتمد مصنع “BTR” على الطاقة الكهروضوئية لتغطية 90 في المئة من احتياجاته من الكهرباء، دعمًا لهدف المغرب برفع حصة الطاقات المتجددة إلى 52 في المئة.
وعلى مستوى العلم والتكنولوجيا والابتكار، اتفق الجانبان على إنشاء الحديقة الصناعية الرقمية الصينية المغربية، التي تركز على مجالات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي. ويخطط المغرب لاستقطاب شركات التكنولوجيا الصينية للاستقرار في المدينة التكنولوجية والصناعية لطنجة، ما سيجعلها مركزا للابتكار العلمي والتكنولوجي في شمال أفريقيا.
أما بخصوص البنية التحتية والاتصال، فقد أنجزت شركة صينية للطرق والجسور مشروع البنية التحتية الأساسية لمدينة “طنجة تيك” التكنولوجية وتسوية وحدة الماء الكهرباء.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس