موريتانيا أمام برلمان يهيمن عليه حزب الإنصاف وتغيب عنه أحزاب معارضة تقليدية

8
موريتانيا أمام برلمان يهيمن عليه حزب الإنصاف وتغيب عنه أحزاب معارضة تقليدية
موريتانيا أمام برلمان يهيمن عليه حزب الإنصاف وتغيب عنه أحزاب معارضة تقليدية

أفريقيا برس – المغرب. بالإعلان عن نتائج الدور الثاني والأخير للانتخابات النيابية والجهوية والبلدية التي جرت يومي 23 و27 مايو الجاري، تتضح تشكيلة البرلمان الموريتاني الجديد الذي يهيمن عليه حزب “الإنصاف” الحاكم، ويحتل فيه الإسلاميون الرتبة الثانية وتغيب عنه أحزاب المعارضة التقليدية ويظهر فيه تيار شبابي معارض جديد و”مشاكس”.

وقد تمكن الرئيس الغزواني، حسب النتائج النهائية من السيطرة التامة على الغرفة التشريعية بما مجموعه 149 مقعدا بينها 107 مقاعد خاصة بحزبه و42 مقعدا لأحزاب موالية له، فيما لم تحصل الأحزاب الموريتانية المعارضة إلا على 27 مقعدا.

وقد تقاسم 15 حزبا سياسيا موريتانيا بعضها شهير وغالبها مغمور، مقاعد البرلمان الموريتاني الجديد، حيث احتل حزب الإنصاف الحاكم الصدارة بين الأحزاب بحصوله على 107 مقاعد من أصل 176 مقعدا، تلاه حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (الإسلاميون) ب 11 مقعدا، ثم حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم بـعشرة مقاعد، فحزب الجبهة الجمهورية للوحدة والديمقراطية بـسبعة مقاعد.

وينص القانون الخاص بإنشاء وصلاحيات اللجنة الانتخابية المستقلة على أن هذه اللجنة “توجه عند انتهاء كل اقتراع، وفي ظرف لا يتجاوز ثلاثة أشهر، إلى رئيس الجمهورية، تقريرا مفصلا يتضمن حصيلة نشاطها وملاحظاتها حول سير العمليات الانتخابية وتوصياتها ومقترحاتها بالإصلاحات التي تراها مناسبة في هذا الشأن”.

ولعل الأمر الغريب في هذه الانتخابات هو فشل عدة أحزاب موريتانية عريقة في الحصول على أي مقعد في سابع برلمان ينتخب في موريتانيا منذ بدء التعددية السياسية عام 1991، وهو ما أعاده قادة هذه الأحزاب، “لعلميات التزوير غير المسبوقة التي شهدتها هذه الانتخابات، داعين “لإلغائها وإعادتها”.

ولن يقتصر الأمر بهذه الأحزاب على مغادرة البرلمان، بل إنها قد تقع تحت طائلة الحل طبقا للقانون الصادر في 18 يوليو / تموز 2018، والذي ينص على حل الأحزاب السياسية التي لا تشارك في استحقاقين انتخابين متواليين، أو التي تفشل في الحصول على نسبة 1% فيهما.

ومن بين الأحزاب التي ألقتها الانتخابات خارج البرلمان، حزب تكتل القوى الديمقراطية، الذي يرأسه أحمد ولد داداه أول زعيم للمعارضة الديموقراطية الموريتانية خلال الفترة من 2006 إلى 2013؛ كما أن من ضمن هذه الأحزاب، حزب التحالف الشعبي التقدمي، الذي يرأسه رئيس البرلمان السابق مسعود ولد بلخير، وحزب اتحاد قوى التقدم، الذي يرأسه الدكتور محمد ولد مولود.

ومن هذه الأحزاب، الحزب الجمهوري، الذي حكم موريتانيا ما بين 1991 وحتى 2005، إبان عهد الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع.

ومن الأحزاب التي لم تجد موطئ قدم في البرلمان الجديد، حزب الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال، الذي انضم له الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ودعا أنصاره لدعمه، وتم ترشيح أخته تربه عبد العزيز على رأس لائحته الوطنية الخاصة بالنساء؛ وقد فسر ذلك بقلة مناصري الرئيس السابق في الساحة الموريتانية عكسا لما لوح به الرئيس ولد عبد العزيز مرارا.

هذا وتواصلت تحليلات الساسة والمدونين لنتائج الانتخابات الموريتانية، بين من يتوقع عودة الأمور إلى رتابتها، ومن يرى بأن موريتانيا مقبلة على سخونة سياسية بسبب وجود أحزاب المعارضة خارج البرلمان وبسبب انتخابات تشكك هذه الأحزاب في شفافيتها.

وفي قراءة خاصة بنتائج الانتخابات، أكد السياسي والإعلامي محمد محمود بكار “أن المشهد السياسي يعطي الانطباع بضعف المعارضة وعدم قدرتها على المنافسة في الانتخابات الرئاسية القادمة، مع انعدام وجود خطوط توافق، وعدم وجود تيارات تملك نظرة موحدة للمستقبل، كما تشي قراءة النتائج بضعف الأغلبية التي حصدت نتائج لا تعود لقوتها ولا لناخبيها بل لداعمي ولد الغزواني ولمتذمرين على ترشيحات حزبه الانصاف”.

وقال “الخريطة السياسية الموريتانية ستأخذ شكلها النهائي بعد تعيين حكومة جديدة حيث ستظهر قراءة الرئيس للانتخابات وردة فعله إزاءها، علما بأن الرأي العام متعطش لتغيير راديكالي في جهاز الدولة والحزب على أساس النجاحات والإخفاقات السابقة، أي أنه متعطش إلى حد ما، للقيام بجرد للحساب”.

وتوقع ولد بكار “أن تشهد الأيام المقبلة تطورات سياسية متعددة ومواقف متعددة من الانتخابات، لكنها كلها ستتعامل مع أمر الواقع، فهل سيتحد الطيف السياسي المعارض حول تحديد مفاهيم جديدة وطرح اشتراطات للمستقبل؟ أم أن أنظاره ستظل منصبة على الماضي وعلى ندب حظه في الانتخابات، الأمر الذي سيفوت عليه كما هي العادة، فرصة إصلاح المستقبل والإعداد له بقوة”.

وتحت عنوان “تعزية مؤلمة”، كتب النائب الشاب المعارض المعاد انتخابه ضمن تيار دولة العدل، محمد بوي الشيخ محمد فاضل “أتقدم بكامل التعازي، وخالص الحزن، وعظيم المواساة، إلى الشعب الموريتاني البائس والفقير والمعدم، ممن منحوا صوتهم لأدوات الفساد والمحسوبية والزبونية، حمية للقبيلة، وانتماء للجهة، وخضوعا لأصحاب المصالح، وبيعا للصوت، وتفريطا في الواجب، وتنكرا للضمير”.

وقال “أعزيكم كلكم في خمس سنوات عجاف منحتموها سلطة لهذه الأحزاب، مواصَلة للفساد وهدرا للمال العام، وأبشركم أيها المواطنون الذين صوتتم لهذه الأحزاب أنكم ستكونون شركاء في إثم سوء التسيير، فسيكون نصيبكم من الوزر حاضرا حين يصوت نوابكم ضد تحمل فواتير الماء والكهرباء عن المساجد، وستنالون وزركم حين يصوتون باسمكم ضد زيادة رواتب الأساتذة والمعلمين وجنود الجيش والدرك والحرس والحماية المدنية والشرطة وأمن الطرق، ولتسألُنَّ عن صفقات التراضي وعن صفقات المحسوبية والزبونية، وعن ضياع الحق العام: إنكم شركاء في نهب الثروات البحرية والمعدنية والزراعية والهوائية والشمسية والعقارية بمنحكم الثقة لهم؛ فلقد منحتموهم السلطة بإرادتكم وسيستغلونها لمصالحهم، وسيزدادون غنى وستزدادون فقرا”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس