هلوسات علي لمرابط تكشف أسرار حول عبد اللطيف حموشي

4
هلوسات علي لمرابط تكشف أسرار حول عبد اللطيف حموشي
هلوسات علي لمرابط تكشف أسرار حول عبد اللطيف حموشي

أفريقيا برس – المغرب. اندلعت قضية تتعلق بالجرائم الإلكترونية في إسبانيا، لا علاقة لها بالمغرب من قريب أو بعيد. لكن ذلك لم يكن ليمنع علي لمرابط، الباحث عن الإثارة بأي ثمن، من اعتبارها فرصة جديدة لمهاجمة عبد اللطيف حموشي. عبر تحريف الوقائع، وإحياء ملفات قديمة تم طيّها، وتوجيه اتهامات عبثية، يحاول لمرابط إعادة تدوير وهم قديم: النيل من سمعة مدير الأمن المغربي، أو على الأقل محاولة ذلك. إنها مناورة مكشوفة تستحق التفكيك.

القضية تهز إسبانيا، وليس المغرب. ومع ذلك، وجد البعض ممّن نفدت ذخيرتهم فرصة لاستغلالها في خدمة هوسهم القديم: مهاجمة عبد اللطيف حموشي، المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. الذريعة؟ اعتقال فرانثيسكو مارتينيث، كاتب الدولة السابق في الأمن بإسبانيا، في قضية تتعلق بتبييض الأموال والجرائم الإلكترونية. أما الرابط مع حموشي؟ لا يوجد. لكن بالنسبة لعلي لمرابط، الذي تحول إلى « يوتيوبر » تائه، تبدو الحقيقة مملة أكثر من اللازم، فيلجأ إلى لوي عنقها، كما فعل علنًا على منصة X.

1. L’ancien secrétaire d’État à la Sécurité, Francisco Martínez, le n° 2 du ministère de l’intérieur espagnol qui avait aidé en 2014 le patron de la DST🇲🇦, Abdellatif Hammouchi, à fausser compagnie à la police française après une plainte déposée à Paris pour “torture”, et… pic.twitter.com/tuJhgHn4Qw

— Ali Lmrabet علي المرابط (@Alilmrabet) May 30, 2025

في هذيانه، يرى « الصحفي السابق » في هذه القضية فرصة مثالية لمهاجمة حموشي، الذي يبدو أنه عقدة مستمرة في ذهنه. حموشي يُجسد ما لا يطيقه خصومه: النزاهة، الكفاءة، الاحتراف، الحداثة، والوفاء للوطن. وهي كلها صفات يرفضها لمرابط و« رعاته » الجزائريون. فلا مجال للخطأ هنا: النظام الجزائري، على الأرجح مقابل دعم مالي دوري، استأجر لمرابط ليهاجم المؤسسات المغربية بشكل منهجي، ويكيل المدائح لحكام الجزائر كلما سنحت الفرصة. ومن يتصفح منشوراته العبثية، سيلمس بوضوح أثر الجارة الشرقية.

إقرأ أيضا: حموشي يكشف من موسكو عن الوجه الجديد للإرهاب الدولي

أما تفاصيل القضية الإسبانية، فهي واضحة تماما. فرانثيسكو مارتينيث، المحامي والمسؤول السابق في حزب الشعب، يُشتبه في مساعدته للهاكر المعروف بلقب « ألكاسيك » (خوسيه لويس هويرتاس) على تبييض أموال عبر شركات وهمية. وقد أُوقف هذا الأخير رفقة ثلاثة آخرين، من بينهم اليوتيوبر ألفارو مارتين، بعد أن أنشأ منصة غير قانونية تُدعى « أوديات »، متخصصة في بيع بيانات مسروقة من قواعد بيانات قضائية وإدارية. إنها فضيحة حقيقية تسلط الضوء على علاقات مشبوهة بين مجرمي الإنترنت وبعض الدوائر السياسية الإسبانية. لكن ما علاقتها بالمغرب؟ لا شيء على الإطلاق.

فرانثيسكو مارتينيث، كاتب الدولة السابق في الأمن بإسبانيا

ورغم ذلك، لا يتردد علي لمرابط، في حركة بهلوانية ذهنية، في محاولة ربط المسؤول الإسباني السابق بالأزمة الدبلوماسية بين فرنسا والمغرب سنة 2014. ويذهب إلى حد الادعاء بأن فرانثيسكو مارتينيث ساعد حموشي، الذي كان حينها على رأس الاستخبارات المغربية، على « الفرار » من الشرطة الفرنسية التي توجهت يوم 20 فبراير 2014 إلى مقر إقامة السفير المغربي بباريس لتبليغه استدعاءً قضائيًا. هذه القضية، التي فُبركت حينها بناء على شكاوى من منظمة ACAT (حركة المسيحيين من أجل إلغاء التعذيب)، كانت تستهدف حموشي في سياق سياسي بامتياز.

🇲🇦🇫🇷 «Sans le travail du Maroc, la France serait moins sûre. Nous savons compter sur une justice marocaine très à l’écoute de la sécurité des Français.»

«Je tiens à remercier la justice marocaine pour son professionnalisme.»

— Gérald Darmanin, ministre français de la Justice pic.twitter.com/MFTSLvXWQO

— Le360 (@Le360fr) March 10, 2025

لكن هناك ثغرة أساسية في رواية لمرابط: لا يمكن « الفرار » من مكان ما لم تكن فيه أصلًا. وهنا يكمن الخطأ الفادح — أو بالأحرى الكذبة الفاضحة. فعبد اللطيف حموشي لم يكن في فرنسا في ذلك اليوم. بل كان، كما أكدت مصادر موثوقة، في مكتبه بالرباط يوم 20 فبراير 2014، كما أفاد موقع Le360 آنذاك.

إقرأ أيضا: حموشي يجري سلسلة اجتماعات بمدريد لتوسيع مجالات التعاون الأمني مع إسبانيا وألمانيا

المسؤول المغربي الوحيد الذي كان حاضرًا في باريس في ذلك اليوم هو محمد حصاد، وزير الداخلية آنذاك، رفقة خالد الزروالي، وذلك لحضور اجتماع أمني مع نظرائهم الفرنسيين والإسبان والبرتغاليين. وكان موضوع الاجتماع هو الهجرة، ولا علاقة له على الإطلاق بعبد اللطيف حموشي.

لكن علي لمرابط لا يعبأ بالحقائق. فبالنسبة له، لا بد من إرضاء أوهام مموليه الجزائريين واستغلال كل ما هو متاح، حتى ولو تطلب الأمر ترويج أكاذيب فاضحة حول عملية « تهريب » مزعومة جرت « بسرية تامة » على يد إسباني لم يكن له أي دور من هذا النوع أصلًا.

علاوة على ذلك، فإن رجال الشرطة الفرنسيين الذين أوفدوا إلى مقر إقامة السفير لم يكونوا يحملون أي أمر بالاعتقال، بل كانت مهمتهم تقتصر على تسليم استدعاء. وهي خطوة عدائية دبلوماسيًا، وتشكل انتهاكًا صريحًا للأعراف الدولية، التي تقتضي وجود الشخص المعني فعليًا. هذا الخرق للإجراءات دفع بالسفارة المغربية في فرنسا إلى إصدار بيان علني، وصفت فيه هذه الخطوة بالعبثية والسيئة الإعداد والتي تخفي نوايا مبيتة.

وقد جاء في البيان حينها أن السفارة المغربية في فرنسا « تُعرب عن اندهاشها من عبثية هذه القضية، سواء على مستوى الإجراءات المتبعة أو على مستوى الملفات القضائية المثارة »، مضيفًا أن « انتهاك القواعد والأعراف الدبلوماسية العالمية، وعدم احترام الاتفاقيات بين البلدين، يثير العديد من التساؤلات حول الدوافع الحقيقية لهذه القضية والجهات التي تقف وراءها ». كما أشار البيان إلى أن « الحضور الأمني الكثيف جاء في لحظة غريبة، بالتزامن مع اجتماع وزير الداخلية المغربي في مقر الإقامة مع عدد من الصحفيين ».

وتوالت بعدها التطورات المعروفة: استدعاء السفير الفرنسي في الرباط، واسترجاع شكيب بنموسى، وتجميد التعاون القضائي بين البلدين، إلى أن قامت العدالة الفرنسية بحفظ الملف نهائيًا. وكأنها أرادت طي صفحة هذه الفضيحة الدبلوماسية، فقد قدّمت فرنسا نوعًا من الاعتذار غير المباشر. ففي 14 فبراير 2015، وبعد مرور عام تقريبًا على الواقعة، أعلن وزير الداخلية الفرنسي آنذاك، برنار كازنوف، عن تقليد عبد اللطيف حموشي وسام جوقة الشرف برتبة ضابط.

لكن البعض يفضل النسيان. فعلي لمرابط، على عادته، يستمر في نسج قصص خيالية لتبرير الأموال التي يتلقاها من الجزائر. محاولاته المتكررة لتشويه صورة المغرب ومؤسساته باتت أشبه بمسرح دمى مهترئ، يعكس الهوس الأعمى ذاته الذي يميز ممولي الحملات الجزائريين ضد المغرب. والطريقة نفسها تتكرر: التشويش، ولكن بنجاح محدود.

إقرأ أيضا: البسيج ومديرية حموشي.. عيناَ المغرب اللتان لا ينامان وجداره المنيع أمام المخططات الإرهابية

وآخر « سبق صحفي » افتُعل في هذا السياق، جاء مباشرة بعد النجاح اللافت لمشاركة رئيس المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في الدورة الثالثة عشرة للقاء الدولي لكبار مسؤولي الأمن، الذي انعقد في موسكو من 27 إلى 29 ماي. هذا النوع من الاعتراف العالمي يثير الضيق، وهذا أمر طبيعي. فمن البديهي أن التميز الدولي يخلق الغيرة، سواء تعلق الأمر بأجهزة الأمن المغربية التي باتت خبرتها معترفًا بها عالميًا، أو بشخص حموشي الذي قدّم، في عشر دقائق فقط، درسًا حقيقيًا حول الوضع الأمني العالمي.

في المقابل، فإن العربية الركيكة أو الفرنسية الملتوية لبعض ضباط الجزائر لا ترقى إلى مستوى المنافسة. وعندما نعلم أن الجزائر شهدت منذ 2020 تعاقب سبعة مدراء على رأس الاستخبارات الخارجية، وخمسة رؤساء على جهاز الاستخبارات الداخلية، فإن هذا يكشف عن هشاشة مقلقة في أجهزتها، ويجعل من استقرار وكفاءة المخابرات المغربية مصدر إزعاج وحسد.

وعندما لا يعود لدى خصوم حموشي ما يواجهونه به، يلجأون إلى التشويه والكذب. لكن اللافت هذه المرة هو ضآلة مستوى الأكاذيب المطروحة. محاولات باهتة، أشبه بالألعاب النارية الفاشلة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس