هاكرز جزائريون يهاجمون مواقع رسمية مغربية ويكشفون رواتب مسؤولين

6
هاكرز جزائريون يهاجمون مواقع رسمية مغربية ويكشفون رواتب مسؤولين
هاكرز جزائريون يهاجمون مواقع رسمية مغربية ويكشفون رواتب مسؤولين

أفريقيا برس – المغرب. تعرض المغرب لعدة هجمات سيبرانية اتُهم بشنها “هاكرز” جزائريون، استهدفت المواقع الإلكترونية لكل من “وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل” و”الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”، وهو مؤسسة عمومية مهمة. وقد أسفر الهجوم عن تسريب معطيات حساسة وشخصية تتعلق بما يقرب من مليوني أجير مغربي، بالإضافة إلى بيانات تخص نحو 500 ألف شركة ومقاولة مغربية، بما في ذلك مؤسسات استراتيجية وسَيادية.

التسريبات التي أثارت قلقا متزايدا حول أمن المعلومات والسيادة الرقمية للبلاد، كشفت رواتب مسؤولين رفيعي المستوى وتفاصيل الأجور والبيانات الشخصية للعمال، وبيانات مالية وبنكية، ومعطيات تتعلق بالحسابات البنكية لعشرات الآلاف من الشركات المغربية.

وفي انتظار توضيح رسمي لـ “الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”، قالت وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل بالمغرب، إن موقعها الرسمي تعرض لهجوم سيبراني، إلا أنها نفت اختراق بياناتها، وأبرزت أن “الأمر يتعلق بموقع مؤسساتي ذي طابع إخباري”.

وأوضح بيان الوزارة أن “جميع المعلومات المنشورة في هذا الموقع عمومية ومتاحة للعموم، ولا يتضمن الموقع أية قاعدة بيانات ذات طابع مهني. كما أكد أنه لم يتم المساس بأي معطى شخصي أو حساس، ولم تتعرض أي قاعدة بيانات للاختراق”. وأوضحت الوزارة كذلك أن الوثائق المقرصنة والمسربة لا تندرج ضمن مجال اختصاص الوزارة.

وإلى حدود منتصف الأربعاء، لا يزال الموقع الإلكتروني الرسمي المخترق للوزارة مُغلقا. كما لا يمكن الولوج إليه، وفق ما عاينته “القدس العربي”.

وكانت مجموعة “هاكرز” جزائرية تُطلق على نفسها اسم “jabaroot” أعلنت عن اختراق الموقع الرسمي لوزارة التشغيل في المغرب والحصول على بيانات هامة.

وبررت المجموعة ما أقدمت على فعله، عبر بيان نشرته على واجهة الموقع بعد اختراقه، بكونه ردًّا على ما وصفته بـ”تحرشات مغربية” بصفحات مؤسسات رسمية جزائرية على مواقع التواصل الاجتماعي.

هذا الهجوم، دفع عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لـ “العدالة والتنمية” المعارض، إلى القول إن تعرض الموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات لعملية قرصنة، يهدد بقرصنة المعطيات ذات طابع مهني أو شخصي لمجموعة كبيرة من المواطنين ومن المؤسسات العمومية والخاصة.

وشدد بووانو ضمن سؤال شفوي آني وجهه لوزير التشغيل، توصلت به “القدس العربي”، على خطورة هذا “الفعل الإجرامي” على حماية الأمن السيبراني للقطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية وحماية المعطيات الخاصة سواء كانت ذات طابع مهني أو شخصي.

وتساءل رئيس المجموعة النيابية عن “الحيثيات والأضرار التي خلفها الهجوم السيبراني على الموقع الالكتروني للوزارة، والإجراءات التي سيتم اتخاذها لحماية الأمن السيبراني لهذا القطاع الوزاري”.

أزمة ثقة وميزانيات

أثارت الهجمات السيبرانية المتكررة على مواقع رسمية وسيادية في المغرب، خلال الآونة الأخيرة، الجدل والتساؤلات بخصوص واقع الأمن السيبراني، وجددت السؤال المتعلق بالميزانيات الضخمة المرصودة لتعزيز الأمن الرقمي والسيبراني وتحديث الأنظمة المعلوماتية للمؤسسات العمومية، دون أن تنعكس بشكل فعال على أرض الواقع.

جواد الشفدي، مدير نشر جريدة “ذا بريس”، اعتبر ضمن مقال افتتاحي أن التسريبات لم تترك مجالاً للشك، فالمغرب يواجه تحديًا سيبرانيًا حقيقيًا، والأمر يتجاوز الخطر التقني ليضرب في عمق الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم.

وأبرز أن هذه الهجمات “تفضح ثغرات لا تُغتفر في البنية الرقمية المغربية”، وتُبرز الحاجة الملحة إلى استراتيجية أمن سيبراني شاملة، لا تكتفي برد الفعل، بل تضع حماية البيانات في صلب السيادة الوطنية. وتابع: “كما نحمي حدودنا البرية والبحرية، علينا أن نحصّن حدودنا الرقمية، قبل أن يُصبح الاختراق عادة لا استثناء”.

من جهته، قال رضوان الرمضاني، مدير المحطة الإذاعية “ميدراديو”، إن بعض المؤسسات العمومية، وبعض المسؤولين، بدل أن يبذلوا مجهودات للتحصين الرقمي أمام التهديدات الإلكترونية الخارجية، في ظل الأجواء المتوترة مع الجوار، يصرفون الملايين، وربما أكثر، لتجميل صورتهم وضرب خصومهم، وبالمال العام”. واستطرد: “هؤلاء لا يهمهم لا وطن ولا استقرار، تهمهم مصالحهم ومناصبهم، وقد حان الوقت لفضحهم، وفضح حساباتهم الضيقة”.

وأبرز الإعلامي المغربي أنه “ليس مقبولا أبدا أن تتعرض مواقع رسمية مغربية، بسهولة، لعمليات قرصنة، رغم كل المجهود المالي الذي يُبذل على رقمنة وتحديث الإدارة، وكثرة الصفقات المتعلقة بهذا المجال”، مؤكدا أن “تحصين المجال الرقمي جزء من تحصين السيادة الوطنية، لذلك فالأمر ليس ترفا ولا لعبا ولا تسلية” وفق تعبيره.

وتساءل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، عن التدابير التي اتخذتها مؤسسة الضمان الاجتماعي، وكذلك مختلف الإدارات العمومية بالمغرب حتى لا يتم تكرار ما وقع.

فيما انبرى تقنيون ومتخصصون في مجال الأمن الرقمي، إلى تحذير المواطنين المغاربة من مغبة البحث عن الملفات والمعطيات المسربة ما يمكن أن يجعلهم ضحية للتصيد والاختراق بدورهم، مؤكدين أن الروابط المتاحة التي تضم عشرات الآلاف من الوثائق، ليست آمنة وأنها ملوثة بفيروسات.

الصحافي يوسف بلهيسي استحضر في تدوينته قرار إدارة الدفاع الوطني في يناير 2023 القاضي بتحيين التوجيهات الوطنية لأمن نظم المعلومات، مع منح الإدارات العمومية مهلة ستة أشهر لتنفيذها، متسائلًا عمن التزم فعليًا بهذه التوجيهات ومن لم يلتزم. وكتب قائلاً: “مع توالي الساعات، يبدو أننا بصدد أكبر عملية قرصنة للمعطيات في تاريخ البلاد، في انتظار توضيحات الجهات الرسمية”.

من جانبه، أبدى الإعلامي مصطفى الفن حذرًا في التعامل مع ما وصفه بـ”ما يروّج على بعض تطبيقات التراسل الفوري وحتى على الفيسبوك”، مشيرًا إلى أن هذه الأنباء ـ في حال صحتها ـ تكشف حجم التفاوت الصارخ داخل الوظيفة العمومية بين من يتقاضون أجورًا زهيدة لا تليق بالكرامة الإنسانية، وآخرين ينعمون بأجور فلكية دون مردودية واضحة. وختم تدوينته قائلا: “كان الله في عون آلاف المغاربة المنسيين في الحوز وطاطا وغيرهما. وإذا ثبت اختراق بيانات مؤسسات الدولة، فإن الأمر يستوجب اللجوء إلى آخر الدواء، وهو الكيّ، بإعفاء كل مسؤول عن هذا الانفلات الرقمي”.

الصحافي نور الدين اليزيد كان من بين أكثر المعلقين تشدّدًا، معتبرًا أن “ما يروج من وثائق ومعطيات شخصية للمغاربة وللمؤسسات المستهدفة من قِبل هاكرز جزائريين، إن ثبتت صحته، يعدّ أمرًا خطيرًا جدًا”. وطالب بفتح تحقيق عاجل بأمر من الملك نفسه، نظراً لفقدان الثقة في باقي مؤسسات التحقيق. كما دعا إلى مساءلة ومحاسبة المسؤولين عن المنصات الرقمية المستهدفة، وعلى رأسهم إدارة الدفاع الوطني والأمن الوطني، متسائلًا عن نجاعة أجهزتهم المكلفة بالأمن السيبراني. وكتب اليزيد: “لسنا اليوم بصدد مناقشة الأجور السمينة التي تم فضح بعض المستفيدين منها، ولكننا أمام حرب حقيقية تفرض علينا الوقوف بمروءة وبجرأة لتحمّل المسؤولية، والاعتراف بأن ما حدث سقطة لا تُغتفر”.

أما الباحثة نادية أبكري فقد اختزلت المشهد بتدوينة مقتضبة تنبّه فيها إلى التحولات الجيوسياسية للعالم الرقمي، معتبرة أن ما يجري هو تجلٍّ واضح لما سمّته “الحروب السيبرانية”، داعية الأجيال المغربية الصاعدة إلى التوجه نحو علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي كأدوات سيادية لحماية الوطن.

وفي تدوينة ساخرة، عبّر المدون فيصل الحلو عن حيرته بين الحزن لاختراق الأمن السيبراني المغربي، والفرح لأن هذا الاختراق كشف المستفيدين من الريع والامتيازات داخل الدولة. وعبّر بلهجة ساخرة عن صدمته من ضخامة الأجور المسربة، مؤكدًا أن هذه التسريبات تفسّر أسباب العجز المالي وارتفاع كتلة الأجور في الميزانية العامة.

اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس