عقوبة الإعدام: المغرب في طريق لا رجعة فيه نحو الإلغاء

3
عقوبة الإعدام: المغرب في طريق لا رجعة فيه نحو الإلغاء
عقوبة الإعدام: المغرب في طريق لا رجعة فيه نحو الإلغاء

أفريقيا برس – المغرب. هل تشكل إصلاحات القانون الجنائي المقبلة نقطة تحول نحو إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب؟ هذا هو الأمل الذي يعقد عليه المجلس الوطني لحقوق الإنسان في بلد ما زالت تصدر فيه هذه العقوبة، رغم تعليق تنفيذها منذ عام 1993. وتدعو المؤسسة إلى تكريس الحق الدستوري في الحياة وإلغاء العقوبة قانونياً، خاصة بعد التصويت التاريخي لصالح تعليقها في الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 2024. أما التصويت الأخير للمغرب في مجلس حقوق الإنسان، فيعزز الانطباع بأن المملكة تقترب من تحقيق خطوة حاسمة في هذا المسار.

وبمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، نظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يوم الجمعة 10 أكتوبر بالرباط، لقاءً خُصص لدعم هذا النداء، بمشاركة عدد من الفاعلين السياسيين والمؤسساتيين وممثلي المجتمع المدني. وصرحت رئيسة المجلس، أمينة بوعياش، لموقع يابلادي أن الإلغاء القانوني لعقوبة الإعدام «يُعد بالفعل أحد الطموحات الأساسية وأهداف العمل المستقبلية».

وأضافت بوعياش قائلة: «هذه العناصر مترابطة، ونحن نعمل في هذا الاتجاه. فبالتعاون مع زملائي وشركائنا، سواء المؤسساتيين أو الجمعويين، نعتقد في المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن عملية الإلغاء قد بدأت فعلاً، منذ تصويت المغرب في ديسمبر 2024 لصالح تعليق العقوبة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ثم لصالح قرار مجلس حقوق الإنسان المناهض لعقوبة الإعدام. وهاتان خطوتان مهمتان في هذا المسار».

وأوضحت أن «العنصر الثالث، لا يقل أهمية، يتمثل في العفو الملكي عن المحكوم عليهم بالإعدام، وهو إجراء ذو دلالة قوية، يؤكد أن عملية الإلغاء ينبغي أن تتحقق ليس فقط على المستوى الواقعي، بل أيضًا على المستوى القانوني».

نحو إصلاحات أكثر تقدماً

في هذا الإطار، أعربت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن أملها في أن تشكل التعديلات المرتقبة على قانون العقوبات خطوة نوعية لترجمة «الإرادة السياسية والسيادية» للمملكة نحو الإلغاء التدريجي لعقوبة الإعدام.

ومن جانبه، يرى منسق التحالف المغربي ضد عقوبة الإعدام، والنقيب السابق عبد الرحيم الجامعي، أن «العمل من أجل إلغاء هذه العقوبة أصبح واجباً وضرورة»، مؤكداً أن ذلك يصب في مصلحة إعادة الاعتبار للحق في الحياة على الصعيدين الوطني والدولي.

وقال الجامعي: «أصبح الإلغاء اليوم جزءاً لا يتجزأ من السياسات العامة والقضائية التي تهدف إلى معالجة المشكلات المجتمعية بحكمة وشجاعة. استمرار هذه العقوبة يشكل عائقاً أمام التطور نحو دولة القانون وحقوق الإنسان».

وأضاف أن التصويتين الأخيرين للمغرب في هيئات الأمم المتحدة يشكلان «إشارة واضحة» على التوجه نحو الإلغاء، مؤكداً أن «ما تبقى هو خطوة واحدة فقط لإتمام هذا المسار، من خلال إصلاح قانوني يعالج الإشكالات السياسية والإجرائية والقضائية التي ما زالت تضع المغرب ومؤسساته في تناقض مع الدستور، وخاصة المادة 20، ومع القيم الكونية التي يلتزم بها».

وختم الجامعي بالقول: «ننتظر من صناع القرار مراجعة قانون العقوبات لإلغاء عقوبة الإعدام المنصوص عليها في المادة 16، وتطوير الترسانة القانونية بما ينسجم مع مبادئ الدستور وأفضل الممارسات القانونية والقضائية المقارنة»، داعياً منظمات حقوق الإنسان إلى مواصلة دعم هذه الدينامية الوطنية.

مدير عام منظمة “معاً ضد عقوبة الإعدام” (ECPM)، رافائيل شونيل-حزان، يؤكد أن إصلاح قانون المسطرة الجنائية في المغرب يشكل خطوة مهمة نحو تقييد النطق بعقوبة الإعدام، إذ يشترط إجماع القضاة لإصدارها، كما ينص على تقديم طلبات العفو تلقائياً من طرف قاضي تنفيذ العقوبات في حال صدور حكم بالإدانة. ويعتبر شونيل-حزان أن هذه الإصلاحات تعكس توجهاً مغربياً «لا رجعة فيه نحو الإلغاء».

ويضيف قائلاً “أنا لا أؤمن بالقضايا المفقودة، بل بالقضايا العادلة، وأواصل النضال بلا كلل إلى جانب جميع النشطاء المغاربة حتى يأتي اليوم الذي يُعلَن فيه الإلغاء النهائي في هذا البلد الذي أحبه كثيراً، المغرب؛ البلد الذي أنتمي إليه دماً وأصلاً، بلد التقاليد والحداثة والتسامح والإنسانية».

اتجاه عالمي نحو الإلغاء

يُذكّر المدير العام للمنظمة بأن هذا التوجه ينسجم مع اتجاه عالمي متنامٍ، إذ إن أكثر من ثلاثة أرباع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ألغت عقوبة الإعدام قانونياً أو عملياً، بينما ما تزال قلة من الدول تمارسها بوسائل مختلفة مثل المقصلة، أو فرقة الإعدام، أو الحقنة القاتلة، أو الشنق، أو الرجم. وأعرب شونيل-حزان عن أسفه لاستمرار الإعدامات في بعض الولايات الأميركية وفي إيران.

في المغرب، كان إلغاء عقوبة الإعدام من التوصيات الرئيسية لهيئة الإنصاف والمصالحة منذ سنة 2004، كما يرتبط هذا التوجه على الصعيد الدولي بـ البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فيما يكرس دستور 2011 الحق في الحياة في مادته العشرين.

صرّح المحامي عبد الرحيم الجامعي في ختام اللقاء «آمل أن نلتقي بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام سنة 2026 لنعلن للعالم الإلغاء النهائي في المغرب».

وشهدت الندوة مداخلات كل من عبد الرحمن العلوي، رئيس المرصد المغربي للسجون، وديميتير تزانتشيف، سفير الاتحاد الأوروبي بالمغرب، وغالا فيلدهوين، المقررة العامة للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا حول إلغاء عقوبة الإعدام، ومارتين بليز نياهوهو، رئيسة اللجنة الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان في بوروندي.

كما شاركت النائبة لبنى السغري، منسقة شبكة البرلمانيين ضد عقوبة الإعدام، وعلي عمار، منسق شبكة المحامين، ومالكة غباري، منسقة شبكة المعلمين، ومحمد العوني عن شبكة الصحفيين، ونادية بنهيدة ممثلة شبكة رواد الأعمال.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس