أفريقيا برس – المغرب. ما زالت ردود الأفعال المغربية الرافضة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تتوالى، حيث أعربت شخصيات سياسية وحقوقية عن إدانتها وشجبها لكل جرائم الاحتلال الصهيوني وتشريد الآلاف، ولعمليات التقتيل التي باتت “الخبز اليومي” للفلسطينيين.
في هذا الصدد، قالت الأستاذة الجامعية والمناضلة الحقوقية لطيفة البوحسيني، إنها لم تُفاجأ بما قامت به المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، على اعتبار أن الشعب الفلسطيني ومنذ عقود طويلة يعاني الأَمرَّين، ويتعرض للقتل يوميا ويتم التنكيل به. كما اغتُصِبت أرضه واحتُلت أجزاء أخرى، وأدى ثمنا باهظا عبر أجيال من المقاومين الفلسطينيين إلى أن اضطرت “منظمة التحرير الفلسطيني” القبول بحل سياسي عبر اتفاق “أوسلو”.
وأضافت الأكاديمية المغربية متحدثة لـ”القدس العربي”، أن “إسرائيل” وعقب الانتفاضات المتتالية للشعب الفلسطيني، اضطرت أن تجلس إلى مائدة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق أوسلو، لكنها تخلت بعد ذلك عن كل ما تم الالتزام به، لتؤكد عدم استعدادها لأي حل سياسي، بعد أن أثبتت عدم استعدادها لاحترام قرارات الأمم المتحدة. مقابل ذلك، اختار الكيان الصهيوني سياسة التقتيل والتضييق والتجويع والسعي للقضاء النهائي على القضية الفلسطينية وفرض الأمر الواقع.
وتابعت: “الفلسطينيون وجَّهوا رسالة واضحة للكيان الصهيوني يوم 7 تشرين الأول ولكل من يسانده من الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا، مفاده أن الشعب الفلسطيني يرفض أن يُبادَ، ويرفض استمرار سياسة التنكيل به، وأنه لن يتخلى عن حقوقه الكاملة وعلى رأسها تحرير الأرض الفلسطينية والاعتراف بإقامة دولته”.
وأشارت المناضلة الحقوقية اليسارية إلى أن حصيلة قتل الفلسطينيين بلغت قرابة 250 شهيدا منذ كانون الثاني/ يناير 2023 إلى نهاية أيلول/ سبتمبر 2023، حيث أصبح التقتيل “الخبز اليومي” للشعب الفلسطيني، وفق تعبيرها. وأبرزت أن “الشعب الفلسطيني، صاحب قضية عادلة ويواجه نظام استيطاني احتلالي ونظام الفصل العنصري، كان متوقعا جدا أنه سينتفض، كما فعل مرات عديدة في الماضي دفاعا عن أرضه وعن حقوقه المشروعة، ولذلك، لا يمكن أن نطلب منه الرّضوخ للأمر الواقع والقبول بالذل والمهانة”.
وأفادت البوحسيني أن “إسرائيل لا تتوفر فيها شروط دولة، لأن دولة تحترم نفسها هي تلك التي تحترم القانون الدولي وتحترم قرارات الأمم المتحدة. إنها بالأحرى كيان غاصب يرتكب يوميا انتهاكات بالجملة مستفيدا من تساهل الدول الغربية معه، ومستفيدا كذلك من تطبيع عدد من الأنظمة العربية”.
وتابعت: “كل من طبّع ويطبّع مع إسرائيل يساهم، شاء ذلك أم رفض، في الجرائم التي تُرتكب في حق الشعب الفلسطيني الجبار. ومن المخزي ومن غير المقبول، مهما كانت المبررات ولا أتصور وجود مبرر يسمح بالتطبيع مع كيان غاصب لا يتردد في عدم احترام القانون الدولي. كما أنني لا أفهم أيُ عقل هذا الذي دبّر قرار التطبيع مع حكومة مُكونة من اليمين العنصري المرفوض والمنبوذ حتى من طرف أجزاء من الإسرائيليين”.
القيادي في حزب “العدالة والتنمية”، حسن حمورو، كتب تدوينة اعتبر فيها أن المقاومة الفلسطينية “صنعت طوفانا أغرق الصهاينة المحتلين، ومرغ وجوه عملائهم وحلفائهم في كل البقاع… وفي الوقت نفسه صنعت بما حققت من انتصارات باهرة، فُلكا للأمة، للنجاة من سياسات الاستضعاف والإهانة والاذلال التي استهدفتها بأيادي الأعداء من الخارج والخونة من الداخل”. وأضاف أنها “فرصة تاريخية للأمة الإسلامية للنجاة، كما نجا من كانوا مع نوح، وقلب صفحة وفتح أخرى، ترفع فيها رأسها شامخا لتواصل شهودها الحضاري”.
ووصف محمد الزهاري، الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، ما يقع في غزة بـ”جريمة إبادة وحرب ضد الإنسانية مكتملة الأركان”، عبر قتل المدنيين وهدم مقصود للبنيات التحتية والمستشفيات، واستهداف للنساء والشيوخ والأطفال، إلى جانب الحصار المضروب على الشعب الفلسطيني في غزة يستهدف أمنه الغذائي عبر منع ولوج المساعدات الغذائية، وقطع الكهرباء وما يترتب عليه من أمور قد تمس الأمن الشخصي للمواطنين الفلسطينيين، وقطع التواصل والربط بشبكة الانترنت والهاتف.
وأضاف قائلا “كل ما يحدث، فهو بموجب قانون روما ومقتضيات القانون الدولي الإنساني، جريمة حرب إنسانية، والمتطلب اليوم أن تقوم الهيئات الأممية وعلى رأسها مجلس الأمن أن يتدخل من أجل إصدار قرار يوقف الحرب ويعتبر ما يحدث ضد الإنسانية، وجريمة إبادة وإحالة المرتكب على المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها صاحبة الاختصاص فيما يتعلق بهذه الدعاوى المماثلة ومن أجل الحد مما يحدث من الإبادة والعدوان على شعب أعزل على أرضه.
نصر للمقاومة
من جانبها، قالت البرلمانية السابقة خديجة أبلاضي، إن المتتبع للشأن الفلسطيني لا يمكن إلا أن يقف مشدوها أمام المستجدات اليومية التي تقع على أرض فلسطين، بداية من معركة النصر التي خاضتها المقاومة الفلسطينية تحت مسمى “طوفان الأقصى” وألحقت بالجيش الصهيوني خسائر فادحة، حيث اقتحمت عليه المستوطنات دون سابق إنذار في أبشع هزيمة يعرفها الكيان الغاصب منذ عقود.
وأوردت أن “هذا النصر التاريخي للمقاومة حطّم أسطورة الجيش الذي لا يقهر المحصن بالأسلحة تاركا العالم غارقا في صدمته التي لن يستفيق منها إلا بعد مرور وقت لا يستهان به”.
وتابعت أبلاضي متحدثة لـ”القدس العربي”، أن الهجوم غير المسبوق الذي قامت به المقاومة الفلسطينية جعل كل الأمة العربية والإسلامية في موقف المسؤولية من أجل النصرة وتقديم الدعم بل جاءت هذه الملحمة التاريخية التي سطرتها المقاومة بمداد من الفخر لتفضح تخاذل القوى الغربية، بل دعمها للاستكبار الصهيوني والوقوف موقف المتفرج والمتواطئ أمام المجازر والعدوان ضد المدنيين العزل، حتى أغفل الإعلام الغربي جرائم الاحتلال الصهيوني في حق الأطفال والنساء وكبار السن بل تعامى عن مشاهد الدمار والخراب والتقتيل الذي تعرفها كل مناطق غزة وأساليب الحصار من قطع للكهرباء والماء وقطع إمدادات المؤونة أمام مرأى من العالم.
وأعربت الناشطة المدنية والسياسية عن إدانتها ورفضها القاطع لكل جرائم الاحتلال الصهيوني وتشريد الآلاف ولكل أشكال التطبيع التي تنتهجها بعض الأنظمة العربية، وشجبت بشدة تدنيس المقدسات والاعتداء على الفلسطينيين الأبرياء المرابطين في الأقصى الشريف، وأكدت أن الشعب الفلسطيني من حقِّه الدفاع عن نفسه وأن يُكافح بكل الأشكال المشروعة عن حقوقه من أجل تحرير أرضه دون قيد أو شرط وعدم القبول بمفاوضات الذل والعار والاستسلام المشين.
وختمت السياسية المغربية تصريحها بالقول “إن سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها قوى الاستكبار العالمي من الدول المنحازة لبطش الآلة الصهيونية في حق الفلسطينيين العزل، تفضح بجلاء كل الشعارات الزائفة حول حقوق الإنسان والحريات وقيم الإنسانية المنشودة بل تكشف أقنعة الاستعمار الجديد التي تنتهج ضد الشعوب المستضعفة التي لا تناضل إلا من أجل التحرر والانعتاق من قيود التبعية”.
ويرى الكاتب محمد بهجاجي أن تكلفة “طوفان الأقصى” ستكون لاحقًا أكثر ضررًا على غزة، ساكنتها وأرضها وهوائها، لأن عقل المهزوم (في إشارة إلى دولة الاحتلال) لا رشد له، لكن تكلفة الطوفان ستظل هي الأكثر ضررا بالنسبة إلى دولة كانت تتصور نفسها من أقوى جيوش العالم المدججة بالسلاح النووي، وبسند الأمريكيين غير المشروط.
وتابع في تدوينته قائلا “اليوم لم تسقط الأسطورة فقط بعد أن جسمت الخسارات واستفحلت. بل سقطت كذلك معنويات المحتلين مثلما سقطت قواهم الناعمة، أذرعهم الإعلامية والسينمائية والتلفزيونية التي صورت فلسطين بلادا محكومة بسيكولوجية الهزائم القديمة والحديثة، ومسكونة بذكاء مخابرات الاحتلال التي تدعي القدرة على التسرب إلى مخابئ الفلسطينيين وأعراسهم وأحلامهم وأسِرّتهم الحميمية”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس