زيارة مرتقبة لماكرون إلى الرباط… والمغاربة ينتظرون من فرنسا «الأفعال لا الأقوال» في الموقف من قضية الصحراء

5
زيارة مرتقبة لماكرون إلى الرباط… والمغاربة ينتظرون من فرنسا «الأفعال لا الأقوال» في الموقف من قضية الصحراء
زيارة مرتقبة لماكرون إلى الرباط… والمغاربة ينتظرون من فرنسا «الأفعال لا الأقوال» في الموقف من قضية الصحراء

أفريقيا برس – المغرب. تسارع الرباط وباريس الخطوات من أجل تدارك الوقت الذي استغرقته مرحلة الفتور بين البلدين، وفتح صفحة جديدة للتعاون في عدد من المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والتعليمية وغيرها. وفي هذا الصدد، يعتزم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، القيام بزيارة عمل إلى المغرب، لم يتم تحديد تاريخها بعد، وفق ما نقل موقع “أطلس أنفو” عن مصدر دبلوماسي فرنسي. وكانت هذه الزيارة تأجّلت أكثر من مرة، بسبب حالة البرود التي خيمت على العلاقات السياسية بين المغرب وفرنسا، قبل أن تشهد انفراجة في الآونة الأخيرة.

وكانت شقيقات العاهل المغربي قد زُرنَ قصر “الإليزيه”؛ تلبية لدعوة من سيدة فرنسا الأولى، بريجيت ماكرون، وذلك بعد قطيعة بين البلدين استغرقت زهاء عامين؛ ما اعتُبر إيذاناً بفتح صفحة جديدة بين البلدين.

وسعى وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، خلال زيارته الأخيرة إلى باريس، لوضع خريطة طريق خاصة بالزيارة المرتقبة لحاكم “الإليزيه”، بمعية المسؤولين الفرنسيين المعنيين.

وأفاد المصدر المذكور بأن ثمة لقاءات وزارية مشتركة عديدة مبرمجة بين البلدين، بما فيها الزيارة التي سيقوم بها إلى المغرب وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، لمدة ثلاثة أيام، ابتداءً من 21 نيسان/ أبريل، حيث سيلتقي نظيره المغربي عبد الوافي لفتيت، لتوقيع مجموعة من اتفاقيات التعاون في المجال الأمني بين البلدين، مع التركيز على مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات.

ووفقاً لوزارة الخارجية الفرنسية، تقدمت باريس والرباط في تنفيذ “خطة العمل المشتركة الطموحة” بينهما. وأشار مصدر رسمي إلى أن المحادثات التي جرت الأسبوع المنصرم بين وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورني، ونظيره المغربي، ناصر بوريطة، ساعدت في التقدم بشكل أكبر في تنفيذ الجدول السياسي وخطة العمل المشتركة الطموحة التي تشمل الاستثمارات الكبيرة والجوانب الأمنية والمبادلات الثقافية وكذلك الموقف من التحديات العالمية.

وكتب وزير الخارجية الفرنسي على حسابه في “إكس”: “العلاقة بين فرنسا والمغرب فريدة”. وجاء هذا الوصف بعدما زار ستيفان سيجورني الرباط شباط/ فبراير المنصرم، في إطار الجهود المبذولة لإعادة تنشيط الشراكة الاستراتيجية الثنائية على أسس قوية، واستثمار الروابط التاريخية والإنسانية بين البلدين.

والملاحظ أنه منذ عودة ديناميكية الزيارات الدبلوماسية بين المغرب وفرنسا، يثار موضوع نزاع الصحراء الغربية، لأن الرباط تنتظر من شريكها التقليدي الاعتراف الصريح بالسيادة المغربية على الإقليم، وهو ما فُهم من خطاب سابق للعاهل محمد السادس، قال فيه: “ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”. ووجه رسالة “واضحة” ـ وفق وصفه ـ للجميع، مفادها أن “ملف الصحراء هو النظّارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.

ومن ثم، جاء جواب وزير الخارجية الفرنسي خلال لقائه مع ناصر بوريطة في الرباط، بالقول: “هدفنا هو بناء شراكة مع المغرب تمتد لثلاثين سنة مقبلة”، وأضاف: “نحن نعلم أن قضية الصحراء هي قضية وجودية بالنسبة للمغاربة”. وأوضح أنه منذ بداية طرح خطة الحكم الذاتي، تمكّن المغرب من الاعتماد على دعم فرنسا المستمر والواضح في هذا الشأن، مشدداً على أنه حان الوقت لفرنسا للمضي قدماً في هذا الموضوع.

وحيث إن المغاربة ينتظرون من فرنسا “الأفعال لا الأقوال” حول نزاع الصحراء، مثلما ردد محللون، فإن رئيس الدبلوماسية الفرنسية أوضح أن بلاده ستجسد ذلك من خلال “إجراءات ملموسة”، تتمثل في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الصحراوية، كما أكد أن المغرب استثمر الكثير في مشاريع التنمية لصالح السكان المحليين وفي مجالات التدريب والطاقة المتجددة والسياحة والاقتصاد الأزرق المرتبط بالموارد المائية.

وقررت باريس دخول أقاليم الصحراء الغربية من بوابة التعاون الاقتصادي، بعدما دخلتها على مستوى الفعاليات الثقافية. وفي هذا الصدد، كشفت مصادر صحافية أن وزارة الخارجية الفرنسية أعطت الضوء الأخضر لتمويل مشاريع في جهة “العيون الساقية الحمراء” وجهة “الداخلة وادي الذهب”، من لدن مؤسسة التنمية المالية الفرنسية (بروباركو)، وهي فرع للوكالة الفرنسية للتنمية، والبنك العام للاستثمار.

ونقلت صحيفة “لاغوليف” الإلكترونية عن السفير الفرنسي في الرباط، كريستوف لوكورتيي، قوله إن المغرب وفرنسا “يجمعهما قدَر مشترك”، مبرزاً أن وزير خارجية باريس جعل العلاقات مع المغرب ذات أولوية، مما يؤشر على التزام واضح بالشراكة الفرنسية ـ المغربية. وذكر أن المعهد الفرنسي نظّم فعاليات ثقافية في الصحراء المغربية بالإضافة إلى دعم تعليم اللغة الفرنسية هناك، مما يشهد ـ بحسبه ـ على الدور النشط لفرنسا في المنطقة. وفيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، أكد السفير الفرنسي أن بلاده سترافق المغرب في جهوده الاستثمارية والتنموية، خاصة في مجالات الطاقات المتجددة والتدريب والاقتصاد الأزرق والسياحة.

ووقّع المغرب مع “الوكالة الفرنسية للتنمية” على قرض جديد بقيمة 134,7 مليون يورو يركّز على “جودة التعليم ومكافحة الهدر المدرسي”، ويهدف هذا القرض الممنوح للمغرب إلى تعزيز جودة التعليم في المدارس المغربية، من خلال تحسين تدريس اللغة الفرنسية وتدريس المواد التعليمية بها في المدارس الثانوية الإعدادية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس