مخاوف من تأثر العلاقات بين المغرب وفرنسا بوصول حزب متشدد إلى رئاسة «مجموعة الصداقة البرلمانية» لأول مرة

8
مخاوف من تأثر العلاقات بين المغرب وفرنسا بوصول حزب متشدد إلى رئاسة «مجموعة الصداقة البرلمانية» لأول مرة
مخاوف من تأثر العلاقات بين المغرب وفرنسا بوصول حزب متشدد إلى رئاسة «مجموعة الصداقة البرلمانية» لأول مرة

أفريقيا برس – المغرب. أثار وصول عضو من حزب التجمع الوطني الفرنسي (اليمين المتطرف) لرئاسة “مجموعة الصداقة البرلمانية الفرنسية ـ المغربية” مخاوف لدى العديد من الأطراف. ويعود هذا القلق إلى مواقف الحزب المتشددة تجاه قضايا مثل الهجرة والإسلام، والتي قد تؤثر سلبًا على العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا.

ونقلت مصادر صحافية عن البرلمانية الفرنسية ذات الأصول المغربية، نعيمة موتشو، قولها إن هذا الاختيار قد يربك التزامات فرنسا ويضعف مصداقيتها، في حين أكد المقربون من حزب “التجمع الوطني” أن هذا القرار يهدف إلى تعزيز العلاقات بين البلدين. ومع ذلك، يرى مراقبون أن الخطوة تأتي ضمن استراتيجية الحزب لتعزيز صورته على الساحة الدولية قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة المتوقع إجراؤها عام 2027.

أما في المغرب فيسود قلق بين المسؤولين والبرلمانيين والمراقبين من أن يؤدي هذا التطور إلى توتر في العلاقات الثنائية، خاصة في ظل مواقف الحزب المتشددة بشأن قضايا الهجرة. ومن اللافت أن هذه الخطوة تُعدّ سابقة منذ إنشاء “مجموعة الصداقة الفرنسية – المغربية” في عام 1952، حيث لم يسبق أن ترأسها عضو من اليمين المتطرف.

وعُرف “التجمع الوطني” الفرنسي بمواقفه اليمينية المتطرفة، إذ يتبنى سياسات صارمة تجاه الهجرة، ويرى الحزب أن الهجرة تؤثر سلبًا على الهوية الوطنية الفرنسية، ويطالب بتقليص أعداد المهاجرين بشكل كبير. كما يدعو إلى تشديد الرقابة على الحدود وتعزيز السياسات الأمنية لمنع الهجرة غير الشرعية. بالإضافة إلى ذلك، يقترح الحزب فرض قيود على حقوق المهاجرين، بما في ذلك تقييد الوصول إلى الخدمات الاجتماعية والصحية، ويشدد على ضرورة إعطاء الأولوية للمواطنين الفرنسيين في فرص العمل والسكن.

في ظل هذه المخاوف، يبقى الموقف المغربي هادئًا ومتفائلًا بمواصلة التعاون بين البلدين. وصرح النائب البرلماني عمر أعنان، رئيس الجانب المغربي للمجموعة، قائلاً: “بصفتي نائباً ورئيساً لمجموعة الصداقة المغربية الفرنسية، ما يهمني هو الدفع نحو تجديد التعاون بين برلمانيي البلدين”، وفق تصريحه لأسبوعية “جون أفريك” في عددها الجديد. وأكد أنه فور تعيين الرئيس الفرنسي للمجموعة، سيرسل رسالة تهنئة تتضمن دعوة للقاء رسمي، بهدف استعادة حيوية العلاقات الثنائية بين الرباط وباريس التي شهدت فتورًا في الفترة الماضية.

وحدد رئيس الجانب المغربي الأولويات المشتركة التي تشمل الملفات الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية، بالإضافة إلى قضايا الطاقة المتجددة والبيئة. كما أشار إلى أن قضية الصحراء ستظل حاضرة على جدول الأعمال، مؤكدًا أن المغرب مستعد لمعالجة هذا الملف بحكمة وذكاء.

ويشكل موضوع التأشيرات تحديًا رئيسيًا في العلاقات المغربية-الفرنسية. وفي هذا الصدد، أشار عمر أعنان إلى ضرورة حصول المغاربة على معاملة تفضيلية في هذا الملف، خصوصًا أن سياسة التأشيرات التي اعتمدتها فرنسا في السنوات الأخيرة أثّرت سلبًا على صورة باريس في المنطقة المغاربية. وفي نهاية العام الماضي، أقر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن سياسة التأشيرات كانت غير فعّالة وأضرت بصورة بلاده دون تحسين فاعليتها.

ورغم وصول حزب “التجمع الوطني” إلى رئاسة مجموعة الصداقة، فقد أبدى النائب المغربي عمر أعنان تفاؤله بحل هذا الملف بحكمة، مع التأكيد على معالجة إشكاليات التأشيرات دون المساس بجوهر العلاقات الثنائية.

وكانت القنصلية العامة لفرنسا في الدار البيضاء أعلنت عن قرار حول “الهجرة المنتقاة” التي تشجّع على هجرة الأدمغة، بتركيزها على تقديم تسهيلات للكوادر العليا من مهندسين وأطباء وغيرهم.

وبينما يتزايد الطلب على التأشيرة الفرنسية ما زالت عراقيل تعترض الحصول عليها بالنسبة للمغاربة، بسبب فترات المعالجة الطويلة ووجود شبكات وساطة غير قانونية فضلاً عن الرسوم الباهظة.

وأفاد تقرير لمؤسسة فرنسية أنه جرى منذ عامين تقريباً التوقيع على 120 اتفاقية شراكة تهدف إلى تسهيل إصدار التأشيرات مع الجزائر، ولم يجر التوقيع على أي منها مع المغرب. وتخطط فرنسا لتنفيذ تأشيرة “شنغن” الإلكترونية، اعتباراً من العام المقبل 2026، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى إلغاء المواعيد القنصلية وملصقات التأشيرات.

ويُعتبر وصول حزب “التجمع الوطني” لرئاسة المجموعة الفرنسية-المغربية حدثًا ذا تأثير سياسي لافت، خصوصًا أن الحزب يتبنى مواقف متشددة تجاه قضايا الهجرة. ومع ذلك، أكد أعنان أن التعاون مع هذا الحزب ممكن، مع التركيز على المصالح المشتركة، بعيدًا عن أي توترات سياسية داخلية فرنسية.

ويبرز المغرب كشريك استراتيجي لفرنسا في المنطقة، حيث يطمح إلى الحفاظ على مستوى العلاقات القوي رغم التحديات. وأشارت تقارير حديثة إلى أن هناك جهودًا جارية لتحسين العلاقات بين البلدين على المستويات الاقتصادية والثقافية. فقد دعت الرباط وباريس إلى استثمار الجهود السياسية لتجاوز الفتور الحالي، مع التركيز على القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثل التنمية المستدامة والطاقة النظيفة.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قام أواخر تشرين الأول/أكتوبر المنصرم بزيارة دولة إلى المغرب بدعوة من العاهل محمد السادس. وخلال هذه الزيارة، جرى التوقيع على أكثر من 30 اتفاقية استثمارية بين القطاعين العام والخاص في البلدين، بقيمة إجمالية تجاوزت 10 مليارات دولار. وقد شملت هذه الاتفاقيات مجالات متعددة، أبرزها السكك الحديدية والهيدروجين الأخضر وتحلية المياه. كما وجّه ماكرون دعوة رسمية إلى العاهل المغربي لزيارة فرنسا، على أن يتم تحديد موعدها عبر القنوات الدبلوماسية.

وعلى الرغم من التحديات السياسية والإجرائية، يبقى المغرب وفرنسا شريكين استراتيجيين يسعيان إلى تعزيز تعاونهما في مختلف المجالات. وبتجاوز العقبات كملف التأشيرات والعمل على أولويات مشتركة، يمكن للبلدين أن يرسما مستقبلًا مشتركًا يتسم بالتعاون المتين والاحترام المتبادل.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس