أفريقيا برس – المغرب. وجه 10 أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي رسالة إلى وزارة خارجية بلادهم في شأن نزاع الصحراء، حيث أثاروا قضية معتقلي “اكديم إيزيك” وأضفوا عليها طابعاً سياسياً. وسارع مدير عام إدارة السجون في المغرب، محمد صالح التامك، بتوجيه رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أوضح فيها أن الأشخاص المعتقلين في إطار الأحداث المذكورة التي وقعت عام 2010، توبعوا بسبب قتلهم 11 عنصراً غير مسلح من الدفاع المدني والقوات العسكرية المساعدة والتمثيل بجثثهم، وليس لأسباب مرتبطة بأي شكل من أشكال النشاط السلمي.
وكانت ضواحي مدينة العيون شهدت، في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر، اشتباكات بين متظاهرين صحراويين، بمن فيهم موالون لجبهة “البوليساريو”، وعناصر من القوات الأمنية المغربية، بعد أن قامت الأخيرة بتفكيك مخيم كان مقاماً كشكل من الاحتجاج على أوضاعهم. وحسب السلطات المغربية، فقد خلفت أعمال الشغب هذه 11 قتيلاً و159 جريحاً في صفوف الشرطة والمساعدين ورجال الدفاع المدني، فضلاً عن مقتل مواطنين مدنيين. فيما تدعي “البوليساريو” مقتل 36 صحراوياً وسجن 163 آخرين.
وتساءل مدير السجون المغربي في الرسالة الموجهة إلى وزير الخارجية الأمريكي: “هل كان موقعو الرسالة العشرة ليتقبلوا اعتبار المتمردين الذين اقتحموا وخربوا مبنى الكونغرس وقتلوا عناصر من الشرطة متظاهرين سلميين؟”، واصفاً الرسالة بأنها في غير محلها ومضللة ومنحازة تماماً.
وفي ما يتعلق بوضعية السجون المغربية، أشارت الرسالة التي أوردتها وكالة الأنباء الرسمية إلى أن ظروف الاعتقال لائقة، مذكّرة بأن هذا الأمر أكده المكتب الدولي لمكافحة المخدرات وإنفاذ القانون، الذي تربطه شراكة وثيقة وثابتة بإدارة السجون. وأضافت أن هذا الاعتراف تبرزه أيضاً تقارير وزارة الخارجية الأمريكية المنشورة منذ سنة 2015، وشهادات المسؤولين الأمريكيين خلال الاجتماع الأخير المنعقد مؤخراً في واشنطن في إطار الحوار الاستراتيجي المغربي- الأمريكي حول حقوق الإنسان.
وبخصوص إيواء السجناء، أكد المسؤول المغربي أن إدارته حرصت على بناء منشآت سجنية جديدة تستجيب للمعايير الحديثة وتتلاءم مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، مشيراً إلى أن هذه المنشآت من الجيل الجديد عبارة عن بنيات مُحكمة التصميم وتستجيب لمتطلبات الإصلاح وإعادة التأهيل، وذلك بهدف توفير مرافق مخصصة للخدمات الاجتماعية لتمكين السجناء من الاستفادة من البرامج التعليمية والثقافية والرياضية والفنية.
وفي السياق نفسه، أشار إلى إجراء تعديلات تقنية لتسهيل الولوج والاستجابة لاحتياجات بعض الفئات الهشة من نزلاء السجون، مثل الأشخاص المسنين والنزلاء ذوي الاحتياجات الخاصة، مضيفاً أن مؤسسات سجنية أخرى خضعت للتجديد والتوسعة من أجل زيادة القدرة الاستيعابية.
أما بخصوص معاملة النزلاء، فقد أكد محمد صالح التامك أن المندوبية تسهر على تمتيع السجناء بالحقوق التي يكفلها لهم القانون، ومعاملتهم بكرامة واحترام على أساس المساواة ودون أي تمييز في الإيواء والرعاية الطبية والزيارات والمكالمات الهاتفية وباقي الأنشطة.
وأضاف المسؤول أنه من أجل تعزيز حقوق النزلاء وصون كرامتهم، تخضع المؤسسات السجنية لمراقبة من طرف السلطات القضائية واللجان الإقليمية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه الجهوية. كما تحدث عن تحقيق تحسن ملحوظ في الخدمات الصحية. وفي هذا الإطار، أطلقت إدارة السجون مجموعة من المبادرات، من ضمنها زيادة الكوادر الطبية، وتجهيز المؤسسات السجنية بالمستلزمات.
وبخصوص شكايات النزلاء المتعلقة بادعاءات سوء المعاملة من قبل الموظفين ورفض الخدمات الصحية، أكد التامك أن الإدارة تؤمّن استقبال ومعالجة هذه الشكايات بمقتضى القانون المعمول به، وطبقاً لمبادئ الحوكمة الجيدة.
وفي هذا الصدد، أوضح المسؤول أنه جرى اتخاذ سلسلة من التدابير العملية لضمان وتقوية ممارسة السجناء لحقهم في تقديم الشكايات بشكل شفاف وموضوعي، حيث وضعت صناديق في كافة السجون، بهدف تمكين النزلاء من توجيه شكاويهم في أظرفة مغلقة إلى مختلف السلطات والهيئات المعنية. وبعد استلام الإجابات، توجه إلى النزلاء المعنيين، الذين يتعين عليهم وضع توقيعهم بسجلات خاصة كدليل على الاستلام.
وفي ما يتعلق بالإجراءات المتخذة من قبل إدارة السجون من أجل البحث والتحقيق في الادعاءات المتعلقة بسوء المعاملة التي يمارسها الموظفون، أوضح المسؤول المذكور أن هذه المزاعم تشكل موضوع تحقيق، يتلوه إنجاز تقارير مفصلة حول الموضوع، بعد الاستماع إلى المشتكين والشهود المحتملين، مسجلاً أنه يتم الاطلاع على تسجيلات كاميرات المراقبة الإلكترونية وفحص مختلف الوثائق والملفات. كما أشار المسؤول إلى إمكانية اللجوء إلى فحوص طبية إذا لزم الأمر، وتجميع الدلائل ومواجهة المشتبه فيهم بها. وبعد ذلك ينجز ملف متكامل يتضمن نتائج التحقيق والحجج المادية المستقاة، يوجه إلى لجنة مركزية متعددة التخصصات من أجل الاستشارة، قبل اتخاذ القرار النهائي من لدن المدير العام لإدارة السجون.
وأوضح المسؤول أنه إذا كانت مصداقية حالة ما موضع شك، فإنه يجري إبلاغ النيابة العامة. وأضاف أنه في حال ثبوت صدق الادعاءات، يتم توقيف الموظفين المشتبه فيهم مباشرة وإحالتهم على المجلس التأديبي، مع إخبار المدعي العام. وفي كل الحالات، يُقدّم جواب للمشتكين في احترام تام للقانون.
وبخصوص الادعاءات المتعلقة بسوء المعاملة من قبل الموظفين، أفاد التامك أنه خلال 2020، تلقت إدارته ما مجموعه 556 شكاية، مقابل 485 شكاية في 2021 إلى غاية 30 أيلول/ سبتمبر. وقال: على الرغم من أن قضية ادعاءات سوء المعاملة تشكل ثلث الشكايات المتوصل بها، فإن هذا المعطى لا يعكس بالضرورة حقيقة هذه المعاملات، أخذاً بالاعتبار خلاصات التحقيقات والتحريات المنجزة حول هذه الشكايات التي تؤكد أن هذه الادعاءات مغلوطة. واعتبر أن الغاية وراء تلك الشكاوى تكون دائماً ممارسة الضغط على إدارة السجن من طرف السجناء المشتكين، قصد تفادي المراقبة التي يفرضها القانون أو الحصول على امتيازات غير مبررة.
وعن الادعاءات المرتبطة برفض الولوج إلى الخدمات الصحية، أكد المسؤول أنه خلال سنة 2020، توصلت المندوبية بما مجموعه 332 شكاية مقابل 292 شكاية خلال السنة الجارية إلى غاية 30 أيلول/ سبتمبر. وقال إنه حسب البحث، فقد تلقى السجناء المعنيون العلاجات الطبية الضرورية، لكنهم يرفضون الأدوية الموصوفة لهم ويطلبون وصفات طبية أخرى أو يفضلون الذهاب إلى المستشفى في وقت مخالف للموعد المقرر، وذلك حتى وإن كانت حالتهم الصحية لا تستدعي تدخلاً عاجلاً، مضيفاً أن أولئك السجناء المشتكين يرغبون، أحياناً، في تلقي علاجات غير موصوفة لهم من قبل الأطباء المعالجين.